مصر الأغلى عالمياً في أسعار الحديد والإسمنت

06 يناير 2015
ارتفاع أسعار الإسمنت يهدّد قطاع البناء في مصر (أرشيف/getty)
+ الخط -

يواجه قطاع البناء في مصر أزمة كبيرة بسبب ارتفاع أسعار الحديد والإسمنت، وحسب محللين فإن عددا من المشروعات الكبيرة ومنها مشروع بناء مليون وحدة سكنية بات مهدداً في حالة استمرار ارتفاع الأسعار.

وقال أحمد الزيني رئيس، شعبة مواد البناء بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، إن أسعار

الحديد والإسمنت في مصر تعد الأغلى في العالم، موضحاً أن أعلى سعر لطن الحديد 480 دولاراً، وأعلى سعر لطن الإسمنت 60 دولاراً، في حين يباع طن الحديد في مصر بخمسة آلاف جنيه (700 دولار) و700 جنيه لطن الإسمنت (98 دولاراً).

وأكد الزيني في تصريحات لـ "العربي الجديد" أن التخفيضات التي أعلنت عنها شركات الحديد المصرية مؤخراً لا تتماشى مع تراجعات الأسعار عالمياً، رغم عدم دعم الدول الأجنبية لصناعة الحديد.

وكانت شركات حديد التسليح المحلية أعلنت عن تخفيض أسعارها لشهر يناير/كانون الثاني الجاري، بتراجع يتراوح بين 120 إلى 150 جنيهاً في الطن.

وأعلنت شركة حديد عز مؤخراً تخفيض سعر طن حديد التسليح (الأسياخ) بقيمة 120 جنيهاً، ليصل سعر تسليم "أرض المصنع" نحو 4730 جنيها للطن، ويباع للمستهلك بقيمة خمسة آلاف جنيه للطن.

فيما أعلنت شركات بشاي والعتال والجارحي تخفيض أسعارها بقيمة 150 جنيهاً للطن ليصل إلى المستهلك النهائي بقيمة 4900 جنيه للطن.

احتكار الحديد

وأرجع الزيني، ارتفاع أسعار الحديد محلياً إلى تحكم الشركات المنتجة وعلى رأسها "الدخيلة" المملوكة لرجل الأعمال أحمد عز، القيادي في الحزب الوطني المنحل، لافتاً إلى أنه من المفترض أن يصل أقصى سعر لطن الحديد محلياً إلى 3700 جنيه، لمواكبة الأسعار العالمية، أي يتم خفض السعر بقيمة 500 جنيه.

وتعليقا على تخفيض الغرامة على شركة حديد عز من 100 مليون إلى 10 ملايين فقط التي حكم بها القضاء المصري مؤخرا، قال الزيني، إن الحكم تكريس لوضعية الاحتكار وعودة لدوران عقارب الساعة إلى الخلف، وتمكين الأعضاء الفاسدين في الحزب الوطني المنحل.

ولفت النظر إلى أن شركات الحديد ترفع الأسعار فور ارتفاعها عالمياً، ولا تخفضها في حالة تراجعها، متهما الشركات باحتكار السوق، وزيادة معاناة المواطنين.

أسعار الإسمنت

وبخصوص أسعار الإسمنت قال أحمد الزيني، إنها ارتفعت مجدداً بداية الأسبوع الجاري بقيمة تتراوح بين 50 و80 جنيهاً للطن، ليرتفع السعر إلى ما بين 700 و730 جنيهاً للمستهلك، ومن المتوقع استمرار هذه الزيادة لتصل إلى 800 جنيه، نظرا لأن الشركات المنتجة تخفض

الإنتاج في بداية العالم للحصول على مزيد من الأرباح.

واعتبر أن هذه الزيادة في السوق المحلية غير مبررة من قبل الشركات الأجنبية المتحكمة في السوق، موضحا أن سعر الطن عالمياً لا يتعدى 60 دولاراً، أي ما يوازي 430 جنيهاً.

وأشار إلى أن شركة لافارج للإسمنت الفرنسية، تسيطر على 22% من حصة سوق الأسمنت في مصر، وشركات السويس وحلوان وطرة المجموعة الإيطالية تسيطر على 33%، وتيتال اليونانية وأسيوط تستحوذان على نحو 20% والنسبة الباقية لباقي الشركات، موضحا أن عدد مصانع الإسمنت في مصر تبلغ 22 مصنعاً.

