يمثل الفقر المتفاقم في الأردن هماً تتوارثه حكومة تلو الأخرى من دون أن تسهم الخطط والبرامج الحكومية في الحد من معدلاتها المتفاقمة. وقد ارتفعت نسبة الفقر في الأردن، بحسب بيانات رسمية أعلنت بداية العام الحالي، إلى 20%.
ولأول مرة تصدر جهة رسمية في الأردن أرقام الفقر في البلاد منذ آخر دراسة أجريت وأعلنت نتائجها عام 2010، إذ ثار جدل حول دراسة أجريت قبل ثلاث سنوات عن الفقر، ولم تعلن الحكومة حينها عن الأسباب التي قيل إنها ترتبط بارتفاع نسبة الفقر كثيراً.
وجاء الإفصاح عن نسبة الفقر الأخيرة ضمن تفاصيل خطة التحفيز الاقتصادي التي أعلنتها وزارة التخطيط والتعاون الدولي أخيراً وتناولت المؤشرات المالية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد، ومن بينها الفقر والبطالة.
ويقول المستشار والخبير الدولي في وزارة التنمية الاجتماعية فواز رطروط، إن الحكومة، ضمن مساعي الحد من معدلات الفقر ومساعدة الشرائح الفقيرة على مواجهة أعباء المعيشة قدر المستطاع، قررت مضاعفة شرائح المنتفعين من برنامج صندوق المعونة الوطنية، لتشمل 85 ألف أسرة جديدة خلال الفترة ما بين 2019 - 2021، وبكلفة مالية تقدر بأكثر من 141 مليون دولار. وأضاف أن الحكومة، من خلال الصندوق، تقوم بإعالة عدد كبير من الأسر حالياً، بواقع 92 ألف أسرة، والمخطط أن يرتفع العدد إلى 177 ألف أسرة بشكل تدريجي وعلى مدار 3 سنوات.
وأشار إلى أن ذلك يأتي في سياق التدخل الحكومي المباشر للحد من الفقر في البلاد، إضافة إلى برامج موازية للأسر الفقيرة لتحسين أوضاعها المعيشية، مثل توفير التأمين الطبي وتمكين بعض العائلات من تعزيز دخلها من مصادر أخرى.
وقال رطروط "من المرجح أن يشهد معدل الفقر ارتفاعاً في الأردن، وذلك لأن عوامل طارئة أثرت كثيراً على البلاد من مختلف الجوانب، وخاصة زيادة الفقر وتردي مستويات المعيشة وتراجع فرص العمل المستحدثة محلياً والتزاحم الشديد عليها من قبل الوافدين واللاجئين والأردنيين".
وأشار إلى أن هناك 4600 جمعية خيرية تقوم على تقديم المعونات للفقراء، وكذلك خطط التشغيل والتدريب ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة المولدة لفرص العمل. ولم يخف رطروط أن أزمة اللاجئين السوريين الذين يزيد عددهم في الأردن عن 1.3 مليون شخص قد ساهمت في تعميق مشكلة الفقر في البلاد وزادت من الضغوط على الموارد المالية والطبيعية، ووسط تضاؤل فرص العمل إلى جانب ارتفاع الأسعار وإيجارات المنازل وغيرها.
وبموجب قرار مجلس الوزراء سيتم إعداد خطة متكاملة تتضمن عدة محاور، أهمها تطوير آليات الاستهداف والوصول إلى الأسر الفقيرة والشرائح المستحقة وتطوير آليات استقبال الاقتراحات والتظلمات والرد عليها، إلى جانب تطوير نظام المعلومات من خلال مشروع السجل الوطني الموحد والتوسع فيه وتطوير أنظمة المراقبة والتقييم للتمكن من قياس أثر برنامج التوسع.
من جانبها، قالت مديرة صندوق المعونة الوطنية، بسمة إسحاقات، إن خطة التوسع التي ستشمل الفقراء العاملين والمتعطلين الفقراء عن العمل تستدعي وجود آليات لتخريج المنتفعين من برامج المعونة بحيث لا يتلقوها بشكل دائم. وذلك من خلال وضع برامج وخطط عمل ونظام تحويلات لتحسين المستوى المعيشي للمنتفعين بتوفير فرص عمل تغنيهم عن الحصول على المعونة بالتنسيق مع الجهات المعنية بالتشغيل.
وبيّنت أن التفاصيل الإجرائية والتنفيذية لخطة شمول 85 ألف أسرة جديدة تحت مظلة معونات الصندوق يجري العمل عليها حالياً ويجب الانتهاء منها قبل نهاية العام الجاري. ويبلغ الحد الأقصى للمعونة المادية الحكومية للأسر الفقيرة 280 دولاراً، وذلك بحسب أفراد الأسرة، ويتم وقف المعونة في حال تحسن الأوضاع المعيشية للأسرة أو تشغيل أحد أفرادها.
ويستند خبراء في توقعاتهم لارتفاع الفقر في الأردن إلى ارتفاع أسعار معظم السلع الغذائية، باستثناء عدد محدود منها، من خلال رفع ضريبة المبيعات وإلغاء الدعم عن الخبز، لترتفع أسعاره بنسبة 100%، بالإضافة إلى أن المواطن هو من سيتحمل ارتفاع كلف إنتاج القطاعات الإنتاجية.
وقال الخبير حسام عايش إن الأوضاع المعيشية للمواطنين في انحدار مستمر، وهذا العام سيكون الأسوأ خلال العشر سنوات الماضية، فهناك تآكل مستمر للطبقة المتوسطة التي كانت تشكل 41% من إجمالي السكان عام 2008، بينما أضحت 28% حالياً، على الرغم من الإعلانات الحكومية المستمرة بالعمل على حمايتها.
وقد شهد الأردن قبل أسبوعين احتجاجات غير مسبوقة، بسبب السياسات الاقتصادية الحكومية القائمة على الجباية وفرض مزيد من الضرائب وزيادات الأسعار على المواطنين ومختلف القطاعات.
وتدخل العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لنزع فتيل الأزمة، عندما أوعز إلى الحكومة بالتراجع عن آخر قرار لزيادة أسعار المحروقات الذي كان يفترض تطبيقه اعتباراً من بداية الشهر الجاري، كما أقال حكومة هاني الملقي التي طالب الشارع بإسقاطها وكلف عمر الرزاز بتشكيل حكومة جديدة.
وتعهّدت الحكومة الأردنية الجديدة برئاسة عمر الرزاز بتكريس قيم العدالة والحماية الاجتماعيّة، ومواصلة تحسين مستوى الخدمات، وفقاً للأولويّات الوطنيّة، وبما يجعل المواطن يلمس الأثر الإيجابيّ لها.