يتوقع محللون أن تدعم التطورات الأميركية الأخيرة ومنها تبرئة الرئيس دونالد ترامب بشأن التدخّل الروسي في الانتخابات الرئاسية في 2016، أسواق المال والعقارات، وخصوصاً أن التبرئة قد تعطي ترامب قدرة أكبر على الضغط على مجلس الاحتياطي الفدرالي "البنك المركزي الأميركي"، لاتباع سياسات نقدية تيسيرية تمنع الاقتصاد الأميركي من الوقوع في دائرة تباطؤ النمو، أو حدوث أي انهيار في سوق المال "وول ستريت"، على الأقل حتى العام 2020.
ويعول ترامب على سوق المال والتوسع الاقتصادي في أميركا لكسب الانتخابات الرئاسية المقبلة والفوز بدورة رئاسية ثانية. وعلى الرغم من المؤشرات السالبة العديدة التي هددت أسواق المال خلال العام الماضي، والتوقعات المتشائمة العديدة بدخول الاقتصاد الأميركي في دورة ركود اقتصادي أو انفجار فقاعة الأسهم العالمية، إلا أن السوق ارتفعت في النهاية وتمكنت من الإفلات من الذبذبات الخطرة التي تعرضت لها في يناير/ كانون الماضي.
ويشير سويت في تقريره الذي صدر حديثاً إلى عاملين وهما، أن الركود الاقتصادي يحدث لسببين، وهما إما عدم التوازن في تطور دورة النمو المالي أو الاقتصادي، أو بسبب رفع أسعار الفائدة بدرجة كبيرة. وهذا ما لم يحدث حتى الآن، ومن غير المتوقع أن يسمح به أو يفعله مجلس الاحتياطي الفيدرالي في المستقبل القريب.
ويلاحظ أن مجلس الاحتياطي عمد إلى تثبيت أسعار الفائدة على الدولار في الآونة الأخيرة لدعم الاقتصاد الأميركي وسط مخاوف من انهيار أسعار العقارات التي كانت القشة التي قصمت ظهر سوق "وول ستريت" في أزمة المال العالمية في العام 2008.
وهنالك شبه رهان بين العديد من المستثمرين على أن سوق " وول ستريت "، ستواصل النمو خلال هذا العام وحتى نهاية الانتخابات في أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2020. وتجاهل هؤلاء في الآونة الأخيرة العقبات التي تعترض محادثات التجارة بين واشنطن وبكين وتداعياتها على نمو ربحية بعض القطاعات الإنتاجية في أميركا، وبالتالي تأثيراتها على سوق المال.
وسبب الرهان الرئيسي، حسب محللين ماليين، هو تبرئة ترامب وضغوطه المتواصلة على الاحتياطي الفيدرالي بعدم رفع الفائدة على الدولار، أو حتى ربما يجبره على اتباع فائدة سلبية لمساعدة سوق المال. كما أن ترامب يضغط كذلك على منظمة "أوبك" لعدم رفع أسعار النفط المهم بالنسبة له في الانتخابات الأميركية. ومعروف أن سعر الوقود الرخيص يساهم بدرجة كبيرة في الانتعاش الاقتصادي.
لكن في مقابل هذه التوقعات المتفائلة، يقول مصرفيون إن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأسبق، بن برنانكي، الذي حدثت على فترته أزمة المال، توقع عدم حدوث ركود اقتصادي قبل حدوث الأزمة بقليل.
ولكن حدثت أزمة المال في 2008، وهو ما اضطر البنك الفدرالي ساعتها لضخ ترليونات الدولارات في المصارف والاقتصاد لتلافي انهيار الاقتصاد الأميركي. ويرى خبراء في مصرف نومورا الياباني أن المستثمرين يتجاهلون حتى الآن الإشارات السالبة في الاقتصاد، على أساس أن سياسات الاحتياطي الفدرالي قادرة على تلافي حدوث ركود اقتصادي، وربما لن يكون هذا الرهان صحيحاً. ويعاني الاقتصاد العالمي حالياً من انخفاض حجم التجارة العالمي.
وحسب تقرير صدر الأسبوع الماضي في هولندا عن وكالة تحليل السياسات الاقتصادية، فإن التجارة العالمية انخفضت إلى أقل مستوياتها منذ أزمة المال. كما أن النزاع التجاري بين أميركا والصين لا يزال قائماً.
وفي بريطانيا، قال مصرف "غولدمان ساكس" الأميركي، في تقرير أمس، إن فوضى بريكست الجارية حالياً داخل البرلمان البريطاني، تكلف بريطانيا 600 مليون جنيه استرليني أسبوعياً. وهو ما كلف الاقتصاد البريطاني نحو 2.4% من إجمالي ناتجه المحلي، وبالتالي فهنالك تحديات عديدة تواجه الاقتصادات العالمية وعلى رأسها الاقتصاد الأميركي. لكن يلاحظ أن التفاؤل الذي يملأ المستثمرين في أميركا ينتقل إلى أوروبا المثقلة بالمشاكل.
ووفقاً لـ"رويترز" أمس الاثنين، استهلت الأسهم الأوروبية الربع الثاني من العام بنبرة متفائلة مع صعود جميع القطاعات الرئيسية إثر تعاف مفاجئ في بيانات المصانع الصينية ومؤشرات على إحراز تقدم في محادثات التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم. وارتفع المؤشر "ستوكس 600" الأوروبي بنسبة 0.8% في الجلسات الصباحية.