قال صندوق النقد الدولي إن وضع المالية العامة لدولة الكويت شهد تحسنا على خلفية ضبط الإنفاق العام، لتصبح الأفضل خليجيا.
وأضاف صندوق النقد في تقرير حصلت "العربي الجديد" على نسخه منه أن وضع العجز(غير النفطي) للموازنة العامة شهد تحسنا في العام الماضي ما يعكس المزيد من الجهود الحكومية الرامية لتقليص الإنفاق الجاري إضافة إلى أثر تخفيض دعم الطاقة بنحو ملياري دينار (نحو 6.5 مليارات دولار).
وذكر أن هذه الجهود ستؤدي بدورها لتقليص الإنفاق الجاري بحوالي 2.25 مليار دينار (نحو 10.6 مليارات دولار) على مدى العامين المقبلين، مبينا أن الموازنة العامة شهدت في السنة المالية (2016/2017) استبعاد دخل الاستثمارات الحكومية وبحساب مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة "عجزا كبيرا" للسنة الثانية على التوالي يعادل نحو 17.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأوضح تقرير الصندوق أن الحكومة غطت الاحتياجات التمويلية للموازنة العامة من خلال السحب من أصول صندوق الاحتياطي العام والاقتراض المحلي وبيع السندات السيادية الدولية.
وأكد صندوق النقد الدولي أن التحسن في تنفيذ مشاريع خطة التنمية الخمسية في دولة الكويت وتحسن الثقة سيدعمان الانتعاش التدريجي للاقتصاد الوطني، متوقعا نمو الناتج المحلي الحقيقي للقطاعات "غير النفطية" على المدى المتوسط وتسجيل نحو 4 % عام 2018.
وتوقع الصندوق ارتفاع الناتج المحلي الحقيقي للقطاعات النفطية في ذات العام إلى نحو 4.5 % بافتراض انتهاء اتفاق تخفيض حصص الإنتاج لمنظمة (أوبك) والتوسع في الإنتاج النفطي تدريجيا استنادا إلى خطط الاستثمار في هذا القطاع.
التضخم لأدنى مستوى
واعتبر التقرير أنه رغم تأثير ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وأسعار المياه، إلا أن معدلات التضخم بقيت في مسار سيؤدي لأدنى مستوياتها منذ عدة سنوات لتصل لنحو 1.75 % في 2017 مدفوعة بانخفاض إيجارات المساكن والتطورات المواتية لأسعار المواد الغذائية.
وقال التقرير إن القطاع المصرفي الكويتي "بقي متينا" وفقا لبيانات الربع الثاني من العام الحالي مشيرا إلى التباطؤ الطفيف في النمو الائتماني مع تسجيل الكفاية الرأسمالية للبنوك معدلات مرتفعة بلغت 18.3 % ومعدلات ربحية قوية مقارنة بالعائد على الأصول الذي بلغ 1.1%.
وذكر أن نسبة القروض غير المنتظمة شهدت انخفاضا لتصل إلى نحو 2.4 % في حين ارتفعت نسبة تغطية المخصصات للقروض غير المنتظمة إلى ما يفوق 200 %.
وعلى صعيد محفظة الودائع أشار إلى "تباطؤ" نمو ودائع القطاع الخاص في السنوات الأخيرة في حين قابله جزئيا ارتفاع الودائع الحكومية.
ولفت إلى أن بعض البنوك قامت بزيادة التمويل من الأسواق الدولية بينما تباطأت معدلات النمو السنوية للتسهيلات الائتمانية المقدمة للقطاع الخاص منذ يوليو /تموز 2016 مبينا أن "الاتجاه الأساسي لذلك النمو بقي أعلى من نحو 5.5 % في حين بقيت السيولة لدى البنوك وفيرة".
وأوضح التقرير أن سوق الأسهم شهد انتعاشا منذ وقت مبكر في العام الماضي إلا أنها استمرت بشكل متقلب في حين شهد انكشاف البنوك على شركات الاستثمار انخفاضا ليصل لنحو 2 % من إجمالي القروض.
توقعات مستقبلية
وبالنسبة لتوقعات المالية العامة والمالية الكلية والمخاطر توقع الصندوق أن تكون آفاق المالية العامة الكلية متوسطة الأجل "مواتية بوجه عام" رغم بقاء الاحتياجات التمويلية للموازنة العامة كبيرة.
وتوقع ارتفاع معدل التضخم السنوي لنحو 2.5% في 2018 وأن يبلغ 3.75% في 2019 مدفوعا بإدخال ضريبة القيمة المضافة "على أن يستقر بعد ذلك عند مستويات تقل عن 3.2%.
وأضاف أن الانتعاش التدريجي في إنتاج النفط وأسعاره سيحافظ على توازن الحساب الجاري لميزان المدفوعات على نطاق واسع.
وتوقع الصندوق بقاء الوضع الكلي للمالية العامة قريبا من الوضع التوازني رغم الارتفاع الأخير في أسعار النفط، مبينا أن السيناريو الأساسي يفترض أن تتراوح أسعار النفط عند 49 دولارا للبرميل خلال (2017-2019) وتزداد لتصل لنحو 52 دولارا للبرميل على المدى المتوسط بما يتفق عموما مع أسواق العقود الآجلة.
وأضاف أن هذا السيناريو يأخذ في الاعتبار الأثر المالي لإدخال ضريبة القيمة المضافة والرسوم على التبغ والمشروبات السكرية وبعض الزيادات في أسعار الخدمات الحكومية والالتزام الكامل لمدة ثلاث سنوات بسقف الإنفاق العام الذي تم الإعلان عنه أخيرا.
وذكر أن إجمالي الاحتياجات التمويلية للموازنة العامة يبقى "كبيرا" إذ إنه بموجب السيناريو الأساسي فإن الموازنة العامة (شاملة مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة وباستبعاد دخل الاستثمارات الحكومية) ستسجل "عجزا ماليا سنويا" بنحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات المالية الخمس القادمة.
وأوضح أنه سينتج عن تلك العجوزات احتياجات تمويلية تراكمية إجمالية بنحو 100 مليار دولار وستستمر تغطية هذه العجوزات من خلال إصدارات محدودة من الاقتراض المحلي والاقتراض الخارجي والسحب من أصول صندوق الاحتياطي العام.
وقال إنه رغم السيناريو الأساسي سيؤدي لتراجع رصيد المصدات المالية الذي توفره أصول صندوق الاحتياطي العام المتاحة "إلا أن إجمالي الأصول الأجنبية التي تديرها الهيئة العامة للاستثمار ستواصل الزيادة بالقيمة الاسمية".
وقال الصندوق إن هذه التطورات ستكون مواتية بشكل عام للاستقرار المالي ونمو الائتمان رغم وجود مخاطر سلبية على جودة الأصول موضحا أن "مصدات امتصاص الخسائر لدى البنوك مرتفعة وسيولة القطاع المصرفي وفيرة".