أزمتا وقود وكهرباء تزيدان معاناة الليبيين مع سخونة المعارك

12 يونيو 2019
أزمات متكررة في الوقود بالبلد المنتج للنفط (فرانس برس)
+ الخط -

 

تشهد العاصمة الليبية طرابلس وعدة مناطق في البلاد، أزمة في البنزين وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة يومياً، ما يزيد من الصعوبات المعيشية للمواطنين في ظل ارتفاع درجات الحرارة وسخونة المعارك التي تزيد وتيرتها وأثرت على مختلف مناحي الحياة.

وبدأت الشركة العامة للكهرباء في تطبيق برنامج لتقليل الأحمال، للمحافظة على سلامة الشبكة، في ظل تزايد الاستهلاك مع دخول الذروة الصيفية واللجوء إلى استخدام أجهزة التكييف.

وقال محمد التكوري، مدير الإعلام في شركة الكهرباء في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" إن هناك مساعي لتخفيف العجز القائم في التيار في ظل عدم تمكن فرق الصيانة من إصلاح بعض الأعطاب في مناطق جنوب طرابلس بسبب استمرار الاشتباكات.

ووفق بيان للشركة حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، توقفت وحدتان للكهرباء في محطة الزاوية، مما تسبب في فقدان نحو 270 ميغاواطاً، كما توقفت وحدة ثالثة في محطة جنوب طرابلس بقدرة 90 ميغاواطاً، مشيرة إلى ضعف أداء الشبكة نتيجة تضرر بعض الخطوط الرئيسة المهمة لنقل الطاقة جراء الاشتباكات الدائرة جنوب طرابلس.

وتتعاظم مخاوف المواطنين من تفاقم المعاناة من قطع الكهرباء مع ارتفاع درجات الحرارة لنحو 40 درجة مئوية، فيما طاولت الأزمة عمليات توزيع الوقود الذي لطالما جرى الاعتماد عليه خلال الفترات الأخيرة لتشغيل المولدات المنزلية، كبديل أساسي في ظل الانقطاع المتكرر للكهرباء.

وتصطف طوابير السيارات على محطات البنزين في طرابلس والعديد من المناطق المجاورة، فيما تعهدت حكومة الوفاق بإنهاء الأزمة.

وقال محمد فتح الله، رئيس لجنة الوقود التابعة للجنة الطوارئ في حكومة الوفاق الوطني لـ"العربي الجديد" إن الناقلة "أنوار ليبيا" رست في ميناء طرابلس بحمولة قوامها 35 مليون لتر من البنزين، فيما دخلت ناقلة أخرى إلى ميناء الزاوية النفطي، لتوفير الوقود لمختلف المحطات.

وأضاف فتح الله، أن: "هناك من يشغل الأزمات للمتاجرة بقوت الليبيين واستغلال الأوضاع الجارية في طرابلس"، مؤكداً أن الأزمة في طريقها للحل في غضون أيام قليلة.

ويُوزَّع الوقود في طرابلس، عبر أربع شركات: "الراحلة" و"الشرارة الذهبية" وشركة "خدمات الطرق السريعة" و"ليبيا للنفط"، التي استُحدثت مطلع عام 2007 ، فيما توجد نحو 30 محطة لتوزيع المحروقات.

وتعتمد ليبيا على خمس مصافٍ لتكرير النفط، ويغطي إنتاجها 30 في المائة من احتياجات السوق المحلية، بينما تعتمد على الاستيراد لتغطية 70 في المائة تقريباً من احتياجات البلاد. وتراجع إنتاج المصافي على مدار الفترة الماضية لتعمل بنصف طاقتها تقريباً، وفق مصادر نفطية.

وتتعرض مناطق جنوب العاصمة، منذ أكثر من شهرين، إلى هجمات عسكرية من قبل قوات تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، فيما تبادلها قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا الاشتباك.

وأدت المعارك إلى نزوح أكثر من 80 ألف مواطن من مناطق الاشتباكات، فضلا عن خسائر في البنية التحتية وتدمير مساكن ومنشآت قدّرها مراقبون بنحو 5 مليارات دولار.

وقال محمد أحمد، الخبير النفطي لـ"العربي الجديد"، إن تكرار أزمات الوقود في المدن والقرى الليبية، يرجع إلى سوء نظام التوزيع، فضلا عن تفاقم مشكلة سرقة وتهريب الوقود.

وأضاف "هناك تخريب عن عمد لقطاع توزيع المحروقات في ليبيا والأمور تزداد ترديا مع مرور الأيام". وأضحت الخدمات الرئيسية في مرمى هجمات قوات حفتر، الأمر الذي دفع رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج إلى الإعلان في إبريل/نيسان الماضي عن أن بعض المدن الليبية تشهد، بجانب الهجمات المسلحة "عدواناً على الجانب الاقتصادي والمالي".

وتسببت المعارك في نقص العديد من المنتجات جراء إغلاق الكثير من المتاجر أبوابها، لترتفع أسعار السلع الأساسية، فيما تشهد المصارف شحا في السيولة النقدية.

وخصص المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق قبل نحو شهرين ملياري دينار (1.43 مليار دولار) لمعالجة الأزمات المعيشية الناجمة عن الاشتباكات. ويأتي المبلغ لتوفير احتياجات النازحين من مواقع المعارك وجميع المتضررين بمختلف المناطق، وتقديم الخدمات الضرورية التي تشمل مستلزمات العلاج.

وتزيد المعارك الدائرة من خسائر الاقتصاد الليبي جراء تراجع الإيرادات النفطية بالأساس وضعف القوة الشرائية للدينار. وتنفق ليبيا سنوياً 30 مليار دولار لتغطية الإنفاق العام، من دعم ورواتب ونفقات حكومية، ويبلغ الحد الأدنى للأجور 450 دينارا (321 دولاراً).

وانخفضت احتياطيات النقد الأجنبي لليبيا إلى نحو 67.5 مليار دولار بنهاية 2018، مقارنة بـ123.5 مليار دولار في عام 2012، وفق البنك الدولي.

وفي ظل حالة التقشف الحكومي، تراجعت قيمة واردات ليبيا من حوالي 32.2 مليار دينار ليبي (23 مليار دولار) عام 2013، إلى 8.1 مليارات دينار (5.8 مليارات دولار) عام 2017.

المساهمون