أكدت وزيرة التجارة التركية روهصار بيكجان، اليوم الثلاثاء، أن إلغاء واشنطن مزايا تجارية جمركية لتركيا، سيلحق الضرر بالأميركيين بقدر المصدرين الأتراك، فيما قال خبراء اقتصاد أتراك إن هذه الخطوة تأتي في إطار الحرب التجارية التي تشنها واشنطن على الدول الأسرع نمواً في العالم.
وقررت الولايات المتحدة، مساء أمس، إلغاء المزايا الجمركية التي تستفيد منها تركيا والهند بموجب برنامج لدعم الدول النامية، مبررة ذلك بأنهما لم تعودا تستوفيان المعايير اللازمة للاستفادة من هذا البرنامج.
وقال مكتب ممثل التجارة الأميركي، في بيان، إن "إنهاء استفادة تركيا من برنامج نظام الأفضليات المعمم يأتي بسبب تطور اقتصادها بما يكفي"، مضيفا أن "زيادة الدخل القومي الإجمالي للفرد الواحد، وانخفاض معدلات الفقر، وتنويع الصادرات، دليل على مستوى التطور الاقتصادي العالي لتركيا".
كما تطرق البيان إلى إلغاء استفادة الهند أيضا من البرنامج، ولكنه أرجع ذلك إلى "فشلها في تقديم ضمانات إلى الولايات المتحدة بأنها ستمنح وصولاً معقولاً وعادلاً لأسواقها في العديد من القطاعات".
وفي أعقاب صدور بيان مكتب ممثل التجارة الأميركي، بعث ترامب رسائل إلى الكونغرس والحكومتين التركية والهندية، نشرها البيت الأبيض، تتضمن إخطار أنقرة ونيودلهي بالتغيرات. وأشار البيت الأبيض إلى أن خروج الهند وتركيا من وضع الولايات المتحدة التفضيلي، سيصبح ساري المفعول بعد 60 يوماً.
وبدأت استفادة تركيا من برنامج المزايا الجمركية مع الولايات المتحدة عام 1975. وبمقتضى البرنامج يجري إعفاء بعض الصادرات من الرسوم الجمركية.
وتضررت العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة بعدما كشفت الهند عن قواعد جديدة بشأن التجارة الإلكترونية تقيد الطريقة التي يعمل بها عملاقا التجارة عبر الإنترنت "أمازون.كوم" و"فليبكارت" المدعومة من "وول مارت".
ونقلت وكالة الأناضول عن وزير التجارة التركية، قولها إن "البرنامج الأميركي كان يشمل 19% من صادراتنا للولايات المتحدة، وهذا يعني 1.7 مليار دولار، وبعد شطب اسم تركيا سندفع ما يقارب 63 مليون دولار رسوم جمركية".
وأضافت أن "هذا القرار سيؤثر سلبا على الشركات الصغيرة والمتوسطة والمنتجين في أميركا، أكثر من تأثيره على الصادرات التركية".
وفي هذا السياق، قال مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في إسطنبول محمد كامل ديميريل، لـ"العربي الجديد"، إن الولايات المتحدة تركز بحربها الاقتصادية على الدول الأسرع نمواً في العالم، مشيرا إلى حربها المستمرة ضد الصين وتوجهها نحو الهند وتركيا.
وتشير تقديرات صادرة عن وزارة الإحصاءات الهندية في فبراير/ شباط الماضي، إلى استهداف الهند نموا بنسبة 7% في السنة المالية التي تنتهي في 31 مارس/ آذار الجاري، فيما أظهرت البيانات الرسمية في بكين نمو الاقتصاد بنسبة 6.6% في عام 2018.
كما توقعت وزارة الخزانة والمالية التركية، في بيان في أغسطس/ آب الماضي، نمو الاقتصاد التركي بنسبة 3% و4% في 2019.
وأشار ديميريل إلى أن إلغاء أميركا استفادة تركيا من المزايا الجمركية يستهدف الضغط على الصادرات وإعاقة دخول السلع التركية إلى الأسواق الأميركية.
وتابع: "يمكن النظر إلى هذا التطور على أنه تغيير في تكتيك (خطط) الضغط على الاقتصاد التركي، والانتقال من الحرب على العملة إلى الضغط على الصادرات، بعدما اقتربت العام الماضي من 170 مليار دولار، لأول مرة في تاريخ تركيا، وربما يكون قرار واشنطن بهدف الضغط على أنقرة، التي ترفض العقوبات الأميركية على إيران".
ووفقا لبيانات مؤسسة الإحصاء التركية، سجلت الصادرات التركية إلى الولايات المتحدة 7.9 مليارات دولار، خلال عام 2017، بزيادة بلغت نسبتها 32.4% عن العام السابق عليه، في حين زادت الصادرات الأميركية إلى تركيا بنسبة 7.2% مسجلة 10.8 مليارات دولار.
وكان الرئيس الأميركي قد أعلن، في أغسطس/ آب الماضي، مضاعفة الرسوم الجمركية على الألمنيوم وحديد الصلب القادم من تركيا، بنسبة تصل إلى 20% و50% على التوالي، وردت أنقرة برسوم تراوح بين 20% و140% على العديد من السلع الأميركية، وسط توتر دام نحو شهرين قبل أن تجري التهدئة.