قصف إدلب يزيد أوجاع السوريين: غلاء وتشريد

11 فبراير 2020
أحد الأسواق المدمّرة في إدلب (عز الدين إدلبي/الأناضول)
+ الخط -

 

زادت الحرب في سورية من رقعة الأزمات المعيشية التي يعاني منها المواطنون، إذ تم تشريد مئات الآلاف من الأسر، كما تفاقم الغلاء والجوع. ويأتي ذلك بينما تواصل آلة الحرب لنظام بشار الأسد، عملياتها التدميرية لمناطق ريفي إدلب وحلب، نتج عنها تهجير نحو 500 ألف سوري، بعد تهديم منازلهم والمرافق الصحية والتعليمية.

وقدّر العامل في الشأن الإغاثي بريف إدلب، محمود عبد الرحمن، الخسائر التي لحقت بسكان ريف إدلب الشرقي (معرة النعمان ومدن جبل الزاوية وسراقب وسرمين والنيرب وخان السبل وحيش وغيرها) بمليارات الدولارات، مضيفاً لـ"العربي الجديد" أنه لا يمكن إحصاء حجم الأضرار بدقة، لكن المنازل والمرافق العامة تهدمت بشكل كبير، وتم تهجير نحو 300 ألف نسمة خلال أسبوع واحد، ليزيد عدد النازحين عن نصف مليون مواطن منذ بدء الهجوم ريف إدلب الشرقي والجنوبي الشهر الماضي.

ويصف الإغاثي الوضع بالمأساوي، بعد هروب السوريين من الموت إلى البراري والقرى المحاذية لتركيا، ما زاد الطلب على السلع والمنتجات ورفع إيجارات المنازل، إذ وصلت قيمة تأجير المنزل الصغير، إن توفر، في مناطق الدانا والباب وجرابلس وحزانو، إلى أكثر من 500 دولار شهريا، أي نحو نصف مليون ليرة سورية (حسب سعر السوق السوداء)، علماً أن الدخل وإن توفر، لا يزيد عن 50 ألف ليرة شهريا. وأكد أن معظم الأسر باتت تعاني من الجوع، في ظل تدهور أوضاعهم المعيشية.

وحول أسعار السلع والمنتجات الغذائية، يضيف عبد الرحمن: ربما الناس هنا يكتفون بالخبز "250 ليرة للربطة أقل من 2 كلغ" والبيض نحو 2000 ليرة للصحن "30 بيضة"، مشيرا إلى قفزات في الأسعار لباقي السلع الضرورية.

وما يتعلق بوفرة أسعار المحروقات، يؤكد الإغاثي السوري، خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن المحروقات قليلة جداً، ويصل سعر ليتر المازوت إلى نحو 850 ليرة سورية، في حين زاد الطلب على غاز الطهي وتعدّى سعر الأسطوانة 21 ألف ليرة.

ومن جانبه، يقول الباحث الاقتصادي يحيى عبود، من مدينة إدلب، لـ"العربي الجديد": زادت كثافة السكان في المدينة وريفها الغربي حتى الحدود التركية "بشكل مخيف"، بعد سيطرة نظام الأسد خلال اليومين الماضيين على كل من سراقب، وخان السبل، وكفربطيخ، وجوباس، وغيرها من القرى والمناطق في ريف حلب الجنوبي. وأشار إلى النزوح باتجاه مركز مدينة إدلب التي يسكنها حاليا أكثر من 1.2 مليون سوري.

وحول الأوضاع المعيشية، أكد عبود توفّر بعض الاحتياجات اليومية بشكل عام ولكن بأسعار مرتفعة جداً، إذ تضاعفت خلال عشرة أيام، فكيلو الطماطم بلغ 800 ليرة والأرز 700 ليرة.

وأشار إلى أن الكهرباء مقطوعة بالكامل عن معظم المناطق، والمازوت والبنزين يقتربان من النفاد ويستخدمان فقط للسيارات التي تنقل النازحين.

ولم تكن دمشق المستقرة أمنيا بعيدة عن الأزمات المعيشية التي يعيشها المواطن السوري، إذ تواصلت موجة الغلاء في أسواق العاصمة، رغم التشديد الأمني على أسواق الصرافة ومحاولات ضبط أسعار السلع والمنتجات والوعيد الحكومي بالسجن للمخالفين، بحسب ما تؤكد مصادر من دمشق لـ"العربي الجديد".

وتفيد المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، بأنه توجد حاليا ثلاثة أسعار للدولار، في السوق السوداء نحو 1050 ليرة، والمصرف المركزي للتجار بنحو 700 ليرة، والسعر الرسمي 434 ليرة للدولار، ولكن الجميع يخاف التعاطي بالدولار بعد مراسيم رئيس النظام بشار الأسد، الشهر الماضي، التي شدّدت العقوبات على المتعاملين في أسواق العملات.

وحول توفر المحروقات، تؤكد المصادر أن ساعات تقنين الكهرباء تضاعفت خلال الفترة الأخيرة، إلى أكثر من 12 ساعة انقطاع للتيار يوميا، في بعض المناطق بالعاصمة، كما تعاني الأسواق من ندرة المحروقات.

ويقول المحلل الاقتصادي علي الشامي، لـ"العربي الجديد": كان الاجتماع الأخير لرجال الأعمال والصناعيين مع رئيس حكومة الأسد "تحذيرياً" من فقدان السلع من الأسواق، وتوقف الكثير من الصناعيين عن العمل، وانكماش الاقتصاد بشكل مخيف، إذا لم تتم الاستجابة لمجموعة من الطلبات والإجراءات التي من شأنها إعادة الحياة والحيوية للنشاطين التجاري والصناعي، على حد سواء. ويفيد المحلل السوري بأنه تمت الاستجابة جزئياً لمطالب وتحذير قطاع الأعمال.

ويكشف أن اجتماع حاكم مصرف سورية المركزي، حازم قرفول، مع ممثلين عن تجار ومصدري الخضر والفواكه، تضمن أيضاً وعوداً لدعم الصادرات وسبل تعزيز عملية تصدير الإنتاج الزراعي، وإعطاء علاوة على السعر التفضيلي للدولار وهو 700 ليرة.

ويختم المحلل السوري: "أعتقد أنها وعود ومسكنات، لأن مصرف سورية المركزي يعاني من ندرة القطع الأجنبي، بل هو عاجز عن استيراد المشتقات النفطية، بعد أن بدد الاحتياطي النقدي الذي كان يزيد عن 18 مليار دولار عام 2011".

المساهمون