تونس: سندات حكومية منتظرة تثير قلق الأثرياء

14 يونيو 2020
يواجه الاقتصاد أسوأ أزمة منذ الاستقلال بسبب كورونا (Getty)
+ الخط -
يثير طلب القرض الرقاعي (السندات) الذي أعلنت عنه حكومة إلياس الفخفاخ، الأربعاء الماضي، جدلاً كبيراً لدى الأوساط المالية في تونس، بسبب شروط الاقتراض التي وضعتها الحكومة.

وأعلنت الحكومة التونسية إصدارها قرضاً عبر سندات ضمن المرسوم الحكومي المتعلق بإجراءات لدعم أسس التضامن الوطني ومساندة الأشخاص والمؤسسات تبعا لتداعيات انتشار فيروس كورونا "كوفيد 19".

وقالت الحكومة في ذات المرسوم إنها تنوي فتح باب الاكتتاب في إطار قرض بواسطة سندات متوجهة إلى المواطنين للمساهمة في القرض دون تحديد المبلغ الذي تنوي تعبئته لفائدة الموازنة العامة.

في المقابل حصرت الحكومة شروط الاكتتاب بشراء سندات لا تقل القيمة الاسمية للواحد منها عن 100 ألف دينار (35 ألف دولار) مع تحديد مدّة السداد بعد عشر سنوات من تاريخ غلق الاكتتاب بنسبة فائدة لا تتعدى الـ4 بالمائة.

وفتحت تفاصيل القرض الذي تنوي الحكومة إصداره جدلاً كبيراً في تونس بسبب ارتفاع قيمة السندات مقابل ضعف نسبة الفائدة وطول فترة السداد مقابل ما هو معمول به في السوق المالية المحلية.

ويرى رجال أعمال وخبراء المال أن الحكومة تستهدف الأثرياء عبر دفعهم إلى إقراض الدولة بشروط ميسرة وفترة سداد طويلة نظراً للقيمة المرتفعة للسندات، معتبرين أن التوجه لأصحاب المال للاقتراض بنسب فائدة منخفضة يعكر مناخ الأعمال ويزيد من توجس رجال الأعمال الذين يراودهم الشعور بأن ثرواتهم باتت مستهدفة.
وقال متعامل اقتصادي طلب عدم الكشف عن اسمه إن "ثورات أصحاب الأموال في تونس باتت مستهدفة وإن الدولة تقايضهم بعدم فرض ضرائب جديدة مقابل المساهمة في الاكتتاب بشروط مجحفة".

وأضاف أن "عدم تحديد الحكومة لقيمة القرض الذي تنوي تعبئته عبر الاكتتاب يثبت غياب "سلامة النية" عبر إجبار الأثرياء على المساهمة في الاكتتاب بمبالغ قد تحددها الحكومة بحسب الوضع المالي لكل شخص".
 
وعام 2014 تمكنت حكومة مهدي جمعة من جمع 500 مليون دينار عبر قرض بواسطة سندات فتحته للعموم لم تتجاوز فيه قيمة السند الواحد 100 دينار مقابل 100 مليون دينار للقرض الحالي.

وأكد الخبير المالي معز الجودي أن تساؤلات عديدة تحوم حول القرض الجديد، مؤكداً أن الحكومة تراجعت عن فرض ضريبة على الثروة وغيرت الضريبة بقرض رقاعي بشروط مجحفة.

وأضاف الجودي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن القرض مخالف للشروط المعمول بها في سوق المال بسبب ضعف نسبة الفائدة وطول فترة السداد، مشيراً إلى أن نسبة الفائدة في السوق المحلية تفوق 7.5 بالمائة مقابل سعر فائدة مقترح من الحكومة بـ4 بالمائة وهي نسبة وصفها بالضعيفة جداً.

وأشار إلى أن "نسبة الفائدة عند الاقتراض لا يمكن أن تنزل دون نسبة التضخم التي تبلغ حالياً 6.5 بالمائة غير أن الحكومة تنوي التوجه لثروات رجال الأعمال بإجبارهم على المساهمة في الاكتتاب العام دون مراعاة للوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي تمر به البلاد".
ويرى الجودي في ذات السياق أن "إجبار أصحاب الثورات على الدفع لفائدة الدولة يوّلد احتقاناً وإحجاماً عن الاستثمار في الاقتصاد وهو ما سينعكس على النمو وخلق فرص العمل"، منتقداً زيادة الاقتراض لمجابهة النفقات.
وقال رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ في مايو/ أيار الماضي إن بلاده بحاجة إلى خمسة مليارات يورو (5.4 مليارات دولار) إضافية لموازنة العام 2020 بينما يواجه الاقتصاد أسأا أزمة له منذ استقلال البلاد في عام 1956 بسبب جائحة كورونا.

وبيّن أن "قانون المالية قدّر تمويلات خارجية بنحو 8 مليارات دينار، أكثر بقليل من 2.5 مليار يورو"، مؤكداً أن هذا الرقم سيتضاعف على الأقل وأن "الحكومة بصدد مناقشة كل الحلول المتاحة وطنياً ودوليّاً".

وأقر قانون المالية موازنة عامة للعام الحالي في حدود 47 مليار دينار (15 مليار يورو)، خُمس تمويلها من الخارج.
المساهمون