البنك المركزي المغربي يحذّر من السقوط في إملاءات صندوق النقد الدولي

25 سبتمبر 2019
الجواهري رفض رفع التضخم ودعا لتفادي رفع الدين العمومي(الأناضول)
+ الخط -

حذّر محافظ البنك المركزي المغربي عبد اللطيف الجواهري، من خلق الشروط التي يمكن أن تدفع المملكة للخضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي، كما حدث في ثمانينيات القرن الماضي عندما امتثلت لبرنامج التقويم الهيكلي.

وعبر الجواهري، في مؤتمر صحافي أمس الثلاثاء، عن انزعاجه من الدعوات التي ترى أن إخراج الاقتصاد المحلي من حالة الانتظار رهين بتبني سياسة تقوم على تجاوز الحدود التي تقيد حرية التعاطي مع العجز والتضخم.

وأبدى محافظ المركزي المغربي استغرابه من الدعوات التي ترى أنه سيكون من المفيد زيادة معدل التضخم الذي يعتبر ضعيفاً في المغرب، قائلاً: "إذا ارتفع التضخم، ستتأثر القدرة الشرائية للمواطن"، مضيفاً أنه "لا يوجد تضخم جيد عندما يؤدي الشخص من جيبه".

ويعبر الجواهري، الذي كان وزيرا للمالية في الفترة الفاصلة بين 1981 و1986 عندما كان المغرب يطبق وصفات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في إطار برنامج التقويم الهيكلي، عن تطلعه إلى ضرورة تفادي السقوط في التقوم الهيكلي مرة أخرى، مشدداً على أن ذلك سيخضع المغرب لشروط قاسية ومجحفة.

ويتوقع البنك المركزي المغربي أن عجز الموازنة، دون احتساب إيرادات الخصخصة، سيصل إلى 4% في العام الحالي، قبل أن يتراجع إلى 3.8% العام المقبل، في ظل مواصلة تعبئة الإيرادات والتحكم في الإنفاق، في الوقت نفسه الذي يترقب أن يرتفع الدين العمومي، مع اعتزام الحكومة اقتراض 1.1 مليار دولار في العام الحالي.

وكان المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي، أبرز المسؤولين المغاربة الذين دعوا إلى الخروج من الحدود الدوغمائية (الجامدة) التي يرسمها صندوق النقد الدولي، عندما يؤكد على حصر عجز الموازنة عند 3% والتضخم في حدود 2%.

ويتصور أحمد الحليمي أنه يمكن للمغرب السماح بتوسيع مستوى العجز الموازني وتبني تضخم "جيد"، ما يساعد على تنشيط الاقتصاد، مشيرا إلى أنه يمكن اللجوء إلى الدين الخارجي عوض الدين الداخلي المرتفع والذي يشكل عامل إزحة للقطاع الخاص.

يشار إلى أن المغرب حصل من أجل مواجهة الصدمات الخارجية، على خط السيولة والوقاية الذي حصل عليه من صندوق النقد الدولي أخيرا بقيمة ثلاثة مليارات دولار.

ويعتبر ذلك الخط الرابع الذي يمنح للمملكة في الأعوام الأخيرة، غير أن المملكة لم تستعمل ذلك الخط حتى الآن، ما يترك لها هامشا للحركة في مقابل إملاءات الصندوق، وهو ما يتجلى في ما يتعلق بالتعويم، حيث إنه رغم التوصيات بتوسيع دائرة التعويم، إلا أن السلطات تؤكد على أن الوقت لم يحن، وتشدد على ضرورة توفير شروط ذلك.

وعبرت الحكومة في ظل سعيها لبلورة مشروع قانون مالية العام المقبل، عن رؤيتها لما يجب أن تكون عليه الموازنة، حيث تسعى إلى التحكم في الإنفاق العمومي، خاصة في ما يتصل بأجور الموظفين والدعم، بما يساعد على تقليص مستوى العجز الموازني إلى 3%.

لكن من جهة أخرى هناك ضغوط على الحكومة لزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم، والوفاء بتحملات الحوار الاجتماعي، ومستوى نفقات الدعم، التي ستبقى مرتفعة في انتظار وضع السجل الموحد الذي يراد من ورائه تحديد الفئات المستحقة للدعم المباشر.

ويتصور الخبير في المالية العمومية محمد الرهج، أنه في ظل المقاربة الجديدة التي تدمج تحملات الحماية الاجتماعية ومساهمات الدولة في صندوق التقاعد، سيكون من الصعب التحكم في العجز في الحدود التي تحددها الحكومة ويوصي بها صندوق النقد الدولي.

ويؤكد على أنه يفترض توفير الموارد عبر تفعيل الإصلاح الجبائي الذي وضعت خطوطه العريضة في المؤتمر الوطني حول الجباية الذي عقد في مايو/أيار الماضي.

المساهمون