المنتدى الذي كان يعرف سابقا باسم "دافوس الروسي" حين كان اقتصاد البلاد في أوجه، أصبح يشكل ملتقى تريد روسيا أن تظهر من خلاله انفتاحها على الاستثمارات الخارجية رغم توتر أجواء الأعمال وتوقيف بعض المستثمرين الأجانب والأزمة في العلاقات مع الغرب.
واستهلت الشخصيات الروسية المشاركة في المنتدى بالهجوم على واشنطن، حيث اتهم الرئيس التنفيذي لشركة النفط الروسية العملاقة "روسنفت"، إيغور سيتشن، الولايات المتحدة باستخدام الطاقة كسلاح سياسي، وقال إن العصر الذهبي الأميركي للطاقة أصبح "حقبة استعمار للطاقة" لدول أخرى.
وقال سيتشن إن ثُلث احتياطيات النفط العالمية مقيدة حاليا بالعقوبات الأميركية المفروضة على إيران وفنزويلا، وإن واشنطن تفقد الأساس الأخلاقي باعتبارها زعيمة للأسواق المفتوحة كما تطلق على نفسها.
وأضاف أن "ثمة عدداً من المعلقين يستهويهم اتهام روسيا باستخدام الطاقة كأداة سياسية"، متابعاً: "لكن الحقيقة التي لا تقبل الجدل اليوم هي أن الولايات المتحدة تستخدم الطاقة كسلاح سياسي على نطاق واسع. العقوبات أو حتى التهديد بفرضها، لها تأثير مدمر على منظومة سوق الطاقة العالمية".
وأشار سيتشن إلى أن الطاقة الروسية والأميركية متماثلتان، لكن الروسية أرخص بنسبة 30% من الأميركية.
والمنتدى هذه السنة الذي يستضيفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مسقط رأسه، ويستمر حتى السبت، يرتقب أن يشارك فيه نحو 17 ألف شخص، بحسب الكرملين، وهو نفسه عدد المشاركة في السنة الماضية.
الرئيس الصيني شي جين بينغ حل ضيف شرف على المنتدى ومن المقرر أن يُلقي فيه كلمة، كما سيتحدث أيضاً الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس.
ويأتي ذلك فيما تباطأ انتعاش الاقتصاد الروسي بشكل كبير منذ مطلع السنة. وبعد سنتين من الانكماش بسبب تراجع أسعار النفط والعقوبات على خلفية الأزمة الأوكرانية، عادت روسيا لتسجيل نمو في العام 2017. لكن اقتصادها سجل نموا فقط بنسبة 0.5% في الفصل الأول من هذه السنة.
وروسيا بحاجة ماسة للاستثمارات من أجل تحقيق الأهداف الطموحة التي حددها بوتين في مستهل ولايته الرابعة في الكرملين السنة الماضية.
وهذه الأهداف التي أطلق عليها اسم "المشاريع الوطنية"، تشمل مشاريع رعاية طبية وصولا إلى البنى التحتية، ويرتقب أن تستكمل بحلول العام 2024، وكلفتها 388 مليار دولار.
ورصد 115 مليار دولار من هذا المبلغ في استثمارات تقوم بها جهات خاصة من روس وأجانب.
تنويع العلاقات
الهدف الرئيسي للكرملين من منتدى سان بطرسبورغ هو "إثبات أن روسيا نجحت في تنويع توجهها الجيوسياسي عبر الابتعاد عن حصره بالغرب وإنما باتت الآن تقيم علاقات في آسيا والشرق الأوسط"، كما يقول كريس ويفر، مؤسس شركة الاستشارات "ماكرو إدفايزوري".
وأضاف أن "الرسالة الثانية هي أن العلاقات مع أوروبا تتحسن، وأن العلاقات في مجال التجارة والاستثمارات مع الولايات المتحدة أقل أهمية".
لكن توقيف رجلي أعمال بارزين، هما الأميركي مايكل كالفي وشريكه الفرنسي فيليب دلبال ووضعهما قيد الحجز الاحتياطي في فبراير/ شباط الماضي، أثار قلقا واسعا، وخصوصا في أوساط المستثمرين.
