تونس: سوق الكمامات طوق نجاة لمصانع النسيج

15 ابريل 2020
قطاع النسيج يمثّل ثلث المؤسسات الصناعية التونسية (Getty)
+ الخط -

 

دخل قطاع النسيج في تونس على خط تصنيع الكمامات، في محاولة للاستفادة من الطلب المحلي والعالمي على هذه السوق الجديدة، بعد أن كان العديد من المصانع والورش الصغرى على حافة الإقفال وتسريح العمال.

ومنذ إعلان منظمة الصحة العالمية أهمية الكمامات في التقليص من انتشار عدوى فيروس كورونا ومنذ أصبح ارتداؤها إلزامياً في الكثير من البلدان، نشط العديد من مؤسسات النسيج التونسية في تصنيع هذه المواد التي كانت حكرا على مصانع المواد الطبية.

ومثّلت سوق الكمامات طوق نجاة للعديد من مصانع النسيج التي كانت تشتغل لصالح ماركات عالمية أو محلية، بعد توقف التصدير بأكثر من 44 في المائة نحو الخارج، حسب آخر الإحصائيات التي كشف عنها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات.

وأعلنت وزارة الصناعة عن وضع كراس شروط لتحديد مواصفات الكمامات، بهدف تحسين نفاذ المنتجات المصنعة في تونس إلى السوق العالمية والتأكد من جودتها، فضلا عن تحديد الأسعار النهائية عند البيع مختلف الأصناف لمنع المضاربة.

وفي بلاغ لھا، أكدت وزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، الأسبوع الماضي، أنه سیتم التوجه نحو تصنيع الكمامات الواقية ذات الاستعمال المتعدد وغير الملوثة للبيئة، استعدادا لمرحلة ما بعد الحجر الصحي الشامل.

كما دعت الوزارة المختصین في قطاع النسيج إلى مساندة المجھود الوطني في تصنيع الكمامات، وطالبتهم بالالتزام بمواصفات فنية محددة، وتوقعت اللجنة المكونة من وزارتي الصحة والصناعة والجامعة التونسية للنسیج والملابس، تزايدا سريعا للطلب على الكمامات في الفترة القادمة نظرا لإلزامية استخدامها بعد نهاية الحجر الصحي.

وأكد جلال العلوي، صاحب مؤسسة نسيج متوسطة (تشغل 25 عاملة)، أنه استفاد من فتح السوق المحلي لإنتاج الكمامات بعد أن كان مصنعه مهددا بالغلق نتيجة وقف طلبيات ملابس حصل عليها قبل جائحة كورونا من عدد من العلامات المحلية والأجنبية.

وقال العلوي لـ"العربي الجديد" إن نشاط مصنعه تحوّل بنسبة 100 في المائة لصناعة كمامات وملابس واقية لعمال النظافة بعد أن تحصّل على طلبية من بلدية محلية لتصنيع كمية من الكمامات والسترات الواقية لفائدة عمالها.

ورغم انفراج الوضع نسبيا لمصانع النسيج بفضل سوق الكمامات، إلا أن العلوي أكد أن هذه السوق لا تخلو بدورها من صعوبات بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية بأكثر من 150 في المائة، مشيرا إلى أن سعر متر النسيج الذي يحوّل إلى كمامات قفز من 750 مليما إلى 2000 مليم في ظرف أسبوع. كما زاد سعر "الأستيك" الذي تثبت به الكمامات في الأذن بذات النسبة.

وأفاد المتحدث بأن "حيتان" النسيج جففوا السوق من المواد الأولية بعد صدور كراس الشروط التي أقرتها الحكومة ليحتكروا السوق، ما يقلل من حظوظ أصحاب الورش والمصانع الصغرى والمتوسطة بالاستفادة من الطلب العالمي والمحلي على هذا المنتج.


لكن العلوي أكد أن تحديد كراس الشروط للأسعار القصوى عند البيع ومسالك التوزيع يحد من إمكانيات المضاربة واحتكار "الكبار" للسوق، مشددا على أهمية تسهيل نفاذ ورش النسيج الصغرى إلى هذه السوق لمساعدتها على البقاء ومجابهة الأزمة والمحافظة على رزق العاملين فيها.

وقالت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد إنها تلقت إشعارا يتعلق بشبهات في إعداد كراس شروط موجه، واستغلال معلومة ممتازة وتضارب مصالح صفقة الكمامات الواقية المعدة للاستعمال غير الطبي المعلن عنها من قبل وزارتي الصحة والصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة.

وأفادت بأن بعض الأطراف عمد إلى شراء كل الكميات المتوفرة من نوع محدد من القماش المخصص لصنع الكمامات الواقية بغاية المضاربة فيها.

من جانبه، أكد رئيس الجامعة الوطنية للنسيج، حسني بو فادن، أن الصيدلية المركزية ستقوم باقتناء 30 مليون كمامة، مشيرا إلى أن مصانع نسيج ذات الطاقة التشغيلية العالية وجّهت إنتاجها كليا نحو صناعة الكمامات بهدف توفير احتياجات السوق المحلية.

وأضاف بو فادن في تصريح لـ"العربي الجديد" أن إلزامية وضع الكمامات حتى بعد فترة الحجر الصحي، تتطلب توجيه كل جهود التصنيع نحو السوق التونسية، مشيرا إلى أن تحديد السعر الذي تم النص عليه ضمن كراس الشروط، كان مطلب القطاع الخاص بهدف تفادي الاحتكار والمضاربة.


وتمثل المؤسسات العاملة في قطاع النسيج والملابس حوالي ثلث المؤسسات الصناعية التونسية، حيث يبلغ عددها 1570 مؤسسة، من ضمنها 1298 مؤسسة مصدرة كليا وتقوم بتشغيل قرابة 160 ألف عامل أغلبهم من النساء أي قرابة 30 في المائة من مواطن الشغل الصناعية، وفقا لتقارير رسمية.

ويُعد قطاع النسيج رافدا أساسيا لاستقطاب الاستمارات الخارجية حيث توجد 678 مؤسسة ذات مساهمة أجنبية في رأس المال بشكل كامل أو جزئي، ومعظمها استثمارات أوروبية.

ويعتبر العمل في النسيج من بين أكثر القطاعات هشاشة، بسبب سهولة تسريح العمال الذين لا يحصلون على تعويضات في أغلب الأحيان ما يجعلهم الأكثر عرضة لأي تقلبات قد تستهدف هذا القطاع.

ويتفاوت أصل رأسمال هذه المؤسسات النسيجية، فمنها 48 في المائة ذات رأسمال محلي تونسي، و36 في المائة ذات رأسمال أجنبي، وأخرى ذات رأسمال مشترك، حسب بيانات رسمية.

دلالات
المساهمون