أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) أنها قدمت 50 مليار ريال (13.32 مليار دولار) لتعزيز السيولة في القطاع المصرفي، في الوقت الذي أظهرت البيانات ارتفاع النقود المتداولة بعيداً عن البنوك في ظل جائحة فيروس كورونا، التي ألقت بظلال سلبية كبيرة على مختلف الأنشطة، لاسيما المالية والاستهلاكية في المملكة.
وقالت المؤسسة، في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، اليوم الاثنين، إن مبلغ الدعم الذي قدمته يهدف إلى تمكين القطاع المصرفي من الاستمرار في دوره في تقديم التسهيلات الائتمانية لعملائه كافة من القطاع الخاص وتعزيز الاستقرار المالي. ويضم القطاع المصرفي 11 بنكا وطنيا، وفروعا لـ15 بنكا أجنبيا.
وأضافت أن القطاع المصرفي "مازال يسجل مؤشرات أداء جيدة، مما يعزز قدراته على مواجهة التحديات والأزمات". لكن بيانات صادرة عن المؤسسة ذاتها، في وقت متأخر من مساء الأحد، تظهر انخفاضا حاداً للإنفاق الاستهلاكي، حيث تراجعت معاملات نقاط البيع 33% وعمليات السحب النقدي 35% في إبريل/نيسان الماضي عنها قبل عام.
كما أظهر رصد لـ"العربي الجديد" من خلال بيانات البنك المركزي، ارتفاع حجم النقد المتداول خارج البنوك بنسبة كبيرة خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، ليبلغ نحو 206.57 مليارات ريال (55 مليار دولار) بنهاية إبريل/نيسان، مقابل 185.75 مليار ريال في نفس الفترة من العام الماضي، بزيادة بلغت نسبتها 11.2%.
وهوت الأرباح المجمعة للبنوك قبل الزكاة والضرائب خلال إبريل/نيسان بنسبة 38% على أساس سنوي، لتبلغ حوالي 2.91 مليار ريال، وفقاً للنشرة الإحصائية للبنك المركزي الصادرة أمس.
ووفق مذكرة بحثية صادرة عن مؤسسة "أرقام كابيتال"، فإن بيانات مؤسسة النقد السعودي لشهر إبريل/نيسان تعطي أول مؤشر على مدى تأثير حظر التجول، حيث انخفض إنفاق المستهلكين 35% على أساس سنوي، رغم زيادة الإنفاق على المواد الغذائية إلى مثليه في رمضان ولجوء الأسر للتخزين.
وتتعرض السعودية لضغوط مالية كبيرة بفعل تداعيات كورونا وتهاوي عائدات النفط، ما دفع الحكومة إلى السحب من الاحتياطي النقدي، وتقليص استثماراتها في أدوات الدين الأميركية، وتبني إجراءات تقشفية مؤلمة بحلول يونيو/حزيران الجاري.
وأظهر رصد لـ"العربي الجديد" نشر في وقت سابق اليوم، أن المملكة سحبت نحو 51 مليار دولار من أصولها الاحتياطية خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، من أجل تغطية الخسائر الناجمة عن تهاوي أسعار النفط وتفشي كورونا الذي أطاح استثمارات المملكة في صناديق ومشروعات عالمية تبناها وليّ العهد محمد بن سلمان.
وكشفت البيانات الواردة في نشرات مؤسسة النقد العربي السعودي، عن تراجع إجمالي الأصول الاحتياطية في إبريل/نيسان الماضي إلى 1.682 تريليون ريال (448.5 مليار دولار)، مقابل 1.873 تريليون ريال بنهاية ديسمبر/كانون الأول 2019.
كانت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، قد قالت في مقال تحليلي نشرته في 14 مايو/أيار الماضي، إن تفشي كورونا وتراجع أسعار النفط تسببا معاً في إرهاق السعودية ووضعها أمام أسوأ أزمة مالية منذ عقود.
وتسببت الأزمتان في آلام غير معتادة في جميع أنحاء المملكة، بحسب تعبير الصحيفة، بما في ذلك بين العاملين في القطاع الخاص وأصحاب الأعمال الذين يراهن عليهم بن سلمان لتوجيه الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد على النفط.
ومع الارتدادات العنيفة، اندفعت المملكة إلى إجراءات وصفها وزير المالية محمد الجدعان الشهر الماضي بـ"المؤلمة"، لكنه أكد أنْ لا مفرّ منها.
وتقرر إيقاف بدل غلاء المعيشة بدءاً من شهر يونيو/حزيران الجاري، وكذلك رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة إلى ثلاثة أمثالها من 5% إلى 15%، بدءاً من الأول من يوليو/تموز، وفق منشور رسمي أوردته وكالة الأنباء السعودية (واس) في 11 مايو/أيار الماضي.
كذلك "ألغت الحكومة أو أجلت"، وفق المنشور، بعض بنود النفقات التشغيلية والرأسمالية لعدد من الجهات الحكومية، وخفضت اعتمادات عدد من المبادرات والبرامج والمشاريع الكبرى للعام المالي 2020.
وربما تطاول الإجراءات التقشفية الحكومية رواتب الموظفين، حيث كشفت الحكومة عن "تشكيل لجنة وزارية لدراسة المزايا المالية التي تصرف لجميع العاملين والمتعاقدين، وينتظر إعلان توصية بشأنها الأسبوع المقبل".