أقر مجلس الوزراء السوداني، موازنة حاسمة للعام المقبل 2020، تتضمن إلغاء دعم الوقود بشكل تدريجي، في البلد الذي يواجه أغلب سكانه صعوبات معيشية ساهمت في تأجج التظاهرات الحاشدة، التي أدت إلى إسقاط نظام الرئيس عمر البشير في إبريل/نيسان الماضي، بينما تشير الحكومة الحالية إلى أن الموازنة الجديدة تتضمن مضاعفة أجور القطاع العام لتخفيف أثر تنامي التضخم وبرنامج للحماية الاجتماعية.
وقال وزير المالية إبراهيم البدوي، في تصريحات للصحافيين، مساء الجمعة، إن دعم البنزين والغازولين سَيُلغى تدريجياً العام القادم، في حين سيستمر دعم القمح وغاز الطهي، من دون أن يقدم تفاصيل حول إلغاء دعم الوقود.
لكن نقاشات سابقة لوزارة المالية مع عدد من المكونات الاقتصادية والسياسية، أشارت إلى أنه سيتم رفع أسعار البنزين تدريجيا بدءاً من يناير/كانون الثاني المقبل، على أن يكتمل تحرير الأسعار بحلول إبريل/نيسان 2020، فيما يبدأ تحرير أسعار الغازولين في أغسطس/آب.
وتأتي الخطوة الحكومية، بعد نحو أربعة أيام من كشف صندوق النقد الدولي، يوم الإثنين الماضي، أنه دعا حكومة السودان إلى إلغاء دعم الوقود بشكل تدريجي، وتحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، من أجل "إصلاح الاقتصاد المتردي".
وسبق أن أعلنت الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك، يوم الأحد الماضي، عن تشكيل لجنة مصغرة لمناقشة خيارات رفع الدعم عن البنزين والغازولين في موازنة العام المقبل 2020، باعتباره القضية الأساسية في الموازنة. وبحسب إحصائيات حكومية سابقة، فإن قيمة الدعم على المحروقات بجميع مشتقاتها تصل إلى 2.25 مليار دولار سنوياً.
ووفق مخطط وزارة المالية، سيتم البدء في تحرير سعر الصرف بحلول يونيو/حزيران 2021. ويبلغ سعر صرف الجنيه السوداني 45 جنيها مقابل الدولار الأميركي الواحد حاليا.
وتواجه الحكومة تحديات كبيرة، حيث ارتفع عجز المالية العامة من 7.9 في المائة في 2018 إلى 9.3 في المائة خلال العام الجاري، بحسب بيانات صندوق النقد. كما انكمش النشاط الاقتصادي العام الماضي بنسبة 2.3 في المائة، ومن المتوقع أن ينكمش بنسبة 2.5 في المائة في 2019.
لكن اقتصاديين يؤكدون أن إلغاء دعم الوقود وتحرير سعر الصرف سيكون له نتائج كارثية على الفقراء وكذلك متوسطي الدخل، في البلد الذي يشهد ترديا اقتصادياَ.
في المقابل، قال وزير المالية إن الموازنة ركزت على زيادة المرتبات للعاملين بنسبة 100 بالمائة، وتضمنت برنامجا للحماية الاجتماعية لـ 900 ألف أسرة فقيرة، بالإضافة إلى خلق 250 ألف وظيفة كحد أدنى للشباب. ولم يذكر الوزير كيف سَتُموَّل ميزانية العام القادم ولا توقعات الحكومة للإيرادات والإنفاق.
وتعاني البلاد من أزمات اقتصادية متجددة، ونقص في وفرة عديد السلع الرئيسة كالخبز والطحين والوقود وغاز الطهي، نتيجة ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه في الأسواق الموازية (السوداء).