غزّيون يحيون ليل رمضان بالعمل الشاق

13 يوليو 2015
عمال غزة يعملون ليلاً (العربي الجديد/عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

يجد عامل البناء جبر النعيزي (56 عاما) في ليل شهر رمضان الفرصة المناسبة لمواصلة مراحل البناء والتشييد في إحدى العمارات السكنية، غرب مدينة غزة، بدلا من تحمل مشقة العمل المضاعفة خلال نهار رمضان في ظل ارتفاع درجات الحرارة وساعات الصوم الطويلة.
 
وينطلق العامل جبر، الذي يعمل في قطاع الإنشاءات منذ 38 عاما، من منزله شمال قطاع غزة، نحو مكان عمله، بعدما يتناول على عجل وجبة الإفطار برفقة عائلته المكونة من 16 فرداً، ليبدأ فور وصوله بتشغيل المولد الكهربائي وإنارة الشبكة الداخلية في ورشة البناء.

ويقول النعيزي لـ "العربي الجديد" إن ما يدفعه للعمل في ليل رمضان هو سعيه لتوفير قوت أفراد عائلته واستغلال أي فرصة للعمل في البناء تضمن كسب بعض الأموال، في ظل حالة الركود شبه التام التي يعاني منها قطاع الإنشاءات في غزة، نتيجة قيود الاحتلال الإسرائيلي.
 
وشرع النعيزي في تشييد العمارة السكنية قبل حلول شهر رمضان بأسابيع قليلة، ومع دخول الشهر لم يجد أمامه فرصة للعمل خلال النهار بسبب ارتفاع درجات الحرارة، التي تسبب إرهاقا شديدا لـ 16 عاملا يشرف عليهم، وعلى إثر ذلك تنخفض قدرتهم الإنتاجية ويتأخر موعد تسليم المشروع، وفق الاتفاق مع صاحب العمارة.

ويضيف: "عند وصولنا إلى مكان الورشة نبدأ بالأعمال التي تتطلب جهدا كبيرا ويصدر عنها ضوضاء، كقطع أسياخ الحديد ونقل الحجارة من أسفل إلى أعلى، وذلك من أجل إنجازها قبل أن ينتهي الناس من صلاة التراويح والزيارات الرمضانية ويخلدون إلى النوم".

ويتطلب العمل في ليل رمضان، حذرا شديدا من عمال البناء بسبب عدم توفر التيار الكهربائي وضعف الرؤية داخل الورشة وفي محيطها، بجانب إنجاز عدة أعمال تتطلب جهدا جسديا وعضليا، خلال ساعات قليلة وقبل شروق شمس اليوم التالي.

أما عامل البناء محمد الفيراني فيصف العمل خلال ليل رمضان بـ "العمل الشاق"، ويقول لـ "العربي الجديد" إن جلوسه في البيت خلال شهر رمضان، يعني عدم قدرته على توفير متطلبات أفراد عائلته واحتياجاتهم المتعددة خلال شهر الصوم وعيد الفطر القادم، لذا يضطر للعمل ليلا ومجابهة الظروف القاسية.

اقرأ أيضاً: أصحاب المنازل المدمرة في غزّة يخشون بقاء "الغرف المتنقلة"

ويأمل الفيراني (33 عاماً) أن تتوفر مستلزمات الإعمار كافة، بكميات كبيرة وأسعار بيع تتناسب مع الظروف الحياتية السائدة، الأمر الذي سيؤدي إلى إنعاش كبير في حركة البناء ويدفع المواطنين خاصة الذين هدمت بيوتهم في الحرب الإسرائيلية الأخيرة إلى الإعمار، وبالتالي ستخلق المئات من فرص العمل.

ويقبل عمال البناء والإنشاءات على العمل في ليل شهر رمضان من أجل توفير بعض الأموال لعائلاتهم، التي لا تتجاوز قيمتها على مدار 30 يوما نحو 250 دولارا للعامل الواحد، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية داخل قطاع غزة المحاصر إسرائيليا منذ نحو تسع سنوات متواصلة.

ولا يقتصر العمل خلال ساعات الليل، طوال أيام شهر رمضان على العاملين في مهنة البناء والإعمار، بل تشمل مهن أخرى كورش الخياطة وتطريز الملابس وبعض المصانع التجارية، وكذلك العاملين في مشاريع البنية التحتية.

ويقول مالك أحد مصانع الخياطة، وسط مدينة غزة، مؤمن العجل إنه يضطر للعمل في شهر رمضان في ساعات النهار والليل من أجل تلبية طلبات التجار، مبينا أن العمل في ليل رمضان مرتبط بتوفر التيار الكهربائي، نظراً لصعوبة تشغيل المولد، الذي تنتج عنه أصوات مزعجة تؤرق سكان الحي النائمين.

ويوضح العجل لـ "العربي الجديد" أن منذ ثلاث سنوات يأتي شهر رمضان بالتزامن مع اقتراب موعد بدء العام الدراسي الجديد وعيد الفطر، الأمر الذي يتسبب لهم بضغط كبير؛ نتيجة ضيق الوقت بين المواسم وارتباط العمل بتوفر الكهرباء، بجانب إلحاح التجار المحليين بضرورة إنجاز طلباتهم بسرعة.

وحول كيفية قضاء نهار رمضان، يبين العجل أن العمل في المصنع ينتهي مع أذان الفجر، ليغادر العمال إلى منازلهم للنوم، وبعد الظهيرة يعمل كل شخص على توفير احتياجات عائلته من السوق التجاري وشراء مستلزمات الإفطار، فيما يخصص الوقت ما بعد صلاة العصر لصلة الأرحام والاجتماعات العائلية.

ويواجه العمال في قطاع غزة، ظروفا حياتية قاسية، وارتفاع معدلات الفقر في صفوفهم، نتيجة تدمير الاحتلال الإسرائيلي لمئات المنشآت الاقتصادية، على مدار ثلاثة حروب شنها ضد القطاع خلال السبع سنوات الماضية، بالتزامن مع اشتداد الحصار ووضع القيود المشددة على المعابر التجارية الحدودية.


اقرأ أيضاً: الفقر في صفوف عمال غزة 70% والبطالة 60%

المساهمون