ربما يجد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في اجتماعات قمة العشرين المقررة نهاية هذا الأسبوع في مدينة أوساكا باليابان، نفسه في موقف صعب، للضغط على نظيره الصيني، شي جين بينغ، في اللقاء المقرر بينهما لتسوية ملف النزاع التجاري.
إذ أن ترامب يخوض ثلاث معارك أخرى في كل من إيران وفنزويلا وكوريا الشمالية، ولم يحقق أية مكاسب تذكر في أي منها، حسب محللين، وربما ستحسب عليه، وهو قد دشن، يوم الثلاثاء الماضي، حملته لرئاسة ثانية ستبدأ مراحل انتخاباتها في شهر أكتوبر/تشرين المقبل.
وعلى الرغم من أن ترامب لا يواجه حتى الآن خصماً من الوزن الثقيل يهدد فوزه برئاسة ثانية في الانتخابات المقبلة، إلا أن أياً من هذه الملفات الخطرة أو الحروب التي يخوضها يمكن أن تقلب عليه الطاولة، أو تؤلب عليه الأميركيين وتدخل الاقتصاد الأميركي والعالمي في كساد، وتضرب بالتالي المكاسب التي تحققت للمستثمرين في "وول ستريت".
فالمستثمرون وأصحاب الثروات الذين حققوا أرباحاً عالية في أسواق المال الأميركية، يعتقدون أن صعود سوق "وول ستريت" وصل إلى ذروته، وليس لدى ترامب ما يقدمه للاقتصاد الأميركي، إن لم تتم تسوية النزاع التجاري مع الصين.
على صعيد حرب الناقلات النفطية في الخليج والتوتر العسكري بين واشنطن وطهران، يعتقد خصوم الرئيس الأميركي أن "ترامب أشعل النار وعليه إطفاؤها".
وهناك مخاوف من أن يؤدي اندلاع أي من هذه الحروب إلى أزمة نفطية عالمية ترفع أسعار النفط إلى مستويات تكون مضرة بالاقتصاد الأميركي والعالمي، أو حتى تدمير بعض المنشآت النفطية المهمة لإمدادات الطاقة العالمية، خاصة في كل من السعودية والإمارات اللتين تتحالفان مع واشنطن وتشجعانها على خوض الحرب.
وكانت أسعار النفط قد ارتفعت بنسبة 5.0%، خلال الأسبوع الماضي، بسبب التوتر العسكري وسياسات "التيسير الكمي" أو خفض أسعار الفائدة وعودة المصارف المركزية إلى شراء السندات الحكومية.
كما كسبت أسعار الذهب 3.38% التي عادة ما تستفيد من أية اضطرابات جيوسياسية أو توتر عسكري في مناطق العالم الحيوية، لأن المستثمرين يتخذونه "ملاذاً آمناً"، وذلك وفقاً لبيانات سوق "وول ستريت"، نهاية يوم الجمعة.
ومعروف أن ارتفاع النفط يتبعه ارتفاع التضخم، لأنه يرفع من أسعار الوقود الذي يدخل في معظم مكونات الصناعة والنقل.
وفي أول هجوم ضده، حمّل السيناتور الديمقراطي البارز بيرني ساندرز، الذي يطرح نفسه للمنافسة على مرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة المقبلة، ترامب، مسؤولية تصعيد التوتر بين واشنطن وطهران، وانتقد بشدة فكرة توجيه "ضربة محدودة" لإيران.
وعلى صعيد فنزويلا التي تحمّس ترامب على تغيير نظام حكم نيكولاس مادورو، وتجاهلها الآن، سيحسب عليه خصومه المتاعب التي سببها لصناعة المصافي الأميركية، وفشله في نجاح الحملة الشرسة لتغيير النظام الحاكم في فنزويلا.
وكان الحظر المشدد الذي فرضه ترامب على النفط الفنزويلي قد سبب عدة مشاكل للمصافي الأميركية التي تعتمد على النفط الثقيل، قبل أن تتمكن في وقت لاحق من حلها ببدائل.
أما على صعيد كوريا الشمالية، فقد تناسى ترامب هذا الملف وسط مستجدات التوتر الإيراني. ولا يستبعد مصرفيون غربيون أن يستخدم الرئيس الصيني "ورقة الحروب" التي يخوضها ترامب ويمتنع عن تقديم تنازلات له في الحرب التجارية عند لقائهما في اليابان، حتى يفسد عليه حملته الانتخابية التي تعتمد في معظمها على نجاحاته التجارية والاقتصادية.
ويرى المصرفي الأميركي تايلر دوردن، في تحليل لموقع "زيرو هيدج"، أن الرئيس الصيني قد يلجأ إلى استخدام ورقة "النزاع التجاري"، ويمتنع عن تقديم أية تنازلات لترامب.
وعلى الرغم من أن دوردن يتناول ثلاثة سيناريوهات محتملة لنتائج اللقاء المحتمل بين ترامب وشي، وهي التهدئة أو التصعيد التام للنزاع، أو تجميد النزاع وترك الرسوم الجمركية على ما هي عليه من دون تغيير، إلا أنه يركز على احتمال التصعيد التجاري ونقل النزاع من حرب تجارية إلى حرب باردة على جميع الجبهات.
ويشير في هذا الصدد، إلى أن التنسيق الروسي الصيني والإيراني، ربما يحفز الرئيس الصيني على خيار التصعيد.
وفي سيناريو التصعيد، لا يستبعد تحليل الخبير المصرفي الأميركي، أن تستخدم الصين أسلحة "حرب العملات" وتقوم بخفض اليوان مقابل الدولار، وتعلن بكين الحرب على العملة الأميركية، عبر بيع جزء من موجودات السندات الأميركية، البالغة 1.17 تريليون دولار.
وفي سيناريو التصعيد، لا يستبعد تحليل الخبير المصرفي الأميركي، أن تستخدم الصين أسلحة "حرب العملات" وتقوم بخفض اليوان مقابل الدولار، وتعلن بكين الحرب على العملة الأميركية، عبر بيع جزء من موجودات السندات الأميركية، البالغة 1.17 تريليون دولار.
وكذلك خوض الصين حرب الاستثمار والتجارة، عبر حرمان شركات كبرى في التقنية مثل آبل وهواتفها النقالة من دخول السوق الصيني، وكذلك حرمان الشركات الأميركية المتواجدة في الصين من مزايا استثمارية وتسويقية.
ويعتقد دوردن، أن مثل هذه الإجراءات ستقود تلقائياً إلى ضرب مؤشرات "وول ستريت" التي يتفاخر بها ترامب في تغريداته أمام خصومه الديمقراطيين. كما أن الاقتصاد الأميركي حالياً في حالة من الهشاشة ربما تقوده إلى الركود.
ومن الجانب الأميركي، لا تبدو حتى الآن بادرة تهدئة تجاه الصين في ملف النزاع التجاري، إذ أعلنت وزارة التجارة الأميركية، يوم الجمعة، أنها أدرجت عدة شركات صينية ومعهداً تابعاً للدولة لإنتاج أجهزة كمبيوتر عملاقة مزودة بتطبيقات عسكرية، في الكيانات التي تضمها قائمة الأمن القومي، والتي تحظر عليها شراء قطع ومكونات أميركية من دون موافقة الحكومة.