يرفع صوته طالباً من العاملين في الموسم الانتشار داخل الأرض، ويحدد لهم بإشارة يدوية (معلومة بينهم) الحجم المناسب للثمرات التي يجب عليهم قطفها، ثمّ ينبّههم إلى ضرورة اليقظة الجيدة في أثناء التنقل بين أشتال الفراولة، لكونها لا تزال في مرحلة نموها البادئة، وسريعاً يمرّ الوقت المخصص للقطف لينتقل الجميع إلى مرحلة فرز الحبّات وتجهيزها للتسويق.
جودة عالية
يقول أبو خوصة إن "هذا العام قد يكون مختلفاً من ناحية حجم الإنتاج ونوعيته، خاصّة أنّ الموسم الماضي كان مليئاً بالخير على مزارعي الفراولة، الذين استمر تصديرهم للمحاصيل حتّى نهاية شهر مارس/ آذار، وهذا أمر غير معهود، ولا سيما منذ فرض الحصار الإسرائيلي عام 2006م".
ويشير إلى أنّه زرع هذه السنة مساحة تزيد على ثمانية دونمات بالفراولة (الدونم ألف متر مربع)، سبعة منها بالطريقة التقليدية (الأرضية) وواحد فقط بالمُعلقة، لافتاً إلى أنّ مزرعته كانت من بين المزارع الأولى التي انفردت باستخدام التقنيات الحديثة (الدفيئات المعلقة) في قطاع غزة.
وتزرع الفراولة "المعلّقة"، في أحواض مرتفعة، وليست على الأرض، كما في الزراعة التقليدية.
ويضيف:" الاتجاه للزراعة المعلّقة زاد من معدل الإنتاج، فالدونم الواحد المزروع بالطريقة الحديثة، يعطي كمية تزيد على ثلاثة أضعاف الزراعة التقليدية".
ووفقاً لحديثه، فإن لتربة أراضي بلدة لاهيا ومناخها خصائص تميّز التربة عن باقي الأماكن الفلسطينية، وهي الأفضل لزراعة الفراولة، وما ينتج منها يتمتع بجودةٍ عالية ومذاق لذيذ.
خوف من الخسارة
ومع بداية الأسبوع الحالي بدأ أبو خوصة بجني الفراولة وشحنها إلى مدن الضفة الفلسطينية المحتلة، حيث إنّ وزارة الزراعة كانت قد طلبت منهم عيّنات للفحص، وبعد اختبار مدى جودتها، حُدِّد المعدل اليومي لعدد الشاحنات المسموح لها بمغادرة القطاع من قِبل الجانب الإسرائيلي.
وعن الأسعار، سرد المزارع الأربعيني أنّ سعر الكيلو الواحد محلياً يكون عادةً في بداية الموسم نحو 10 شواكل (الدولار: 3.5 شواكل)، وينخفض تدريجاً ليصل في وقت الذروة إلى 4 شواكل.
وأوضح أنّ البيع المحلي لا يغطي تكلفة الإنتاج الأساسية، مضيفاً:" إذا لم تستمر عملية التصدير فسنتعرض لانتكاسة وخسارة كبيرة".
ويلفت إلى أنّ المزارعين في بلدته هم الأقدر على إنتاج المحصول بمواصفات عالمية، لم يتمكن كثيرون من الوصول إليها في دولٍ مختلفة، وذلك على الرغم من امتلاكهم لإمكانات تقنية عالية تفوق تلك الموجودة في غزة.
ويرجع السبب في تلك الثقة التي تحدث بها أبو خوصة، "إلى الخبرة الطويلة التي اكتسبها المزارع الفلسطيني على مدار السنوات".
وينبّه إلى أنّ المساحات المزروعة، توفر فرص عمل لكثير من الشباب خلال موسم الحصاد، إذ إنّ الدونم الواحد يحتاج لأربعة عاملين على الأقل، مؤكّداً أنّ ذلك يساهم في الحد من معدلات البطالة المرتفعة في قطاع غزة، التي وصلت وصلت بحسب آخر البيانات الصادرة عن مركز الإحصاء الفلسطيني إلى 53 بالمائة، فيما بلغت في صفوف الشباب نحو 67 بالمائة.
ازدياد المساحة المزروعة
من جهته، ينوّه المتحدث باسم وزارة الزراعة في غزّة أدهم البسيوني، إلى أنّ إسرائيل، طوال 12 عاماً، وهي عمر حصارها المفروض على القطاع، حاولت التحكم بحركة التصدير لمنتج الفراولة بشكلٍ خاص، لأنّها تعلم أنّه من المحاصيل المميزة التي تخرج إلى دول أوروبا ومدن الضفة المحتلة.
ويضيف البسيوني أنّ موسم قطف الفراولة يبدأ في أوائل شهر ديسمبر/ كانون الأول ويستمر حتّى نهاية مارس/ آذار، مشيراً إلى أن "المساحة المزروعة هذا العام في مناطق القطاع، تبلغ نحو 1700 دونم، ومتوقعاً أن يزيد إنتاجها على 5 آلاف طن، وحصة التصدير منها تبلغ قرابة النصف، فيما تستهلك السوق المحلية الباقي.
وتلك الأرقام أعلى من المسجلة في السنة الماضية، كما يذكر البسيوني، ويرجع السبب في ذلك إلى شبه الانتظام الذي تشهده عملية التصدير إلى الخارج، مبيّناً أنّ إنتاج الفراولة بدأ في قطاع غزّة منذ منتصف القرن الماضي، ويعتبر محصولها من الروافد المهمة للدخل المحلي.
(الأناضول)