توّج "إمبراطور صناعة السيارات" كارلوس غصن فضائحه في نهاية العام 2019، مع هروبه من اليابان إلى لبنان، تاركاً خلفه الكثير من الاتهامات التي تبدأ بالفساد ولا تنتهي عند حدود الاختلاس.
هكذا، استفاقت طوكيو في العام 2020 على صدمة، من عملية هوليوودية أدت إلى تسلل غصن من أراضيها إلى تركيا وصولاً إلى بيروت، حيث لا يوجد أي معاهدة لتبادل السجناء مع اليابان.
وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان نقلا عن المديرية العامة للأمن العام أن غصن دخل البلاد بطريقة شرعية ولا يوجد ما يستدعي اتخاذ إجراءات قانونية بحقه. وأوضحت وزارة الخارجية أن لبنان ليس لديه اتفاقية تعاون قضائي مع اليابان، ما يؤشر إلى صعوبة إعادته إلى طوكيو لاستكمال محاكمته.
والصدمة لم تلف طوكيو وحدها، إذ أصبح هروب غصن حديث الشارع اللبناني الذي يخوض انتفاضة ضد النظام على خلفية استفحال قضايا الفساد وهدر الأموال العامة وصولاً إلى دخول هذا البلد في أزمة نقدية خانقة أدت إلى تراجع سعر صرف الليرة بنسبة 41% في العام 2019.
وتناقلت وسائل إعلام لبنانية خبر التقاء غصن برئيس الجمهورية ميشال عون فور وصوله إلى بيروت، في حين نفت مصادر أخرى هذا الخبر. إلا أن توقّع هذا الاجتماع له خلفياته المرتبطة باندفاع وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل (صهر الرئيس عون) في نهاية 2018 إلى الوقوف إلى جانب غصن خلال المرحلة الأولى من محاكمته، حيث أعطى توجيهاته لسفير لبنان في طوكيو نضال يحيى، بضرورة متابعة قضية غصن واللقاء به للاطلاع على حاجاته والتأكد من سلامة الإجراءات المتخذة والحرص على توفير الدفاع القانوني له.
وكانت قضية غصن بدأت في نهاية العام 2018، بعدما كان قد اكتسب شهرة بعد إعادة هيكلته مجموعتي "رينو" و"نيسان" منذ نهاية التسعينيات، عندما هبّت "رينو" لنجدة مصنع السيارات الياباني عام 1999 وكلفت غصن خفض التكلفة والوظائف في عملية ضخمة لإعادة هيكلة الشركة. وكان غصن يتولّى منصب رئيس مجلس إدارة "نيسان" والرئيس التنفيذي لشركة "رينو"، كما كان يقود التحالف بين "نيسان" و"رينو" و"ميتسوبيشي".
ويواجه غصن العديد من الاتهامات بحسب وسائل إعلام يابانية، أولها أنه قلّل بيانات دخله بنحو 71 مليون دولار. كما يشتبه أيضاً بأن غصن لم يبلغ عن تحقيق أرباح بقيمة 4 مليارات ين من خلال حقوق ارتفاع قيمة الأسهم، وهي طريقة تمنح الشركات مكافأة على الأرباح القوية.
وكذا، اتهم غصن بأنه استخدم أموالا لنيسان لدفع تبرع لجامعة ابنته، كما أجرى رحلات عائلية من أموال الشركة. أيضاً حَمّل غصن خسائر استثمارات شخصية تكبدها إبان الأزمة المالية في 2008 لشركة نيسان كي لا يمنى هو نفسه بخسائر بحوالي 15 مليون دولار. وأيضاً، أعلن التلفزيون الياباني الرسمي "إن إتش كي" أن نيسان دفعت "أموالا هائلة" لتزويد غصن بمنازل فخمة في ريو دي جانيرو وبيروت وباريس وأمستردام بدون "وجود أي مبرر مشروع يتعلق بالأعمال". كما دفع كارلوس غصن لاثنين من معارفه في لبنان وسلطنة عمان 48 مليون دولار من أموال شركة "نيسان".
وأعلنت "فرانس برس" أيضاً، أنها تمتلك وثائق تؤكد أن مديرة تنفيذية لدى شركة "رينو" الفرنسية كانت مقربة من غصن، حصلت على دفعات بلغ مجموعها قرابة 500 ألف يورو (580 ألف دولار)، إضافة إلى راتبها على مدى سنوات من أموال "نيسان". كذا، اتهمت مجموعة "نيسان" اليابانية غصن بتلقي نحو 8 ملايين يورو كـ"دفعات مخالفة للأصول"، من شركة مقرها هولندا، مهددة بملاحقات لاستعادة الأموال.
وتم احتجاز غصن من 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2018 حتى مارس/ آذار 2019، وخرج من سجنه بعدما دفع كفالة بقيمة 8.9 ملايين دولار. ليعود ويدخل بقرارات قضائية، وصولاً إلى إبريل/ نيسان الماضي، حين خرج بعد دفعه كفالة مالية ثانية تبلغ 500 مليون ين (4.4 ملايين دولار)، مع إرجاء محاكمته من سبتمبر/ أيلول، إلى العام 2020.
وقالت صحيفة يوميوري شيمبون اليابانية الأربعاء، إن "الهرب عمل جبان يهزأ من النظام القضائي الياباني"، واعتبرت أن غصن "خسر فرصة إثبات براءته والدفاع عن شرفه"، في حين قال الاخير أنه هرب من "الاضطهاد".
Twitter Post
|