أسعار العقارات السعودية تتراجع 30% بعد قفزات

10 ابريل 2017
القطاع العقاري يشهد تصحيحاً للأسعار(فايز نور الدين/ فرانس برس)
+ الخط -
واصلت أسعار العقارات في السعودية انخفاضها للعام الثالث على التوالي، بعدما سجلت تراجعاً في الربع الأول من العام 2017. وأكد مختصون في العقارات على أن هذا التراجع جاء نتيجة الركود الكبير الذي تعاني منه السوق حالياَ، والذي وصل لدرجة الكساد.

وتراوح الانخفاض للوحدات السكنية الواقعة على أطراف المدن ما بين 15 و30% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، بينما تراجعت أسعار الأراضي داخل المدن ما بين 10 و20%، في وقت انخفضت أسعار الفلل الجديدة عن العام الماضي بنسبة تصل إلى 30%.

ويقول الخبراء إن الأسعار تشهد انخفاضات تصل إلى 50% وقد تحقق نسبة الـ 70%، معتبرين أن هذا التراجع ليس انهياراً وإنما تصحيح للأسعار المبالغ بها التي شهدتها البلاد في سنوات سابقة.

تراجع الصفقات العقارية

وبحسب بيانات وزارة العدل سجلت الصفقات العقارية تراجعاً كبيراً جداً في مقارنة بين شهري مارس/ آذار ونوفمبر/تشرين الثاني، بعدما تراجعت في منطقة الرياض من 6200 إلى 1653 صفقة. وفي المنطقة الشرقية من 3346 صفقة إلى 3234 صفقة. بينما وتراجعت الصفقات العقارية في المدينة المنورة من 1439 إلى 1330 صفقة، وانحسرت الصفقات العقارية في القصيم خلال نفس الفترة من 2384 إلى 2094 صفقة.

وأكد متعاملون في السوق، أنه من المتوقع أن تتراجع أسعار العقارات بشكل أكبر في الربع الثاني من العام الحالي، بسبب إصدار وزارة الإسكان للدفعة الأولى من فواتير الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني، والتي ستقود الكثير من ملاكها لتطويرها، ودفعها للسوق وهو ما سيتسبب في زيادة العرض، مقابل محدودية الطلب.

وأكد المحلل العقاري عبد العزيز الخميس أن السوق العقارية السعودية تعاني من ركود كبير يصل لمستوى الكساد في بعض المناطق، وسط مقاطعة المواطنين للشراء، والارتفاع في العرض مقابل ندرة الطلب.

وشرح لـ "العربي الجديد": "هناك من يحاول أن يضلل المواطنين بأن الأسعار ما زالت متماسكة ومرتفعة، وهذا غير صحيح، فالأسعار تراجعت في بعض المدن مثل جدة والرياض لأكثر من 50% خاصة في المخططات الجديدة، والتي تقع على أطراف المدن. وهناك ملاك مستعدون للبيع بأسعار أقل من الأسعار المتدنية حالياً للتخارج من السوق، ولكن لا يجدون مشترياً قادراً على الدفع".

وأضاف: "من المتوقع أن تواصل الأسعار هبوطها، خلال العامين المقبلين حتى تستقر الأسعار".


البيع على الخارطة

وأكد مختصون عقاريون أن إعلان وزارة الإسكان عن انتهاء مهلة تصحيح وتعديل الأوضاع المخالفة لضوابط بيع وتأجير الوحدات العقارية على الخارطة، سيكون له تأثير إيجابي على السوق، لأنه سيدفع الملاك لتطوير عقاراتهم بشكل جدي تجنبا للغرامات، وسيعيد التنظيم للسوق التي تعاني من الفوضى. وذلك، خاصة مع التفتيش الدقيق للوزارة على المكاتب المخالفة، التي تسببت في تشوه السوق.

وخلال الأسبوع الأول من حملات التفتيش تم إيقاف سبعة مشاريع مخالفة لضوابط البيع على الخارطة منها مشاريع خارج السعودية وهي في كل من الإمارات والمغرب وجورجيا والبوسنة وتركيا ولبنان كان يتم التسويق لها في السوق المحلية من خلال المعارض والإعلانات التسويقية. كما تم إيقاف مشروع تجاري تحت الإنشاء في مدينة الرياض تبلغ مساحته حوالي 46 ألف متر مربع بسبب بدء نشاط التأجير على الخارطة دون الحصول على ترخيص.

وأكد الأمين العام للجنة البيع والتأجير على الخارطة أن على كل من يزاول أي نشاط عقاري على الخارطة أو الإعلان عنه أو التسويق له التقدم إلى "برنامج وافي" للحصول على الترخيص، وإلا سيكون عرضه للعقوبات الصارمة، والتي تصل للحجز التحفظي على الأموال الثابتة والمنقولة، والإحالة لهيئة التحقيق والادعاء العام للنظر في إقامة دعوى أمام المحكمة الجزائية لتطبيق العقوبة المناسبة بحق المخالف.


