واتفقت الحكومة وتحالف "قوى إعلان الحرية والتغيير"، أمس السبت، على عقد مؤتمر اقتصادي قبل نهاية مارس/آذار 2020، لتصحيح الخلل في الاقتصاد.
وحدد برنامج الموازنة إبريل/نيسان المقبل، موعداً لبدء تحرير البنزين ويتبعه الغازولين في سبتمبر/أيلول 2020، ونصت الموازنة على خفض البند المخصص للغازولين لمبلغ 61.5 مليار جنيه في 2020، من 134 مليار جنيه في 2019، وخفض دعم البنزين إلى 5.5 مليارات جنيه من 22 مليار جنيه في 2019، مع ثبات الدعم في غاز الطبخ عند 56 مليار جنيه.
تحذير من التداعيات
وقال نائب رئيس اتحاد غرف النقل عبد اللطيف حسن حمد، اليوم الأحد، إنّ "تحرير المشتقات النفطية ولو بنسبة 25% يؤثر سلباً على المواطن السوداني، ويشل قطاع النقل والقطاعات ذات الصلة".
وذكّر بأنّ نظام الرئيس المعزول عمر البشير، "حاول أكثر من مرة رفع الدعم عن الوقود إلا أنه تراجع لإدراكه تبعات القرار على حركة النقل"، محذراً من أنّ "لجوء الحكومة الحالية لإنفاذه من شأنه أن يهدّد بقاءها في الحكم".
وبدوره، حذر المدير السابق لإدارة الوارد بوزارة التجارة الخارجية هاشم فتح الله، من أنّ تحرير المشتقات "يرفع أسعار السلع والبضائع ويؤثر على الصادرات والواردات"، واصفاً الميزانية الجديدة بأنّها "ميزانية صندوق النقد الدولي"، مؤكداً أنّها "أعدت بناء على توجيهات الصندوق الذي يشترط لمساعدة الدول التزامها بإلغاء الدعم".
وأكد الرئيس السابق للجنة المالية بالمجلس التشريعي لولاية الخرطوم أحمد عبدالله دولة، مناهضته لقرار التحرير "لإضراره بمعاش الناس"، داعياً الحكومة لمراجعة القرار وإخضاعه للمزيد من الدراسة قبل تنفيذه، تلافياً لتبعاته السلبية.
وقال الأمين العام السابق لاتحاد المزارعين السودانيين عبد الحميد آدم مختار، إنّ رفع الدعم عن الغازولين "يؤثر سلباً كذلك على القطاع الزراعي، ويقلل من قدرته التنافسية، ويرفع تكلفة الإنتاج من أجل الصادر، ويرفع أسعار منتجاته عامة للمواطنين".
معالجات اجتماعية
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي عادل الفكي إنّ مشروع الموازنة، أقر رفع الدعم تدريجياً عن الغازولين والبنزين، وأبقى على الخبز وغاز الطهي، مع معالجات اجتماعية تتضمن منح دعم اجتماعي لحوالي 900 ألف أسرة، وتوفير وجبة مجانية لتلاميذ المدارس، وزيادة عدد المكفولين صحياً، وزيادة الإنفاق على التعليم والصحة.
وأضاف أنّه عند مناقشة الآثار المترتبة على هذه القرارات "تجب مراعاة أن نسبة المواطنين تحت خط الفقر تتجاوز 60% من السكان، مما يقتضي مد يد العون من الحكومة لهذه الفئة".
ومن جانب آخر، يشير إلى أنّ "دعم السلعة بمعنى تسليمها للمستهلك بغير ثمنها الحقيقي، فيه تشويه كبير للعملية الاقتصادية، حيث يستفيد المقتدرون بصورة أكبر من الفقراء، كما يترتب عليه زيادة عمليات التهريب للدول المجاورة التي لا تدعم السلع"، مؤكداً أنّ "الدعم الأمثل يجب أن يكون نقدياً، وأن يوجه بصورة حصرية للسكان تحت خط الفقر".
وأوضح الفكي أنّ الدعم النقدي "يكون إما من خلال تعويض البائع نقداً عند تسليمه السلعة المعينة للمستهلك المستحق، كما يحدث في مصر والأردن عن طريق بطاقة تموينية إلكترونية، وإما بتسليم المستحق مبلغا نقديا كعلاوة أو مرتب يمكّنه من شراء السلع التي سوف ترتفع أسعارها حتماً بموجب قرار رفع الدعم، وهذا هو الأسلوب الذي أقرته فيما يبدو مقترحات موازنة الحكومة للعام 2020".
وختم بالقول إنّه في "كلا الطريقتين فإنّ العنصر الأهم هو تحديد المستحقين للدعم بصورة دقيقة"، منبّهاً إلى أنّ "تشتت الدعم النقدي وذهابه لغير المستحقين، يترتب عليه زيادة حالات الفقر والغبن الاجتماعي، ونشوب ثورة الجياع".