تعوّل حكومة السودان على المجمعات الاستهلاكية من أجل تخفيف حدة الغلاء الذي ضرب مختلف السلع الضرورية، ما فاقم الأعباء المعيشية للمواطنين.
وبدأت وزارة التجارة والصناعة مراجعة القوانين والتشريعات التجارية لضبط الأسواق وحماية المستهلك ومراجعة قانون التعاون تمهيداً لرفعه للجهات المختصة، وتكوين لجنة اتحادية للإشراف ومتابعة ضمان وصول السلع من المصانع التي تحدد لها نسبة 30 بالمائة من إنتاجها للتعاونيات.
وحسب خطط الوزارة، سيكون التركيز على تخفيف أسعار السلع الأساسية، منها السكر والدقيق والعدس والصابون واللبن، لتكون بسعر المصنع، وأن يكون ثلثا الإنتاج بسعر السوق يوزع على التعاونيات، وإعفاء رسوم العبور والالتزام برسوم ترحيل السلع للتعاونيات.
ويرى مختصون أن تنشيط التعاونيات يحسم فوضى الأسواق وآلية مناسبة لمحاربة السماسرة والوسطاء الذين تسببوا في ارتفاع الأسعار، إلا أنهم أكدوا على مواجهة التعاونيات العديد من العقبات التي تعرقل عملها.
ووجّه الأمين العام للاتحاد التعاوني، زاكي الدين بلال، في حديثه لـ"العربي الجديد"، انتقادا للحكومة السابقة وإهمالها لدور وزارة التجارة والتعاونيات.
وأكد بلال على بيع النظام السابق عددا من الأصول التعاونية من دون وجه حق، مشددا على ضرورة مساندة الحكومة الانتقالية للحركة التعاونية للنهوض بها وتوفير كافة المعينات لها.
وأشارت إحصائيات وزارة التجارة والصناعة إلى وجود أكثر من 20 ألف جمعية تعاونية استهلاكية وإنتاجية بالسودان، معظمها متعطل، بينما هناك 1070 جمعية تعمل على تخفيف أعباء المعيشة.
وكان وزير الصناعة والتجارة، مدني عباس مدني، أكد أن الحكومة السودانية ليست لديها المقدرة على مجابهة الأوضاع الاقتصادية التي وصفها ببالغة التعقيد، مشيرا إلى أن التعاونيات ستكون قاطرة لتحقيق التنمية المتوازنة اقتصاديا واجتماعيا.
وشدد الوزير في ندوة عقدت مؤخرا، على أهمية استعادة الحركة التعاونية دورها الإنتاجي في تخفيف أعباء المعيشة على المواطنين بجانب محاربة الجشع. وقال: "واحد من أهداف الوزارة المهمة هو دعم الحركة التعاونية"، مشيرا إلى جهدهم المتواصل لتخفيف أعباء المعيشة عن المواطنين عبر المجمعات الاستهلاكية التابعة لهم. وطالب بإعداد مشروعات تعاونية بالاستفادة من الميزة النسبية التي تتمتع بها عدد من الولايات.
ومن جانبه، يقول الخبير الاقتصادي، التجاني حسين، لـ"العربي الجديد": إن الحكومة الجديدة مواجهة بتركة ثقيلة من الانهيار والفوضى في كل مجالات الاقتصاد الوطني. ويرى أن الحل يكمن في المعالجة الجذرية لتلك المشكلات، موضحا أن الشارع بحاجة إلى حل إسعافي عاجل لمواجهة فوضى الأسعار الناجمة عن عدم وجود رقابة على الأسواق.
وحمّل المسؤولية للنظام السابق الذي انتهج سياسة التحرير الاقتصادي أدت إلى فوضى. وأضاف حسين أن المواطن مجبر على شراء السلعة بالسعر الذي يحدده البائع، وهي سلع لا توجد فيها مرونة في الطلب ولا بديل آخر أمامه.
وقال: إذا كانت الأسعار في ظل السنتين الأخيرتين من نظام البشير قد تضاعفت، إلا أنه خلال الفترة منذ سقوط النظام في إبريل/نيسان الماضي حتى الآن قد شهدت الأسعار انتفاخا بالونيا، يحتاج إلى تنفيس سريع بقرارات حازمة وعاجلة.
وقال مدير الإدارة العامة للاقتصاد وشؤون المستهلك في الخرطوم، عادل عبد العزيز، إنه في حال التزم المنتجون والمصانع بمؤشر الأسعار المقترح سيكون هناك استقرار لمدة 6 أشهر في الأسواق، مما ينعكس على خفض التضخم بصورة ملحوظة.
وأكد عبد العزيز، في تصريحات صحافية، مؤخرا، أن السماسرة هم سبب رئيسي في ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم، مطالباً بنظام محكم لعملهم داخل الأسواق.
وأكد وجود أكثر من ألفي جمعية تعاونية بولاية الخرطوم وحدها أغلبها جمعيات استهلاكية، إلا أنه يقول إنها غير قادرة على العمل بطريقة عادية في ظل الأوضاع الاقتصادية الموجودة حاليا في البلاد، مرجعا ذلك إلى التشوهات الاقتصادية في السوق.
يُذكر أن وزير المالية السوداني، إبراهيم البدوي، أعلن، في سبتمبر/أيلول الماضي، برنامجا إسعافيا للاقتصاد مدته 200 يوم، يقوم على خمسة محاور، أبرزها تثبيت أسعار السلع الأساسية، وإعادة هيكلة الموازنة، ومعالجة البطالة، وسط مخاوف في الشارع من تكرار الفشل، كما حدث في تجارب الحكومات السابقة. وتضمّن البرنامج أيضا إطلاق مشاريع محددة في موازنة 2020 لعمل قيمة إضافية لقطاعات اللحوم والحبوب الزيتية ودعم القطاع الخاص المنتج، خاصة المنشآت الصغيرة والمتوسطة.