لطمة جديدة لقطاع الأعمال بعد رفع البنك المركزي للفائدة في مصر

08 يوليو 2017
رفع الفائدة لم يفلح في السيطرة على التضخم(فرانس برس)
+ الخط -
لم يكد القطاع الخاص ورجال الأعمال في مصر يفيقون من صدمة رفع أسعار الفائدة 200 نقطة أساس في مايو/ أيار حتى وجّه لهم البنك المركزي، يوم الخميس، لطمة يرى بعضهم أنها قد تكون شبه قاضية بزيادة تكاليف الاقتراض 200 نقطة أساس أخرى.
وصف البنك المركزي قراره "بالمؤقت" وأنه يستهدف السيطرة على التضخم السنوي والوصول به إلى مستوى في حدود 13% في الربع الأخير من 2018.
قفز التضخم السنوي في المدن المصرية إلى أعلى مستوى له في ثلاثة عقود، بعد قرار تعويم الجنيه في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وسجل 31.5% في إبريل/ نيسان، ثم تراجع قليلاً في مايو/ أيار إلى 29.7%. لكن قرارات تقليص دعم الوقود التي صدرت الشهر الماضي تنبئ بتجدد المسار الصعودي لمعدلات التضخم في الأشهر المقبلة.

وقال حسام أبو العينين، الرئيس التنفيذي لشركة سيديكو للأدوية لوكالة "رويترز"، معلقاً على قرار رفع الفائدة "سيكون له تأثير مدمر على الصناعة وقطاع الأدوية. تكلفة الاقتراض زادت وأسعار الطاقة ارتفعت وأسعار الدواء يتم تسعيرها جبرياً ولا يمكن تحريكها إلا بقرار وزاري". وتابع "أتوقع حدوث نقص في الأدوية الفترة المقبلة. الشركات الأجنبية لن تتحمل... هذه الشركات كم تكسب حتى تستطيع تحقيق أرباح في ظل الأسعار الحالية؟ لا يوجد مستثمر سيفكر بالاستثمار بتلك الأسعار".
ورفعت مصر أسعار الوقود في نوفمبر/ تشرين الثاني ثم زادتها مجدداً في نهاية يونيو/ حزيران، في وقت ما زال المصريون يحاولون التكيف فيه مع موجة غلاء فاحش، وقد يخفف رفع الفائدة الضغوط عن الأفراد لكنه قاتل للشركات.
وقال شريف الجبلي، الرئيس التنفيذي لشركة أبو زعبل للأسمدة والكيماويات، "المشروعات الصناعية الجديدة سيكون من الصعب تنفيذها في ظل الأسعار المرتفعة للفائدة".
وقال أشرف الجزايرلي، رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية، للوكالة ذاتها، إن "القرار سيحدث شللاً في الاستثمارات. يندر وجود دراسات جدوى يمكنها تحقيق مثل هذه الفائدة أو تحقيق ربح بعد دفع فوائد بهذة النسبة، وبالتالي ستتوقف الاستثمارات في القطاع. تكلفة التمويل سيكون لها تأثير سلبي على طلبيات التصدير وعلى عنصر التكلفة، ما سيؤدي إلي عدم تنافسية أسعار المنتجات المصرية... المصانع ستحاول تقليل التكلفة وحجم العمالة وكمية الخامات لتتناسب مع الانخفاض في الطلب وإلا ستتكبد خسائر أكثر تؤدي لإغلاق المنشأة".
ويبدو أن عدداً من رجال الأعمال بدأوا يفقدون الثقة في نجاعة الإجراءات الاقتصادية لحكومة شريف إسماعيل التي لطالما أشادوا بها من قبل، لكن هاني برزي رئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية والرئيس التنفيذي لشركة إيديتا قال إن "قرار رفع أسعار الفائدة قد يكون إيجابياً في حالة رغبة المركزي في تقوية عملته مقابل الدولار. قد نشهد حالة من الركود المؤقت نتيجة للقرار ولكن قيمة الجنيه سترتفع، ما يجعل الوضع يتحسن بعد ذلك".
وشهد الجنيه المصري ارتفاعات طفيفة في الأيام القليلة الماضية، ليسجل ما بين 17.92 و17.95 جنيهاً للدولار في المتوسط.

