كانت العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان، من جانب الولايات المتحدة، حملاً ثقيلاً على كاهل الاقتصاد المحلي طيلة السنوات الماضية، حتى بعد الإعلان عن رفعها في أكتوبر/ تشرين الأول 2017.
لم يستطع الاقتصاد السوداني الاستفادة من رفع العقوبات، التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب حينها، وبقي الحال على ما هو عليه؛ بسبب استمرار وجود اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وحرمت العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان منذ 1997؛ بسبب دعاوى إيوائه للإرهاب، المصارف السودانية من استقبال أو إرسال تحويلات خارجية، وفرضت عقوبات على المصارف المخالفة.
كذلك، لم يكن السودان قادراً على استقبال شركات أوروبية أو أميركية للاستثمار في موارد البلاد المختلفة، مما أفقدها رؤوس أموال أجنبية وتخارج أخرى كانت قائمة، وفق تقرير لوكالة "الأناضول".
وأثار بيان صادر عن المركزي السوداني، الأربعاء الماضي، جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية المحلية، بعد أن أعلن محافظ المركزي بدر الدين عبد الرحيم عن تلقيهم خطاباً من مدير مكتب العقوبات بوزارة الخارجية الأميركية، يفيد برفع العقوبات عن 157 مؤسسة عاملة في البلاد.
وقال المحافظ، في بيان صحافي صادر عن المركزي السوداني، إنّ القرار الأميركي جاء بموجب الأمرين التنفيذيين 13067 و13412، الصادرين منذ 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2017.
وأشار البيان: "بموجب إلغاء الأمرين، تم رفع العقوبات عن 157 مؤسسة سودانية، ولم يتبق ضمن العقوبات سوى بعض الأفراد والمؤسسات المرتبطين بالأحداث في دارفور". لكن المحافظ، قال إنّ الخطاب أشار إلى عدم وجود علاقة بين العقوبات المرفوعة ومسألة التحويلات البنكية.
وخلال الفترة الماضية، كثف البنك المركزي السوداني من مخاطبته للمصارف العاملة في السوق المحلية والبنوك المراسلة، وبعض المصارف المركزية بالدول العربية، بتنشيط علاقات المراسلة المصرفية تعظيماً للمنفعة المشتركة.
في المقابل، أوضحت وزارة الخارجية الأميركية، في الخطاب الذي تلقته نظيرتها السودانية، الأربعاء، أنّ الولايات المتحدة ألغت العقوبات في ما يتعلق بالسودان وحكومة السودان بتاريخ 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2017.
والشهر الماضي، بعث وزير الدولة بالخارجية السوداني عمر قمر الدين، خطاباً إلى الخارجية الأميركية في ما يتعلّق بالصعوبات التي يواجهها السودان، في إجراء المعاملات المالية المتعلقة بـ استئجار طائرة لرحلة من جمهورية الصين الشعبية لإجلاء الطلاب السودانيين من الصين على خلفية تفشي فيروس كورونا.
وأوضحت الخارجية الأميركية، أنها تتفهم أن المؤسسات المالية والكيانات الأخرى قد تكون لديها تحفظات حول هذا الإلغاء لبعض العقوبات، وأضافت: "نحن ندعمكم على مشاركة هذه المستندات المؤيدة لقرار رفع الحظر".
وأحدث خطاب الخارجية الأميركية ارتباكاً في أسواق العملات الموازية، وسط ارتفاع متصاعد لأسعار صرف الجنيه السوداني أمام الدولار.
ومنذ الإعلان عن تجديد رفع العقوبات الأميركية، أحجم عدد كبير من تجار العملة عن بيع الدولار الذي وصل سعره إلى 120 جنيها في أسواق العملات الموازية، فيما حدد المركزي السوداني السعر بـ55 جنيها.
إلا أنّ خبراء اقتصاد سودانيين، قللوا من تأثير تجديد إعلان الولايات المتحدة رفع العقوبات عن 157 مؤسسة، على مسار الاقتصاد القومي الذي يعاني من أزمات متجددة ووصفوه بالقرار القديم.
وقالت الصحافية السودانية المتخصصة في شؤون الاقتصاد سمية سيد، إنّ خطاب وزارة الخارجية الأميركية لم يأت بجديد، "فالعقوبات الاقتصادية أعلن عن رفعها منذ 2017".
وأكدت سيد، في حديثها مع "الأناضول"، أنّ القرار لا تأثير له حال وجود اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، "بينما الوضع في القطاع المصرفي سيبقى دون تغيير ما لم يشطب اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب".
ووضعت الولايات المتحدة السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب منذ عام 1993.
وقالت الصحافية السودانية، إنّ "تجديد إعلان رفع العقوبات ما هو إلا رد على استفسار الخارجية السودانية، عن المعاملات المالية بخصوص استئجار الطائرة الصينية".
وقطعت بأنّ كل المؤسسات المالية العالمية، لن تكون لديها رغبة في التعامل الاقتصادي مع السودان، حال لم يشطب اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب. ويتفق الخبير الاقتصادي، هيثم محمد فتحي مع الصحافية سيد، في أنّ إعلان الولايات المتحدة برفع العقوبات قديم.
ورهن فتحي الذي كان يتحدث لـ"الأناضول"، عودة المعاملات المصرفية بين السودان والمؤسسات الدولية، بشطب اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وقال إنّ "وجود اسم السودان في القائمة، حد من تعامل الدول مع السودان رغم رفع العقوبات الاقتصادية منذ عامين.. دول ومصارف عالمية كثيرة تتخوف من التعامل مع السودان".
وبسبب شح الاستثمارات الأجنبية في السودان، تصاعدت حدة أزمة شح النقد الأجنبي في السوق المحلية، ما أدى لازدهار السوق الموازية (السوداء).
الخبير الاقتصادي، قال إنّ بلاده، خلال المرحلة الحالية، مطالبة بالاهتمام في الصادرات الزراعية، بـ"اعتبارها المخرج الوحيد لأزمة شح النقد الأجنبي التي تنتج منها الأزمات الأخرى".
وأوضح أنّ الحكومة الانتقالية، لم تعمل حتى الآن على تحسين الميزان التجاري عبر زيادة الصادرات، وتجنب زيادة واردات السلع خاصة الكمالية منها.
(الأناضول)