اتخذت السلطات الجزائرية مزيداً من الإجراءات التقشفية الأكثر صرامة من ذي قبل تماشياً مع تداعيات انخفاض أسعار النفط والركود الاقتصادي، فيما يُتوقع تحرير الأسعار ورفع الدعم عن المواد الأساسية قريباً.
وقد نجحت حكومة الرئيس عبدالمجيد تبون في تجاوز العقبة "البرلمانية" الثانية، بعد مصادقة مجلس الأمة على الموازنة التكميلية "التقشفية" لسنة 2020، من دون المساس بالمواد التقشفية، وذلك بعد 48 ساعة فقط، من تصويت مجلس النواب على نفس الموازنة بالإجماع.
وأوصى "سيناتورات" ثاني غرف البرلمان الجزائري، وتسمى في الجزائر أيضا بمجلس الشيوخ، وهم الممثلون لولايات الجزائر الـ48، بالإضافة لـ48 سناتوراً يعينهم الرئيس الجزائري، في لائحتهم الأخيرة، الحكومة بضرورة الإبقاء على الطابع الاجتماعي للدولة، من خلال الإبقاء على ميزانية الدعم والتشغيل بالإضافة لحماية قدرة المواطن الشرائية.
ويعطي الدستور الجزائري مجلس الأمة صلاحية المصادقة على مشاريع القوانين كليا، أو إسقاطها كليا، دون إدخال أي تعديل عليها، ويضم المجلس عضوين بصفة "سيناتور" عن كل ولاية، زائداً 48 سيناتوراً يختارهم الرئيس ويسمون سياسيا في الجزائر بـ "الثلث المُعطِل"، أي يمكنهم أن يعطلوا أي مبادرة برلمانية تكون ضد برنامج رئيس الجمهورية.
اقــرأ أيضاً
وبذلك تكون حكومة عبد العزيز جراد، قد تجاوزت عقبة البرلمان بغرفتيه في ظرف 72 ساعة، بعد تهديد بعض نواب البرلمان في الغرفة الأولى، بإسقاط الزيادات التي أقرتها الحكومة في الموازنة التكميلية، على رسوم المنتجات النفطية، إلا أن أحزاب الأغلبية الداعمة لتبون "حصنت" مشروع الموازنة الثانية لـ2020، وسمحت بتمريره دون أي تعديل فيه.
وستسمح الموازنة التكميلية للحكومة، بعد صدورها في الجريدة الرسمية في الـ48 ساعة القادمة، برفع الرسوم المفروضة على أسعار الوقود، بواقع 3 دنانير بالنسبة لفئتي البنزين (ممتاز، دون رصاص) و5 دنانير بالنسبة للديزل.
وهذه المرة الرابعة التي تلجأ فيها الجزائر إلى رفع أسعار الوقود منذ بداية الأزمة المالية التي خلفها تهاوي أسعار النفط منذ منتصف عام 2014، إذ أقرت الحكومة زيادة راوحت بين 11% و18% مطلع أعوام 2016 و2017 و2018.
وبررت الحكومة قرار الزيادات في أسعار الوقود باعتماد أسعار منخفضة ومقننة، ما أدى إلى استهلاكها المتزايد والإفراط المتواصل في الاستهلاك الطاقوي، بينما يتم استيراد حصة لا بأس بها من الاستهلاك الإضافي بالعملة الصعبة.
كما تفرض الموازنة التكميلية زيادة الرسوم المطبقة على عمليات استيراد المركبات السياحية ذات محركات البنزين، والسيارات السياحية ذات محركات الديزل.
اقــرأ أيضاً
كما جاءت الموازنة الثانية لـ2020 برسم جديد بـ1% على المشروبات المحلاة من دون استثناء، سواء أكانت عصائر الفواكه أم المشروبات الغازية أم الطاقوية، وهو نفس الرسم الذي سيطبق على رقائق البطاطا، علما أن المشروبات الغازية يُفرض على رقم أعمال منتجيها ومستورديها منذ سنة 2012 رسم نسبته 0.5%، وعليه فإن دخول المقترح الجديد حيز التنفيذ سيجعل هذه النسبة ترتفع إلى 1%.
كما حمل المشروع التمهيدي لقانون المالية "ضريبة على الأثرياء حتى إذا كانوا لا يملكون أملاكاً في الجزائر، لكن نفقاتهم تكتسي طابعاً مبالغاً فيه"، ورفع الضريبة المحددة بـ0.1% إلى 0.15% على كل المقتنيات التي تفوق قيمتها 100 مليون سنتيم (حوالي 7700 دولار).
وترتفع هذه النسب مرتين على الأقل بشكل مقترن بارتفاع قيمة الأملاك، كما يفرض المشروع ضرائب على السيارات والدراجات النارية وسفن النزهة واليخوت والطائرات السياحية والخيول.
وتتوقع الموازنة التكميلية عجزا بواقع 1976 مليار دينار (16 مليار دولار)، مقابل 1543 مليار دينار (12.8 مليار دولار) كانت متوقعة في قانون الموازنة العامة لعام 2020.
ويتوقع القانون تراجع الإيرادات الإجمالية بنحو 15 في المائة، نزولا من 6290 مليار دينار (51 مليار دولار) إلى 5396 مليار دينار (45 مليار دولار). كما يتوقع تراجع إيرادات الجزائر من صادرات الوقود إلى 17.5 مليار دولار، نزولا من 33.5 مليار دولار عام 2019.
وتم إعداد القانون بناء على سعر مرجعي للنفط يبلغ 30 دولارا للبرميل، بدلا من 50 دولارا في قانون الموازنة العامة لسنة 2020.
