متضررو المنشآت المدمرة بغزة يشكون غياب التعويضات

20 مارس 2017
جانب من وقفة احتجاجية لمزارعي غزة (عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -
لم تكل المواطنة الفلسطينية انشراح أبو عمشة من بلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة، من طرق أبواب وزارتي الاقتصاد والزراعة، من أجل تعويضها عن الخسائر والأضرار التي لحقت بها جراء استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي محلها التجاري ومزرعتها خلال الحرب الأخيرة على غزة صيف 2014.

تلك المحاولات المتواصلة لم تجد نفعاً، إذ لم تحصل سوى على وعود بإنهاء أزمتها، الناجمة عن قصف مصدر رزقها القائم على تجهيز العرائس ومواد التجميل والملابس، والذي طاول أيضا بيتها ومزرعة للأغنام.

وتوضح أبو عمشة لـ "العربي الجديد" أنها لم تحصل على أي تعويض على منشأتها التجارية حتى هذه اللحظة، مضيفة: "زوجي مريض سرطان، وأقوم بإعالة 6 بنات، وثلاثة أولاد، وأطالب بحقي في التعويض من أجل تسديد ديوني والتمكن من إعادة إنشاء المحل الخاص بي، كي أتمكن من توفير لقمة العيش لأبنائي".

حال أبو عمشة انسحب على آلاف العائلات الفلسطينية المتضررة، جراء استهداف قوات الاحتلال لحوالي 5 آلاف منشأة تجارية وصناعية خلال الحرب الأخيرة، والتي استمرت نحو 51 يوماً، راح ضحيتها حوالي 2147 شهيدا، و10870 جريحا، إضافة إلى تدمير آلاف البيوت والمنشآت الاقتصادية والرسمية.

ويقول المتضرر ناجي أبو جامع، من منطقة الزنة شرقي مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، إن الاحتلال دمر ورشته الخاصة بتصنيع الألومنيوم والنحاس، والتي تقدر قيمتها بعشرات آلاف الدولارات، وأنهى عمله وأربعة من أولاده، كانوا يعتاشون منها.

ويوضح أبو جامع أنه توجه إلى وزارة الاقتصاد في خان يونس، وتلقى وعودا بإنهاء أزمته، وتعويض خسارته، ومن ثم توجه إلى الغرفة التجارية، مشيراً إلى أنه بات في أمس الحاجة إلى صرف التعويضات اللازمة، خاصة وأنه أصبح مديوناً، وملاحقاً من أصحاب الديون.
ويضيف لـ"العربي الجديد": "نطالب بحقوقنا فقط ولسنا متسولين، ولا نحتاج إلى كوبونات وسلال غذائية، نريد تعويضنا عن خسائرنا فقط".

أما المتضرر نعيم قنن، من مدينة خان يونس، وهو صاحب محل تجاري خاص ببيع أدوات الصيد البحري، فيقول إنه تم تدمير محله عندما تم قصف موقع شرطة قريب و"أصبح المحل أثراً بعد عين".

"قنن" توجه أيضاً إلى وزارة الاقتصاد لكن دون جدوى، ويشير إلى أنه قام بتسليمهم كل الأوراق الثبوتية ومواد التصوير التي تثبت وضع المحل قبل وبعد القصف، وأنه قام بتجريف المحل على نفقته الخاصة، وأصبح مديوناً، ولا يستطيع سداد ديونه، مطالباً الجهات المختصة بالإسراع في تعويض خسائرهم.

الأضرار المادية الجسيمة لحقت بأصحاب المنشآت من جنوبي قطاع غزة حتى شماله، إذ يقول الستيني، راتب شبات، من بيت حانون إنه حصل على دعم لمشروعه الصغير من بنك فلسطين، وأنشأ محلاً لمستحضرات التجميل للنساء يحوي إكسسوارات، لكنه تعرض للقصف مع البيت خلال الحرب.

ويوضح شبات لـ "العربي الجديد" أن البنك استمر بخصم 800 دولار شهرياً من قيمة القرض، على الرغم من معرفته بتدمير المنشأة التجارية والبيت، داعياً الحكومة الفلسطينية إلى صرف التعويضات اللازمة والتي تقدر بنحو 33 ألف دولار، كي يتمكن من دفع ديونه وإعادة تشييد منشأته التي تعينه على توفير مستلزمات بيته.

من ناحيتها، تقول المتضررة رجاء حبيب من منطقة الشجاعية شرق مدينة غزة، إن الاحتلال دمر محل زوجها التجاري خلال الحرب، وكان يعمل به برفقة ثلاثة من أولادها، مضيفة: "قُصف المنزل وتم تدمير المحل خلال الهجمة الإسرائيلية على حي الشجاعية خلال الحرب الأخيرة".

وتوضح أنها وزوجها باتا غير قادرين على توفير متطلبات أولادهم طلاب الجامعات والمدارس، وأنهما توجها إلى الوزارات المعنية والغرفة التجارية دون جدوى، مضيفة: "نأمل في تعويضنا ولو نصف المبلغ حتى نتمكن من إعادة افتتاح المحل الذي يعيلنا".

ويشير ناهض عنبر (51 عاماً) من منطقة التفاح شرقي مدينة غزة، والذي يعيل ثلاثة أولاد وبنتاً، إلى أنه خسر كراجاً مساحته 350 مترا يحوي مواتير وقطع غيار وسيارة، وتقدر خسائره بنحو 200 ألف دولار، لم يحصل منها على شيء، مضيفاً: "طرقت كل الأبواب، بعد أن أصبحت مديوناً للجميع، وأريد تعويضي قبل أن أدخل السجن".

وبينما يشكو المتضررون من القطاع التجاري والصناعي في غزة، من عدم حصولهم حتى الآن على التعويضات اللازمة لإعادة إحياء أعمالهم، تقول السلطات المحلية إنّ المانحين لم يلتزموا حتى الآن بدفع ما يترتب عليهم من أموال للقطاعات الاقتصادية التي تعرضت للاستهداف من قبل الاحتلال الإسرائيلي.

ويقول سامي العمصي، رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، إن نحو 5 آلاف منشأة تجارية وصناعية تضررت، منها 500 منشأة تم تدميرها بشكل كامل، وأنه تم حصر الخسائر بنحو 280 مليون دولار، لم تتجاوز نسبة التعويضات 10% حتى الآن.

ويضيف العمصي في لقاء مع "العربي الجديد" أن عدداً من المتضررين لم يحصلوا على أي تعويض منذ حرب 2008 وحرب 2012، إضافة إلى الحرب الأخيرة في 2014، ما أثر بشكل كبير ولافت على الاقتصاد الفلسطيني، والعجلة التجارية، التي أصبحت في تدهور وتراجع مستمر.

وكشفت تقارير رسمية سابقة عن حالة من التباطؤ في إعادة إعمار قطاع غزة، في ظل تضييقات الاحتلال الإسرائيلي وعدم إيفاء العديد من الدول بتعهدات تقديم مساعدات مالية للمتضريين بالقطاع الذي دمر الاحتلال الإسرائيلي فيه آلاف المباني ومساحات شاسعة من الأراضي الزراعية والبنية التحتية.
المساهمون