طوابير طويلة بالمدن السورية تنتظر الحصول على أسطوانات الغاز

18 فبراير 2019
أزمة غاز في المدن السورية (الأناضول)
+ الخط -
خلال دقائق معدودة، يضيق أحد شوارع مدينة حلب في شمال سورية بالسكان الذين ما إن يسمعوا صوت شاحنة توزيع الغاز حتى يصطفّوا في طابور طويل، للفوز بجرّة انتظروها طويلاً، في ظل أزمة محروقات بدأت قبل شهرين.

ويتكرر هذا المشهد يومياً في حي صلاح الدين في غرب مدينة حلب، كما في بقية المدن السورية ومن بينها العاصمة دمشق، بعدما ضربت البلاد أزمة محروقات خانقة أدت إلى خفض الكميّات الموزعة من الغاز والمازوت على المناطق السورية كافة.

وتزامنت الأزمة مع زيادة في الاستهلاك مع اعتماد كثير من العائلات على الغاز كوسيلة رئيسية للتدفئة خلال فصل الشتاء.

ويمكن في موعد التسليم، سماع ضجة ارتطام أسطوانات الغاز بعضها ببعض في كل أرجاء الحي. وبحسب تقرير وكالة فرانس برس، تقول السيدة، وهي في الخمسينيات من العمر، وقد ارتدت جلباباً طويلاً وحجاباً أسود: "أقف هنا منذ ثلاثة أيام بشكل دوري كل صباح.. اليوم كنت محظوظة وحصلت على جرّة الغاز".

وتضيف: "أعتمد على الغاز من أجل الطهي، وهو الوسيلة الوحيدة مع انقطاع الكهرباء لفترات طويلة".


وتُشرف لجنة من محافظة حلب برفقة عدد من عناصر الشرطة على تنظيم الصف الممتد على مسافة مائتي متر. ويتراجع عدد المنتظرين بشكل تدريجي مع إفراغ سيارة التوزيع حمولتها بالكامل. عندها يعود السكان سيّئو الحظ أدراجهم بانتظار إعادة الكرّة في اليوم اللاحق.

ويسجّل المختار في كل حي معلومات الهوية الشخصية لكل من يستلم جرّة غاز، لتلافي حصوله على جرّة أخرى.

ويقول لوكالة فرانس برس: "يعتبر حي صلاح الدين أكبر حيّ في حلب من حيث عدد السكان، إذ يضمّ نحو 25 ألف عائلة، ويتمّ إرسال نحو مائتي جرّة غاز يومياً إلينا".

ويتوقع أن "تتحسّن الكميّات مع اقتراب الربيع ودفء الطقس، إذ يعتمد الناس راهناً على الغاز للتدفئة" ما يزيد من الاستهلاك.

وربطت الهيئة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار في تقرير نشرته صحيفة "الوطن" المقربة من السلطات نهاية الشهر الماضي، الأزمة بأسباب عدة بينها "الحصار والعقوبات الاقتصادية التي تعوق وصول ناقلات الغاز إلى البلاد، واستيراد 70 إلى 80% من المادة الخام من دول صديقة"، إضافة إلى زيادة الطلب خلال الشتاء.

وتعليقاً على أزمة الوقود، قال وزير النفط والثروة المعدنية علي غانم خلال جلسة لمجلس الشعب في 22 يناير/كانون الثاني إن "الاجراءات الاقتصادية الأحادية الجانب المفروضة على سورية تسببت بتعثر وصول المشتقات النفطية".


ولوّحت وزارة الخزانة الأميركية في 20 نوفمبر/تشرين الثاني بفرض عقوبات على كل الجهات أو الأشخاص المنخرطين في عملية شحن النفط الى سورية.

وتزامن ذلك مع تحرك واشنطن لتعطيل شبكة دولية "وفّر من خلالها النظام الإيراني، بالتعاون مع الشركات الروسية، ملايين براميل النفط للحكومة السورية". وحددت الخزانة الأميركية تسعة أهداف قالت إنها متورطة في المخطط بمن فيها مواطن سوري تتخذ شركته من روسيا مقراً لها.

وتحتاج سورية يومياً كمعدل وسطي إلى 130 ألف أسطوانة غاز، وفق تقديرات رسمية. وتحدد السلطات سعر الأسطوانة بـ2700 ليرة سورية (5 دولارات). ونتيجة الأزمة، وصل سعرها في السوق السوداء الى 12 دولاراً، وفق ما يروي سكان لفرانس برس.

ومني قطاع النفط في سورية بخسائر كبرى خلال سنوات النزاع منذ 2011، تقدرها السلطات بما يقارب 74 مليار دولار أميركي. ولا تزال حقول النفط والغاز الرئيسية في شمال وشمال شرقي البلاد خارجة عن سيطرة دمشق.

وانعكس نقص الغاز سلباً على أصحاب المؤسسات، لا سيما المقاهي والمطاعم، وأُقفل عدد من محلات الشاورما بشكل كامل لمدة أسبوعين أو ثلاثة، قبل أن تعاود العمل بعد تمكنها من الحصول على أسطوانات غاز.

(العربي الجديد، فرانس برس)

دلالات
المساهمون