ولفت المثمن العقاري علي الكاشف إلى أن انتهاء مهلة التصحيح ستقود لتنظيم السوق، بعد أن قامت كبريات الشركات العقارية بتصحيح أوضاعها.

وقال الكاشف لـ "العربي الجديد"، "ساهم نظام البيع على الخارطة في زيادة المعروض بشكل كبير، بعد أن بدأ ملاك الأراضي البيضاء في بيع أراضيهم، ومن ثم الاستفادة من جزء من مبلغ البيع في تطويرها. ولا أعتقد أنه سيكون لانتهاء مهلة التصحيح تأثير سلبي على السوق، بل على العكس سيقودها للتنظيم أكثر بعد أن تخرج منه الشركات غير الجيدة، ولن يبقى إلا الشركات الكبيرة التي صححت أوضاعها خلال فترة المهلة التي استمرت لستة أشهر".

وأضاف: "هناك تراجع كبير واضح وملموس في أسعار العقارات في مختلف المدن السعودية، ففي جدة هناك هبوط لأكثر من 50%، خاصة في المخططات الجديدة، والتوقعات تؤكد أن الهبوط سيستمر وقد يصل لأكثر من 70%".

وشدد الكاشف على أن ما يحدث حالياً هو تصحيح لفلتان كبير وغير مبرر شهدته السوق خلال السنوات الماضية، شارحاً: "تضخم الأسعار، جعل حلم الحصول على أرض أو عقار صعب المنال على أكثر من 80% من السعوديين، لأنها تجاوزت المليون ريال في المدن الكبيرة. ناهيك عن تكلفة البناء والتي تصل لمبلغ مماثل. وهي مبالغ لا يستطيع الإيفاء بها غالبية الموظفين الذين لا تتجاوز رواتبهم العشرة آلاف ريال شهرياً".


اتجاهات السوق

وكشف تقرير لشركة "أولات" العقارية عن أن هناك ستة اتجاهات لأسعار العقارات في المدن الكبيرة في السعودية وهي الرياض وجدة والدمام خلال العام الحالي، تتوزع على نوعية العقار ونشاطه.

وقسم التقرير العقارات في العاصمة إلى ستة أنواع هي العقار النشط، والعقار الحيوي، والعقار المكتنز، العقار الثانوي، العقار الخامل، والعقار المتخصص، وسيكون الأكثر تأثراً بالهبوط العقار الخامل الذي سيصل الهبوط فيه لنحو 40%، في وقت يتوقع أن يتراوح تراجع أغلب الأنواع العقارية بين 10 و20%. وبحسب التقرير فالعقار الخامل هو أراضي المنح الحكومية، والمزارع.

في الاتجاه ذاته، أكد تقرير مماثل لشركة "سكن العقارية" على تراجع أسعار الفلل السكنية في السعودية بنسبة 25% خلال الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بالربع المماثل من العام السابق، بمتوسط سعر ربع سنوي بلغ 828 ألف ريال للفيلا الواحدة ذات مساحة لا تتجاوز 250 متراً مربعاً (نحو 220 ألف دولار).

وأكد المحلل المالي عبدالله العشن على أن الانخفاض في أسعار الفلل هو مجرد البداية، متوقعاً أن يتواصل الانخفاض خلال الفترة المقبلة، وقال لـ "العربي الجديد": "هناك تحرك حكومي لتسريع عملية تملك المنازل، ولو أنها أقل من الطموح وبطيئة، إلا أنها تساعد على هبوط الأسعار، خاصة في ظل المقاطعة للشراء، بسبب التضخم الكبير في الأسعار".

وأضاف: "العوامل الاقتصادية لها كلمتها على السوق، شح السيولة تسبب في إحجام المواطنين عن الشراء، وهذا الأمر ضغط كثيراً على الأسعار. فهناك أكثر من 37 مشروعاً سكنياً ناجزا ولكن لم يتم إلا بيع جزء بسيط منها لا يتجاوز 10% من كل مشروع، وبتسهيلات كبيرة في الدفع".

وشدد العشن على أن لارتفاع الأسعار الكبير دورا كبيرا فيما يحدث في السوق حالياً، وتصحيح الأسعار هو أولى خطوات العودة للانتعاش.

وبحسب الخبراء، كانت الفلل صغيرة الحجم هي الأكثر تضرراً بالانخفاض الحالي للأسعار، على الرغم من أنها الأكثر طلباً، في وقت تراجع الطلب على القديمة وخاصة ذات المساحات الكبيرة، والتي تقع في الأحياء القديمة.

ويستبعد العشن، وكذلك الكاشف أن تشهد السوق انهيارا في الأسعار، وشددا على أنها ستواصل الانخفاض حتى تصل للأسعار المعقولة التي تكون في متناول أيدي المواطنين، خاصة مع توالي الإجراءات الحكومية الرامية للسيطرة على الأسعار.

وقال الكاشف: "نحن في طريقنا لأسعار أراض لا يتجاوز المتر فيها 200 ريال، هذا هو السعر العادل لأرض فضاء، أما أكثر من ذلك، فهو مبالغ فيه".