أقر وزير الصحة البريطاني جيريمي هانت، أن الزيادة في تمويل الخدمات الصحية البريطانية "إن إتش إس" لن تكون من أموال بريكست، مناقضاً بذلك تصريحات أدلت بها رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، حول خطتها لإنقاذ القطاع الصحي العام البريطاني.
وقال هانت اليوم الاثنين، إن الأموال التي ستقوم بريطانيا بتوفيرها بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، لا تكفي أبداً لسد الثغرة التي تحتاجها الخدمات الصحية البريطانية والتي تبلغ نحو 20 مليار جنيه إسترليني سنوياً.
وجاءت تصريحات الوزير البريطاني في معرض تعليقه على الخطة التي أعلنت عنها ماي أمس، والتي تقضي برفع تمويل الخدمات الصحية العامة بالاعتماد على عدة مصادر، منها رفع الضرائب إضافة إلى الأموال التي ستتوقف بريطانيا عن دفعها للاتحاد الأوروبي بعد خروجها منه، إلا أن ماي امتنعت عن توفير المزيد من التفاصيل حول مصادر التمويل، مشيرة إلى أنها مسألة ستتم مناقشتها في ميزانية العام المالي المقبل، والتي سيتم طرحها الخريف الآتي.
وكانت ماي قد وعدت برفع ميزانية الخدمات الصحية في إنكلترا بنحو 20 مليار جنيه إسترليني سنوياً بحلول العام 2023، كما تعهدت بتمويل الخدمات الصحية في إسكتلندا بملياري جنيه، ونظيرتها الويلزية بمبلغ 1.2 مليار، إضافة إلى ضخ الملايين من الجنيهات في الخدمات الصحية في إيرلندا الشمالية.
وكانت ماي قد اجتمعت بكل من وزير الصحة، ووزير المالية، فيليب هاموند، ومدير الخدمات الصحية سيمون ستيفنز، يوم الجمعة بهدف مناقشة الأزمة التي يمر بها القطاع الصحي العام البريطاني، وإيجاد حلول لسد العجز الهائل في التمويل، إلا أن الاجتماع انفض من دون الاتفاق التام حول وجود الأموال الضرورية.
وشملت الاقتراحات أن يأتي التمويل من خلال تجميد تخفيض الضرائب الخاصة بالشركات، ومن خلال تجميد عدد من النفقات الحكومية الإضافية ومنها نفقات مساهمات التأمين الوطني، وأيضاً عبر الاستدانة وأموال البريكست.
إلا أن المكتب المختص بتنظيم الميزانية الحكومية في وزارة المالية البريطانية نفى وجود هذه الأموال، نظراً للتراجع الاقتصادي الذي أصاب بريطانيا بعد التصويت لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي قبل عامين.
وبينما ستقوم بريطانيا بتوفير نحو 19 مليار جنيه إسترليني من الأموال التي تدفعها للاتحاد الأوروبي سنوياً، إلا أن تراجع حجم الاقتصاد البريطاني بنسبة 1% سيؤدي إلى انخفاض في عائدات الحكومة الضريبية بنحو 8 مليارات جنيه.
بينما تنبأ بنك إنكلترا بتراجع الاقتصاد البريطاني بنحو 1.5-2.5 %، وهو ما يساوي الأموال التي تتوقع بريطانيا توفيرها من بريكست.
وعلق هانت على البيانات الصادرة عن مكتب الميزانية، والتي يدعمها مختصون اقتصاديون من معهد الدراسات المالية بأنهم "مخطئون"، مضيفا أن "هناك جدلا دائرا بين مراكز الأبحاث حول ما سيجري في النمو الاقتصادي في السنوات الخمس أو العشر القادمة. وأحد الأمور التي يجب أن نتفق عليها هي أن هذه التنبؤات غالباً ما تكون خاطئة"، معتمداً في تفاؤله هذا على المفاجآت التي حققتها رئيسة الوزراء في مفاوضات بريكست حيث نجحت في تفادي السيناريو الأسوأ حتى الآن.
وأضاف أن التمويل سيتم بكل حال وأنه ليس مرتبطاً حتماً بالأموال القادمة من بريكست، مما يعزز من إمكانية رفع الضرائب في حال العجز المتوقع. "إن هذا الالتزام ليس مرتبطاً بهذا الحاصل من النمو الاقتصادي أو ذاك. إننا ملتزمون بدعم الخدمات الصحية العامة في السنوات الخمس القادمة".
ووجه عدد من نواب حزب المحافظين انتقادات لخطة رئيسة الوزراء، مشككين بقدرة الحكومة البريطانية على الوفاء بالتزاماتها. وقالت الطبيبة والنائبة عن الحزب، سارة ولاستون في تغريدة لها على تويتر "إن الوعود بأموال بريكست متوقعة إلا أنها تعامل الجمهور على أنهم أغبياء".
وأضافت ولاستون، وهي رئيسة لجنة الصحة والعناية الاجتماعية في مجلس العموم "إنه من المؤسف أن نرى الحكومة تنساق وراء الحجج الشعبوية، بدلاً من الأدلة في مثل هذه القضية الهامة".
وتعاني الخدمات الصحية البريطانية من عجز مالي، أدى إلى تراجع مستوى خدماتها في السنوات السبع الماضية بسبب إجراءات التقشف التي تتبعها حكومات المحافظين المتعاقبة منذ العام 2010.