وبات مايكل كالفي، مؤسس "بارينغ فوستوك"، أحد أبرز صناديق الاستثمارات المالية في روسيا، الآن قيد الإقامة الجبرية، فيما لا يزال دلبال قيد الاحتجاز. وكانا قد أوقفا على أساس شبهات بأن كالفي الذي يدير أعمالا في روسيا منذ أكثر من 20 عاما، وراء اختلاس مبلغ 2.5 مليار روبل (نحو 33 مليون يورو)، غير أنهما يؤكدان براءتهما.
وكان بوتين قد دعا في آذار/مارس الماضي القضاء الروسي إلى أن يكون "أكثر فعالية في دفاعه عن حقوق المستثمرين"، وذلك بعدما صدم توقيف المستثمر الأميركي عالم الأعمال. وفي دليل على الاحتجاج، سيقاطع السفير الأميركي لدى روسيا جون هانتسمان المنتدى هذه السنة. لكن الوفد الأميركي الذي يعتبر سنويا من أكبر الوفود سيحضر.
وبحسب كريس ويفر، فإن هذه القضية ستكون "النقطة المحورية لعدة نقاشات"، لأنه سيكون من الصعب تجاهل قضية التوقيفات.
يقول تشارلز روبرتسون، الخبير الاقتصادي لدى رينيسانس كابيتال، إن "هذا الأمر يبعث برسالة سلبية حول أجواء الأعمال تتناقض مع المصالح الروسية في مجال الاستثمار"، مضيفا: "هذه ليست المرة الأولى. لقد شهدت روسيا أوضاعا مماثلة في السابق".
وستوفد فرنسا سفيرها ولن تتمثل على المستوى الوزاري، بعدما كان المنتدى قد استقبل السنة الماضية الرئيس إيمانويل ماكرون ووفدا كبيرا.
مخاطر ركود
وعلّق وزير المالية أنطون سيلوانوف، الرجل الثاني في الحكومة، قائلا إنه يجري الحديث كثيرا عن قضية "بارينغ فوستوك"، مشيرا الى ان مسألة استقلالية القضاء يجب ان ينظر اليها "بشكل شامل".
وروسيا بحاجة ماسة للاستثمارات من أجل تحقيق الأهداف الطموحة التي حددها بوتين في مستهل ولايته الرابعة في الكرملين السنة الماضية.
وهذه الاهداف التي أطلق عليها اسم "المشاريع الوطنية" تشمل مشاريع رعاية طبية وصولا الى البنى التحتية ويرتقب ان تستكمل بحلول العام 2024 وكلفتها 388 مليار دولار. ورصد 115 مليار دولار من هذا المبلغ في استثمارات تقوم بها جهات خاصة من روس وأجانب.
ويأتي ذلك فيما تباطأ انتعاش الاقتصاد الروسي بشكل كبير منذ مطلع السنة. فبعد سنتين من الانكماش بسبب تراجع أسعار النفط والعقوبات على خلفية الازمة الاوكرانية، سجّلت روسيا نمواً في العام 2017، وفقط بنسبة 0.5% في الفصل الأول من هذه السنة.
وأعلن وزير الاقتصاد مكسيم اورشكين "إذا لم نفعل شيئاً، فقد ننزلق إلى حالة ركود بحلول عام 2021".
وحذّر ألكسي كوردين، المسموع في أوساط الأعمال، من أنّ هدف الكرملين بتخطي النمو لنسبة 3% لن يتحقق من دون "إصلاحات هيكلية فعالة بما فيه الكفاية"، وأشار بشكل خاص إلى النظام القضائي.
وبرز من بين الشخصيات المهمة التي شاركت في افتتاح المنتدى اليوم، مدير عام "سوسييتيه جنرال" فريديريك اوديا، ومدير عام "توتال" باتريك بويانيه.
وصباح الخميس، التقى رئيس مجلس إدارة شركة "انجي" للطاقة مدير "غازبروم" ألكسي ميلر للحديث عن مشروع أنبوب غاز "نورد ستريم 2" الذي تشارك به "انجي".
وقال مصدر من أوساط الأعمال إنّ "الفرنسيين حافظوا على حضورهم بعد 2014، بينما ضغط الأميركيون لعدم المشاركة في المنتدى". وأضاف أنّ "هذا المكان يبقى المكان الذي يجب الحضور إليه، حيث نلتقي ضمنه بزبائن على أعلى مستوى".
(فرانس برس)