بعد 22 عاماً من إدارة وزارة المالية السعودية، سلّم أقدم الوزراء السعوديين الدكتور إبراهيم العساف مفاتيح مكتبه للوزير محمد الجدعان الذي بات مساء أمس الوزير الثالث عشر الذي يتولى هذا المنصب الحساس. وكان العساف قد تولى منصبه خلفاً للوزير محمد أبا الخيل الذي أكمل هو الآخر عشرين عاماً في منصبه.
عاصر العساف ثلاثة ملوك للمملكة العربية السعودية منذ تعيينه في عام 1996 بأمر من الملك الراحل فهد بن عبد العزير، واستمر في منصبة في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، وعامين من عهد الملك سلمان بن عبد العزيز.
غير أن العساف لن يكون خارج المشهد السياسي السعودي، فمازال على الرغم من تركه للمالية، وزير دولة وعضو مجلس الوزراء السعودي.
ولد إبراهيم العساف في مدية عيون الجواء بمنطق القصيم (وسط السعودية) في عام 1949، وهو يحمل درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة ولاية كولورادو في الولايات المتحدة الأميركية في عام 1981، وقبلها كان قد حصل على الماجستير في الاقتصاد من جامعة دنفر في كولورادو في الولايات المتحدة، فيما حصل على البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة الملك سعود في الرياض في عام 1968.
وقبل أن يتم تعيينه وزيراً للمالية عمل مدرساً لمبادئ الاقتصاد في كلية الملك عبد العزيز الحربية، وأيضا كمحاضر زائر في كلية القيادة والأركان، كما عمل رئيس قسم العلوم الإدارية وأستاذا مساعدا لمادة الاقتصاد في كلية الملك عبد العزيز الحربية. وتم تعيينه بعدها مديراً تنفيذياً مناوباً للسعودية في صندوق النقد الدولي حتى عام 1989، بعدها بات المدير التنفيذي في مجالس إدارة مجموعة البنك الدولي للسعودية حتى العام 1995.
وخلال تلك الفترة كان عميداً لمجلس إدارة مجموعة البنك الدولي وتم تعيينه نائباً لمحافظ مؤسسة النقد العربي السعودية.
مكنت تلك الخبرات الطويلة الدكتور العساف من إدارة المالية السعودية في أحلك الظروف، حتى وصل بها لأن تكون واحدة من الدول العشرين الأكبر اقتصاداً في العالم.
ونجح في تلافي العديد من الأزمات المالية التي عصفت بالعالم بدءا من أزمة النمور الآسيوية في أواخر التسعينات، والأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008، في كل مرة كان الاقتصاد السعودي يبحر بحذر وسط العواصف.
كما نجح في توفير أكثر من 820 مليار دولار مستفيداً من القفزات الجنونية لأسعار النفط التي استقرت فوق 100 دولار لأكثر من ثلاث سنوات، وكانت هذه الإيرادات المنقذ للبلد الأكبر إنتاجاً للنفط بعد أن انهارت أسعار النفط أكثر من 60%. بيد أن التحدي الأكبر الذي لم يكمله الدكتور العساف هو قيادة التحول الوطني 2013 الذي انطلق قبل نحو أربعة أشهر.
وكان آخر تصريحات الدكتور العساف التأكيد على أن أسعار النفط لن تعود لمستوى المائة دولار، مشدداً في حوار تلفزيوني نادر على أن: "أسعار النفط لن تعود كسابق عهدها"، مؤكداً على أن مصادر الطاقة تغيرت، ويجب اتخاذ إجراءات جديدة.
كما كانت آخر قراراته التي اعتمدها بحكم منصبه هو فرض ضريبة القيمة المضافة بدءا من عام 2018، وقد كان هو ذاته عراب فكرتها، وهي خطوة يتوقع الخبراء الماليون أن تسهم في تغيير جوهري في حجم الاستهلاك ونوعيته، ولكن في الوقت ذاته ستتسبب في رفع أسعار السلع الاستهلاكية.