عبدالمطلب أربا: كورونا خلقت فرصاً إيجابية للاقتصاد التركي

27 ابريل 2020
أربا أكد امتلاك الاقتصاد التركي مقومات مجابهة الأزمات(العربي الجديد)
+ الخط -

تحدث عبدالمطلب أربا الخبير الاقتصادي التركي ورئيس قسم الاقتصاد بجامعة صباح الدين زعيم التركية، في حوار مع "العربي الجديد"، عن تأثير كورونا على الاقتصاد التركي ودور الحكومة في التعامل مع تداعيات تلك الأزمة خاصة مع تراجع سعر صرف العملة المحلية.

وأشار أربا إلى مشروعات التنقيب عن النفط في منطقة شرق البحر المتوسط، ومدى تأثير الأزمات الاقتصادية على خطة تركيا 2023، وتقييمه للمشروعات القومية التي يطرحها الحزب الحاكم.

كما تناول مستقبل قطاع العقارات في تركيا، وما هو الهدف الاقتصادي لتركيا في ليبيا، وسر تراجع العلاقات التجارية بين تركيا وبعض الدول العربية.


في ما يأتي نص الحوار
:

  • بدايةً، ما هو تأثير فيروس كورونا على الاقتصاد التركي؟

** لا شك أن الاقتصاد العالمي سوف يتأثر بدرجة ما من جراء تداعيات وآثار انتشار الوباء الذي سببه فيروس كورونا وما نجم عنه من توقف حركة الطيران والسياحة وتراجع بعض الأنشطة، لكننا ما زلنا لا نستطيع أن نحدد بدقة حجم التباطؤ الاقتصادي العالمي الناجم عن هذا الوباء، ولعل الأمر يتعلق بالمدى الزمني الذي سيستغرقه هذا الوباء، فكلما انكسرت حدة الوباء بسرعة كانت تأثيراته محدودة.


أما بالنسبة للاقتصاد التركي فإنه كذلك من المبكر أن نحكم بدقة، ولكننا نستطيع أن نؤكد أن الأزمة الوبائية خلقت فرصاً إيجابية للاقتصاد التركي تتمثل في زيادة الطلب على الصادرات التركية في بعض القطاعات الإنتاجية، كما أننا نلحظ أن انخفاض سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار في الشهر الأخير قدم فرصة لجذب الاستثمارات الأجنبية في بعض المجالات النوعية.


كما أن قرارات البنك المركزي التركي السبعة المتتالية بتخفيض قيمة الفوائد البنكية أدت إلى تنشيط الاستثمار وزيادة فرص العمل، من خلال التوسع في إنشاء المشروعات الإنتاجية الجديدة وتمويل توسعات المشروعات القائمة.

  • ما تقييمك لدور الحكومة في احتواء تداعيات أزمة كورونا؟

** دعني أقول لك أولاً إن الاقتصاد التركي يمتلك مقومات القوة والقدرة على مجابهة الأزمات من خلال 3 حقائق ثابتة؛ أولاها تنوع مجالات النشاط الاقتصادي بين الزراعة والصناعة والخدمات بأنواعها بحجم ناتج إجمالي يقترب من التريليون دولار سنوياً ويدفع بنا إلى مركز متقدم في مجموعة الدول العشرين.

ثانيا، السوق المحلية الكبيرة؛ فنحن نقترب من 85 مليون مواطن ومقيم بالإضافة إلى 50 مليون سائح سنوياً مع متوسط دخل الفرد التركي الذي يقترب من 12 ألف دولار سنوياً.

ثالثا، أسواق مفتوحة للتصدير في كل أنحاء العالم. لقد تنامى حجم التجارة الخارجية حتى فاق 400 مليار دولار سنوياً، بالصورة التي أدت إلى تحقيق فائض في ميزان المدفوعات خلال شهر يناير الماضي.

ومن ناحية تفاعل الحكومة السريع والإيجابي مع تداعيات الأزمة الحالية، قدم الرئيس رجب طيب أردوغان بالفعل حزمة من الإجراءات والقرارات الاقتصادية الكفيلة بدعم النشاط الاقتصادي في هذه الفترة؛ مثل إيقاف تحصيل الضرائب، وتأجيل سداد القروض 6 شهور، ودعم الشركات ومنح قروض للشركات الصغيرة والمتوسطة بدون فوائد من بنك الدولة، ودفع التأمينات للعاملين المتضررين من الأزمة، ورفع المعاشات إلى 1500 ليرة وتوصيل الراتب إلى البيوت، بالإضافة إلى تطبيق نظام صحي خاص بالمسنين.

  •  تراجع سعر صرف الليرة بشكل ملحوظ عقب انتشار الوباء، برأيك هل يمثل ذلك إزعاجاً للحكومة؟ وما تأثير هذا التراجع على ارتفاع الأسعار أو ارتفاع معدل التضخم؟

** الجميع يعلم أن تخفيض سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار يؤدي إلى تحقيق زيادة ملحوظة في الصادرات والاستثمار الأجنبي، ولذلك فإن سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار الأميركي له فوائد كبيرة إيجابية. أما عن معدلات التضخم فيتم التحكم فيها عن طريق زيادة الإنتاج وخفض الواردات، وقد تحقق ذلك بالفعل بصورة مُرضية.

