فوجئ مودعون في مصارف لبنانية كبرى، مطلع الأسبوع الجاري، بتحويل إدارات البنوك ودائعهم من الدولار إلى الليرة اللبنانية من طرف واحد، بدون علم مسبق لدى الزبائن بهذا الأمر.
وعندما راجع بعض هؤلاء فروعهم المصرفية التي يوطّنون فيها رواتبهم الشهرية، مستفسرين عن الأمر، كان رد الإدارات بأن هذا الإجراء شمل كل الحسابات المشمولة بتعميم "مصرف لبنان" المركزي الصادر، الأسبوع الماضي، والتي تبلغ قيمتها 3 آلاف دولار وما دون.
من هؤلاء الموظف ط.ح. الذي قال، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنه رفض تدبير المصرف بعدما تبيّن له أنّ رصيده أصبح صفراً بالدولار والليرة على تطبيقه الهاتفي من دون تحذير مسبق أو رسالة نصية على الأقل تُنبئه بذلك، ليجيبه مسؤول خدمة العملاء بأنّ رصيده ممكن أن يُعاد بالدولار، لكنه سيبقى خاضعاً لقيود السحب المتشددة. أما "التصفير" فبدا أنه مسألة تقنية تتعلق بتحديث في النظام المعلوماتي المصرفي تحتاج إلى يومين أو ثلاثة أيام كي تنتهي.
وكان "مصرف لبنان" قد أقدم، يوم الجمعة الماضي، على إنشاء وحدة تابعة له مهمتها شراء الدولارات لكن بسعر السوق، واتخذ قراراً آخر حرّر بموجبه الودائع حتى 3 آلاف دولار لصرفها بسعر السوق أيضاً، وذلك بعدما سجل الدولار، الأسبوع الماضي، سعراً قياسياً جديداً بلغ 2920 ليرة لبنانية، قبل أن ينخفض قليلاً إلى 2890 ليرة، عصر اليوم الثلاثاء، وذلك بعدما عجزت السلطات عن وضع حد لسوق الدولار السوداء وتدهور احتياطي النقد الأجنبي لدى "المركزي" إلى مستويات حرجة.
وفي السياق أيضاً، قرر حاكم "مصرف لبنان" رياض سلامة، في اليوم نفسه، إنشاء وحدة النقد الأجنبي الجديدة لدى المصرف لتتعامل في الأوراق النقدية "بسعر السوق"، على أن تختار صيارفة العملة الذين تعمل معهم. وقال، لوكالة "رويترز"، إنه سيتم الإبقاء على سعر الربط الرسمي للعملة اللبنانية في تعاملات البنوك والواردات الحيوية: الأدوية والوقود والقمح، معتبراً أن هذه السياسة ستسمح "بإتاحة النقد الأجنبي وتخفيف الضغوط التضخمية".
واليوم الثلاثاء، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري، حاكم المصرف المركزي، وعرض معه الوضعين المالي والنقدي وسبل تحصين أموال المودعين، ولا سيما الصغار منهم، حيث وضع سلامة الرئيس بري في أجواء الإجراءات التي اتخذها "مصرف لبنان" وسيتخذها في هذا الإطار.
وبحسب بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، جدّد بري التأكيد لسلامة على "اعتبار ودائع الناس في المصارف من المقدسات التي لا يجوز التصرف بها تحت أي ظرف من الظروف"، لافتاً إلى أنّ "التشريعات بشكل عام والمالية بشكل خاص، هي في الأساس لحماية الناس وحقوقهم في كل ما يصنع حياتهم ويحمي جنى أعمارهم".