ويتراوح حجم إنتاج شركات الإسمنت العاملة في مصر ما بين 50 و60 مليون طن سنويا، تستهلك منهم مصر محلياً نحو 45 مليون طن، والباقي يصدر للخارج خاصة إلى ليبيا وغزة، حسب الزيني، الذي أشار إلى أن صناعة الإسمنت حينما كانت مملوكة بالكامل للدولة حتى عام 2005 كان سعر الطن لا يتعدى 160 جنيها، وكان وقتها عدد المصانع 12 مصنعا فقط.

وقال إن الشركات لم تعلن رسمياً عن الزيادات التي تطرأ على أسعار الإسمنت لقطاع التجارة الداخلية، إلا أنها تقوم بأعمال ضارة بالسوق، وتخبر التجار والوكلاء من خلال رسائل المحمول بالزيادات التي تم الاتفاق عليها بين المصانع والشركات.

وأشار إلى أن المصانع تتحجج بأن نقص الغاز سبب زيادة التكلفة الإنتاجية ومبرر لرفع أسعار الإسمنت.

تعطيل مليون وحدة

وحسب تصريحات سابقة لـ "العربي الجديد" لعضو مجلس إدارة الاتحاد المصري لمقاولي البناء والتشييد، المهندس داكر عبد اللاه، أن التكلفة الفعلية لطن الإسمنت لا تتجاوز 280 جنيهاً، حسب دراسة قام بها الاتحاد، مشيراً إلى أن غلاء الإسمنت يرفع من قيمة الوحدات السكنية.

وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الإسمنت، تسبب في إحجام المواطنين عن تنفيذ أعمال البناء، الأمر الذي يهدد ملايين العمال في هذا القطاع الحيوي.

وأوضح عبد اللاه أن هذه الارتفاعات قد تؤدي إلى تعطيل مشروع المليون وحدة سكنية، الذي أعلن عنه الجيش العام الماضي بتكلفة تقديرية 40 مليار دولار، في إطار جهودها لتخفيف أزمة الإسكان، وعقد اتفاقاً مبدئيا مع شركة أرابتك الإماراتية لتنفيذ المشروع إلا أن الجيش قام بتحويله إلى وزارة الإسكان، ولم تتخذ حتى الآن إجراءات عملية لتنفيذ المشروع وأعلنت تحويل المشروع من محدود الدخل إلى إسكان اقتصادي.

وأوضح عبد اللاه أن الإسمنت يعتبر سلعة حاكمة، لأنها تدخل في صناعات متعددة مثل الطوب والخرسانة والسيراميك وغيرها، وأكد أن ارتفاعها أدى إلى زيادة تكلفة الإنشاء بنسبة تتراوح بين 10 و15%.

وأرجع رئيس شعبة الإسمنت باتحاد الصناعات والمدير التجاري لشركة لافارج، مدحت اسطيفانوس، زيادة سعر طن الإسمنت إلى أزمة الانخفاض المتكرر لكميات الطاقة الموردة للمصانع، والذي بلغ مستويات مقلقة خلال الشهور الأخيرة، ما تسبب في تراجع الطاقة الإنتاجية

للمصانع، ومن ثم بات المعروض أقل من الاستهلاك.

وأضاف اسطيفانوس لـ "العربي الجديد" أن تكلفة الطاقة بمصانع الإسمنت تمثل أكثر من 40% من التكلفة الإجمالية للإنتاج.

ومن جانبه، قال مدير عام غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، محمد حنفي، لـ "العربي الجديد" إن الشركات المصرية خفضت أسعارها تماشياً مع الانخفاضات العالمية، لافتاً النظر إلى أن باب الاستيراد مفتوح للجميع، وعلى من يعترض من التجار اللجوء للاستيراد من الخارج بالأسعار العالمية.

ولكن من جانبهم أكد محللون أن الاستيراد لن يحل المشكلة، فقد مارس أصحاب شركات الحديد ضغوطاً على الحكومة لفرض رسوم على الحديد المستورد تحت زعم حماية الصناعة الوطنية، وبالفعل استجابت لهم بفرض رسم صادر على الحديد المستورد بقيمة 290 جنيهاً للطن، (40.6 دولاراً) في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

المساهمون