  •  بدأت تركيا التنقيب عن النفط في منطقة شرق البحر المتوسط، بل وأعلنت إصرارها على استكمال ذلك، إلى أي مدى ستنجح تركيا في ذلك؟ وما تأثير ذلك على قطاع الطاقة في البلاد؟

** التخطيط الاستراتيجي لقطاع الطاقة في تركيا يسير بنجاح منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم نوفمبر/تشرين الثاني 2002، ونتوقع أن تستمر بنجاح الخطة الموضوعة للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية التركية في شرق البحر الأبيض المتوسط، اتفاقاً مع المبدأ المعروف دولياً بسيادة الدولة على ثرواتها، وعدم جواز منازعة الدولة في الثروات التي تقع داخل حدودها.

ولا شك في أن نجاح جهود التنقيب المتوقعة سينقل تركيا إلى مصاف الدول المنتجة للنفط والغاز، بما يحقق الاكتفاء المطلوب من احتياجات الخطط التنموية أو بما يقلل من استيراد مواد الطاقة إلى الحد الأدنى، وفي كل الأحوال سوف تخفض من فاتورة الواردات بل قد نتفاءل بالوصول إلى الهدف الكبير بتحقيق فائض في الميزان التجاري.

  •  هل الأزمات التي تواجه الاقتصاد العالمي والتركي ستؤثر على خطة 2023 التي تخطط تركيا من خلالها لأن تصبح ضمن أول 10 دول في العالم؟

** نتوقع، لأسباب موضوعية سابق ذكرها، أن تخرج تركيا متعافية ومستفيدة من الأزمات التي يعانيها الاقتصاد العالمي، بل نتوقع أن تسفر هذه الأزمة بعد نهايتها عن تقدم تركيا عدة مراكز إلى الأمام في طريق تحقيق خطة 2023.

  •  ما هو تقييمك لمشروعات أردوغان القومية الكبرى، مثل قناة إسطنبول الجديدة؟ وهل تمثل تلك المشروعات عبئاً على المالية العامة للدولة؟

** السؤال يحتاج إلى تصحيح لأن مشروع قناة إسطنبول هو مشروع الدولة التركية التي يرأسها الرئيس أردوغان، وتركيا دولة مؤسسات تتخذ فيها القرارات بمشاركة كل الجهات ذات الصلة، كما أن مشروع قناة إسطنبول سيمثل إضافة كبيرة للمالية العامة للدولة التركية.

  •  أين سنرى قطاع العقارات في تركيا؟ هل ما زال جاذباً للاستثمارات الخارجية، أم أنه سيتراجع في المستقبل؟

** قطاع العقارات التركي يتمتع بقوة جذب كبيرة نتيجة المزايا النسبية والتنافسية التي تجعله دائماً في مقدمة دول العالم الجاذبة للاستثمار العقاري، ثبت ذلك منذ سنوات واستمر في منحنى تصاعدي يحقق أرباحاً وعوائد استثمارية مجزية لكل منتسبي هذا القطاع الواعد.

وتركيا تتمتع بنمو سكاني متزايد سنوياً قفز من 1.3% إلى 1.6%، ولا يزال مستمراً بالإضافة إلى معدل زيادة في متوسط دخل الفرد والذي يدفع بالطموحات لاقتناء مسكن أفضل. أما من ناحية شراء الأجانب، فلا ننسى تأثير موقع تركيا المتميز ومواردها في جذب المستثمرين.

ونتوقع قفزة في القطاع العقاري خلال الأزمة وبعدها، ويكفي أن أعلن أن مبيعات العقارات في يناير/كانون الثاني 2020 زادت على أساس سنوي بنسبة 56 ٪؜، كما أن تخفيض العوائد البنكية دفع الطلب المتراكم والمؤجل إلى مرحلة إتمام الصفقات.

  •  ماذا تريد تركيا من ليبيا اقتصادياً؟

** كما تعلمون، فإن العلاقات التركية-الليبية علاقات وطيدة تمتد لسنوات طويلة مضت، من التعاون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية. وقد توجت هذه العلاقات التاريخية بالاتفاق الأخير، الذي يرسم الصلاحيات الحدودية ويؤكد محاور ونقاط التعاون الأمني والعسكري. 

وتسعى تركيا لدعم الاقتصاد الليبي، بالإضافة إلى دعم جهود ليبيا في الحفاظ على ثرواتها من خلال تحقيق المصالح المشتركة لكلا الطرفين.

  • أخيراً.. لمَ تسعى الدول العربية إلى تحجيم أو إلغاء اتفاقات التجارة الحرة مع تركيا؟

** شهدت السنوات العشرون الأخيرة تصاعداً واضحاً في حجم العلاقات الاقتصادية التركية العربية بصفة عامة، مع نمو متزايد لحجم التجارة العربية التركية، والذي تمثل في زيادة حجم التبادل التجاري بين تركيا والدول العربية. لكن ورغم ذلك، تتعرض بعض الدول العربية الشقيقة لضغوطات سياسية تدفعها إلى اتخاذ بعض المواقف التي نتفهم أسبابها، ولكننا على يقين أن هذه المواقف لن تؤثر على حجم التجارة الحقيقي على الأرض.

المساهمون