قال مسؤولون عراقيون في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة العراقية شكلت لجنة وزارية عليا لبدء التحرك نحو الدول التي تعهدت بتقديم قروض للعراق خلال مؤتمر الكويت، بهدف إقناعها بالإسراع في إجراءات الحصول على المبالغ التي تعهدت بها وتخفيض الفوائد وتقديم تسهيلات في السداد.
وأرجع المسؤولون، الذين رفضوا الإفصاح عن هويتهم، السبب في هذا الإجراء إلى تردي الأحوال المعيشية والإنسانية واتساع رقعة غضب المواطنين في المدن المدمّرة، وعجز الحكومة عن تقديم ما يساهم في حل هذه الأزمة. كما تسعى بغداد إلى الحصول على المنح التي لا ترد من الجمعيات والدول التي تعهدت بها، حسب المسؤولين.
وأبلغ وزير عراقي بارز في بغداد "العربي الجديد"، أن اللجنة الوزارية ستتحرك مع أعضاء في البرلمان وشخصيات سياسية مهمة في المدن المدمرة على الدول العربية والأجنبية التي تعهدت بإقراض العراق أو تقديم منح له للمساعدة في إعادة الإعمار خلال مؤتمر الكويت الشهر الماضي.
وأوضح الوزير، الذي رفض ذكر اسمه، أن اللجان تسعى للتفاوض مع تلك الدول بشأن القروض السيادية وتحويلها إلى ديون اعتيادية، وتخفيض نسبة الفائدة عليها وتمديد مدة السداد وفقا لاتفاقيات ستجري لاحقا، معتبرا أن جميع ما نتج عن مؤتمر الكويت لم يترجم إلى الواقع حتى الآن سواء المنح أو القروض او المساعدات العينية.
وتابع: "سبب هذا التحرك هو الحال المزري للمدن والبلدات المحررة شمال وغرب العراق، كما أن موضوع الانتخابات وقرب انتهاء ولاية الحكومة فرضا تحديا كبيرا استوجب الإسراع في هذا الملف".
وأسدل الستار على مؤتمر إعادة إعمار العراق في الكويت منتصف الشهر الماضي بمشاركة عشرات الدول العربية والأجنبية والجمعيات والمؤسسات تعهدت فيها بأكثر من 30 مليار دولار، غالبيتها عبارة عن قروض، إذ بلغ حجم المنح والمساعدات منها نحو مليار و800 مليون دولار فقط.
واشترطت الجهات المانحة أن تشرف على تنفيذ المنح، وعدم إعطائها للحكومة العراقية بشكل مباشر بسبب مخاوف من آفة الفساد التي تضرب البلاد منذ الاحتلال الأميركي.
وكان العراق يأمل في أن يحصل على نحو 88 مليار دولار، وهي القيمة الإجمالية للخسائر التي ترتبت على احتلال تنظيم "داعش" مدن شمال وغرب العراق، وما تلتها من عمليات عسكرية واسعة للعراق بدعم التحالف الدولي بقيادة واشنطن لتحريرها.
وفي هذا السياق، قال النائب في البرلمان العراقي جبار العبادي لـ"العربي الجديد" إن "مؤتمر المانحين في الكويت تحول إلى مؤتمر مقرضين، ولذلك صار هذا التحرك من قبل الحكومة في محاولة للاستفادة من تلك القروض بما يخدم العراق، لكن بكل الأحوال هذه القروض لم تدرج في موازنة العام الجاري 2018 التي أقرت قبل أيام قليلة".
وأضاف العبادي أن "وعود القروض تحتاج إلى نقاش وتفاوض بين بغداد وهذه الدول، ومعرفة حجم الفوائد االمطلوبة، وفي أي المشروعات ستنفق".
وبحسب البرلماني العراقي، فإن بغداد لم تحصل على أي شيء، ما أسفر عنه مؤتمر الكويت حتى الآن، والموضوع مجرد حديث ووعود، وهذا يحتاج إلى وقت لإنها المفاوضات حول العديد من التفاصيل، كاشفا عن أن التوجه العراقي هو استخدام تلك القروض في المشاريع الاستراتيجية الكبيرة كالبنى التحتية المدمرة وقطاعات التعليم والصحة والطرق والجسور والمياه والطاقة وغيرها".
وتابع: "بحسب ما سمعنا من توجه الحكومة، أنه إذا ما تم الاتفاق على هذه القروض، فإن شركات عالمية تم تسجيلها من خلال الجهات المانحة أو الجهات المقرضة ستدخل لتنفيذها وليس الشركات المحلية العراقية".
إلى ذلك، قال النائب في البرلمان العراقي، صادق عبد الرسول لـ"العربي الجديد إن "القروض السيادية التي أعلنت عنها بعض الدول تضمن بموجبها الشركات المنفذة أموالها من تلك الدولة وليس العراق، وهنا مثلا نذكر قروضا سابقة قدمتها اليابان وبريطانيا والتي حددت المشاريع والشركات المنفذة أيضا".
وأضاف عبد الرسول: "حتى الآن لا توجد البيئة الآمنة المستقرة في مناطق العراق المدمرة المحررة لبدء العمل والاستثمار، لكن يمكن أن تدخل في عملية إعادة الإعمار شركات جريئة مثل التركية والمصرية العراقية".
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي العراقي عبد المطلب أحمد لـ"العربي الجديد" إن "المنح التي حصل عليها العراق حتى الآن لا تكفي لتوفير خدمات مدينة واحدة مثل الموصل، كما أن تخصيص نحو 380 مليون دولار في موازنة العام الحالي لا يكفي لإعمار الجسور المدمرة بالعراق، فكيف بقطاعات السكن التي دمر فيه نحو 200 ألف مبنى سكني كلياً أو جزئياً؟".
وأوضح أحمد أن الفساد يعتبر عاملا محبطا للدول التي ترغب بمساعدة العراق، وعلى الحكومة العراقية أن تمنح ضمانات وتستجيب لأي مقابل قروض إعمار تلك المناطق.