تنطلق غدا الاثنين، أولى محاكمات ما بات يعرف في الجزائر بـ"العصابة"، المتكونة من 14 وزيراً و10 رجال أعمال محسوبين على نظام بوتفليقة، تم إيداعهم سجن "الحراش" منذ إبريل/نيسان الماضي، بتهم تتعلق بالفساد وسوء إستعمال الوظيفة وتبديد المال العام، واستعمال النفوذ ودفع رشاوى للاستفادة من امتيازات بالنسبة لرجال الأعمال.
وحسب المعلومات التي حصلت عليها "العربي الجديد"، فإن أولى قضايا الفساد المبرمجة في محكمة "سيدي امحمد"، تتعلق بمصانع تجميع السيارات، وهي على الترتيب التالي: ملف مصنع "كيا" لرجل الأعمال حسان عرباوي، ثم ملف مصنع "هيونداي" لرجل الأعمال محي الدين طاحكوت، "فولكس فاغن" لمراد عولمي، "شيري" الصينية لمحمد معزوز، وأخيراً مصنع تجميع شاحنات "ايفكو" الإيطالية لرجل الأعمال محمد بعيري.
وحسب المعلومات فإن هذه الملفات أسقطت رئيسي حكومة سابقين بين قضبان السجن، هما أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، برفقة 3 وزراء صناعة سابقين هم يوسف يوسفي، بدة محجوب، وعمارة بن يونس، فيما يبقى عبد السلام بوشوارب هاربا خارج الجزائر، كما يتابع في الملف العشرات من وزارة الصناعة الجزائرية، على أن تبرمج قضيتي زعيم الكارتل المالي في عهد بوتفليقة "علي حداد"، برفقة "الأخوة كونيناف" المقربين من عائلة بوتفليقة، لاحقاً بالنظر لثقل ملفاتهم.
وفي السياق يكشف المحامي عمار عهود (المحامي المكلف بملف شركة كيا) أن "المتهمين من الوزراء هم متابعون بجنح سوء استغلال الوظيفة ومنح مزايا وامتيازات من دون وجه حق، وتلقي رشاوى وتبديد المال العام، أما رجال الأعمال فهم متابعون بتقديم رشاوى واستغلال النفوذ للظفر بامتيازات، وتهريب الأموال إلى الخارج بطرق غير شرعية، وتكوين جماعة أشرار".
وأضاف المحامي الجزائري لـ"العربي الجديد"، أن "محاكمات الغد الاثنين ستكون أمام سيناريو التأجيل بسبب آخر طلب من القضاة، كونهم عينوا في محكمة سيدي امحمد قبل 20 يوماً فقط، وذلك لدراسة الملفات، أو تأجيل بطلب من دفاع أحد المتهمين ربحاً للوقت، أو لأسباب طبية بسبب الحالة الصحية لبعض الوزراء، أما السيناريو الثاني فهو انطلاق المحاكمات من دون معرفة مصير الوزراء، كونهم يخضعون لقانون الامتياز في التقاضي".
ويمنح قانون الاجراءات الجزائية الجزائري الوزراء ومحافظي الولايات وكبار رجال الدولة حق الامتياز في التقاضي، أي أن التحقيق معهم ومحاكمتهم يتمّان من طرف المحكمة العليا أو محاكم دولة خاصة تنصب استثنائياً" .
ويرى المحامي محمود أبركان أنه "توجد ثغرة قانونية تحول دون محاكمة الوزراء أمام محاكم خاصة، والثغرة تكمن في غياب قانون ينظم هذه المحاكم وتركيبتها وكيفية استدعائها".
وأضاف المحامي الجزائري أن "الوزراء ستتم محاكمتهم عادياً، وذلك ربما تحت ضغط الشارع الجزائري."
وكان وزير العدل الجزائري بلقاسم زغماتي قد أكد الخميس الماضي أن "فصول المحاكمة ستكشف حقائق صادمة ومفزعة للجزائريين، والشعب وحده من سيحكم علينا إن كنا نمتلك إرادة سياسية في محاربة الفساد وسوف يطلع بنفسه خلال جلسات المحاكمة على فساد مفزع".
وحسب زغماتي، فالقضاة المحققون توصلوا إلى نتائج وحقائق صادمة ستوضع بين أيدي الرأي العام، من خلال جلسات المحاكمة، وهو من سيحكم على جهود الوزارة في محاربة الفساد.