وأضاف برزي أن "القطاع الصناعي تضرر بالفعل نتيجة زيادة أسعار الفائدة خلال المرات السابقة. العديد (من الشركات) توقف عن الاقتراض والاستثمار نتيجة الزيادة. نأمل في تحسن قيمة الجنيه وهو ما قد يساهم في تعافي وضع سعر الفائدة".
ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة الأساسية 700 نقطة أساس في أقل من تسعة أشهر ونحو ألف نقطة أساس في أقل من عامين.
وكثيراً ما يخالف البنك المركزي تحت رئاسة محافظه الحالي طارق عامر توقعات المحللين ورجال الأعمال في قرارات أسعار الفائدة.
وعلى العكس من كثير من المصنعين ورجال الأعمال يرى هاني جنينة، الخبير الاقتصادي، أن "قرار رفع الفائدة جاء في وقته تماماً. نمر بثلاث مراحل في طريقنا للإصلاح النقدي والمالي وانتهينا من المرحلة الأول الخاصة بمعالجة التشوه في سعر الصرف، من خلال طريقة الصدمة بتحرير سعر الصرف في نوفمبر/ تشرين الثاني".

وأضاف أن "المرحلة الثانية خاصة بإعادة تراكم الاحتياطي النقدي، والتي تستغرق من عام إلى عام ونصف العام، ثم المرحلة الثالثة، والتي نستهدف فيها تراجع التضخم إلى 13% خلال الربع الأخير من 2018 وحينها سنبدأ في دعم النمو الاقتصادي من جديد".

وزاد احتياطي مصر من النقد الأجنبي إلى 31.305 مليار دولار في نهاية يونيو/ حزيران من 31.125 مليار في مايو/ أيار ومن 16.423 مليار دولار حينما تولى عامر رئاسة البنك المركزي وقبل أن يتخذ كثيراً من قرارات رفع الفائدة.

وتوقع جنينة قيام "البنوك بطرح أوعية ادخارية قصيرة الأجل بفائدة مرتفعة. سنرى نزولاً قوياً لمعدلات التضخم في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل وهو شهر سنة الأساس، بعد تحرير سعر الصرف، وسيكون هذا وقتاً مناسباً للمركزي لتخفيض أسعار الفائدة بشكل قوي أو جزئي".
وطرح عدد من البنوك المحلية أوعية ادخارية بفائدة تصل إلى 20% في نوفمبر/ تشرين الثاني، بعد قرار تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة 300 نقطة أساس.

وقال رجل أعمال مصري يرتكز نشاطه على الاستيراد، طالباً عدم نشر اسمه، "الناس بتلطم في الشارع. لا أحد يعرف إلى أين نحن ذاهبون؟".
وقال محمد بدراوي، عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب، إن "المركزي رفع أسعار الفائدة ست مرات خلال نحو عام ونصف العام، وكان يبرر القرار كل مرة باستهداف التضخم لكنه لم يحقق هدفه في أي من المرات السابقة. رفع الفائدة يؤدي لزيادة تكلفة الإنتاج وارتفاع أسعار السلع وبالتالي لا يحقق الهدف المرجو في تخفيض التضخم".
والاقتصاد المصري ليس في حالة ركود، إذ نما 4.3% في الربع الثالث من السنة المالية الحالية 2016-2017 بعد نمو 3.8% و3.4% في الربعين الثاني والأول على الترتيب.

وقال تامر بدر الدين، الرئيس التنفيذي لشركة البدر للبلاستيك، "القرار سيؤدي لشلل الاستثمار بصفة عامة. القرار سيكون سليماً في حالة وجود تضخم مع زيادة في السيولة لتحفيز الادخار وتقليل نسبة السيولة للحد من التضخم، لكن الواقع هو عدم توافر سيولة لدى الشركات والأفراد نتيجة موجة الغلاء، ما يجعل القرار يخدم المستثمر الأجنبي المضارب في العملة دون العمل على تحفيز الاستثمار وخلق قيمة حقيقية للاقتصاد".
وبلغت استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية نحو 9.8 مليارات دولار في 2016-2017 من 1.1 مليار في 2015-2016.
وقال محمد معيط، نائب وزير المالية لشؤون الخزانة المصري، إن الوزارة لم تأخذ في الاعتبار زيادة أسعار الفائدة 400 نقطة أساس في آخر اجتماعين للبنك المركزي.
وتبلغ مصروفات فوائد الدين 381 مليار جنيه في موازنة 2017-2018.
وأضاف "نتوقع أن يكون قرار رفع الفائدة إجراء مؤقتاً لاستهداف التضخم. نتوقع تراجع معدلات التضخم مطلع 2018، وبالتالي بدء الاتجاه النزولي لأسعار الفائدة".
ويعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والبنك المركزي عن مستويات التضخم خلال يونيو/ حزيران في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
وقال محمد فؤاد، عضو لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب، إن "الموازنة الجديدة للحكومة قد تتكبد نحو 60 مليار جنيه على أقل تقدير على فوائد الديون".
وتساءل ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب، "ما المشروع الذي يمكن أن يتخطى ربحه 20% حتى يستثمر فيه أي رجل أعمال؟". 

(رويترز)
المساهمون