تحرير الأسعار ورفع الدعم
بدوره، قال وزير المالية عبدالرحمن راوية، إن الحكومة تعمل حاليا على التحضير وعلى المدى القصير لتنفيذ آلية ترشيد الدعم لعقلنة الإنفاق العام وتحقيق إنصاف أفضل، باستهداف الفئات المستحقة، ومن ضمنها مكافحة التبذير والتهريب.
وكشف الوزير اليوم، في جلسة علنية لمجلس الأمة خصصت للمصادقة على مشروع قانون المالية، عن إنشاء وكالة وطنية تشرف على تنفيذ سياسة الدعم المستهدف، وتعويض العائلات التي قد تتضرر من سياسة توجيه الدعم التي تسعى الحكومة لتنفيذها على المدة القصير.
وقال راوية إن إنشاء هذه الآلية يتطلب الوقت اللازم بالنظر لتعقيدها وحساسيتها من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية، كما أنها تستوجب ضرورة اعتماد منهج علمي شامل للإصلاح يسمح بالحد من الآثار السلبية المحتملة على المواطنين.
اقــرأ أيضاً
وتعمل وزارة المالية بالتنسيق مع وزارة الداخلية لتطبيق الآلية بناء على بطاقة وطنية تضم كل المعلومات المتعلقة بالأسر، على أن تكون الآلية تحت وصاية وزارة المالية.
وبلغت قيمة التحويلات الاجتماعية المباشرة وغير المباشرة لعام 2020 ما يزيد عن 1797 مليار دينار، ما يشكل حسب الوزير عبئاً على الميزانية العامة خصوصا في الظرف الراهن الذي يتميز بتقلص الموارد المالية.
وتدعم الدولة العديد من المواد الأساسية على غرار الخبز والحليب، كما تساهم في دعم الكهرباء والغاز والماء الشروب والوقود، بنسب تسمح للمواطن البسيط بالاستفادة من هذه المواد بأسعار معقولة شأنه شأن المواطن الميسور، وهو ما اعتبرته الحكومة عدم إنصاف في حق الفئات المستحقة فعليا، إذ وبرفع الدعم وتحرير الأسعار سيكون على الفئات الميسورة اقتناء حاجياتها بسعرها الحقيقي في السوق، ما من شأنه رفع الأسعار إلى مستويات عليا.
ويبقى التخوف قائما بخصوص عدم نجاعة المعايير التي ستعتمدها السياسة الجديدة، في ظل البيروقراطية المتفشية، ما من شأنه توجيه المساعدات لغير مستحقيها الفعليين.
وعملت الدولة طيلة السنوات السابقة على شراء السلم الاجتماعي من خلال سياسة الدعم العام، خصوصا في عهد الرئيس السابق الذي تجنب هزات اجتماعية عديدة طيلة فترة حكمه باعتماده إجراءات الدعم والزيادات في المنح والأجور مع كل حركة احتجاجية.
وقد نجحت حكومة الرئيس عبدالمجيد تبون في تجاوز العقبة "البرلمانية" الثانية، بعد مصادقة مجلس الأمة على الموازنة التكميلية "التقشفية" لسنة 2020، من دون المساس بالمواد التقشفية، وذلك بعد 48 ساعة فقط، من تصويت مجلس النواب على نفس الموازنة بالإجماع.
وأوصى "سيناتورات" ثاني غرف البرلمان الجزائري، وتسمى في الجزائر أيضا بمجلس الشيوخ، وهم الممثلون لولايات الجزائر الـ48، بالإضافة لـ48 سناتوراً يعينهم الرئيس الجزائري، في لائحتهم الأخيرة، الحكومة بضرورة الإبقاء على الطابع الاجتماعي للدولة، من خلال الإبقاء على ميزانية الدعم والتشغيل بالإضافة لحماية قدرة المواطن الشرائية.
ويعطي الدستور الجزائري مجلس الأمة صلاحية المصادقة على مشاريع القوانين كليا، أو إسقاطها كليا، دون إدخال أي تعديل عليها، ويضم المجلس عضوين بصفة "سيناتور" عن كل ولاية، زائداً 48 سيناتوراً يختارهم الرئيس ويسمون سياسيا في الجزائر بـ "الثلث المُعطِل"، أي يمكنهم أن يعطلوا أي مبادرة برلمانية تكون ضد برنامج رئيس الجمهورية.
وبذلك تكون حكومة عبد العزيز جراد، قد تجاوزت عقبة البرلمان بغرفتيه في ظرف 72 ساعة، بعد تهديد بعض نواب البرلمان في الغرفة الأولى، بإسقاط الزيادات التي أقرتها الحكومة في الموازنة التكميلية، على رسوم المنتجات النفطية، إلا أن أحزاب الأغلبية الداعمة لتبون "حصنت" مشروع الموازنة الثانية لـ2020، وسمحت بتمريره دون أي تعديل فيه.
وستسمح الموازنة التكميلية للحكومة، بعد صدورها في الجريدة الرسمية في الـ48 ساعة القادمة، برفع الرسوم المفروضة على أسعار الوقود، بواقع 3 دنانير بالنسبة لفئتي البنزين (ممتاز، دون رصاص) و5 دنانير بالنسبة للديزل.
وهذه المرة الرابعة التي تلجأ فيها الجزائر إلى رفع أسعار الوقود منذ بداية الأزمة المالية التي خلفها تهاوي أسعار النفط منذ منتصف عام 2014، إذ أقرت الحكومة زيادة راوحت بين 11% و18% مطلع أعوام 2016 و2017 و2018.
وبررت الحكومة قرار الزيادات في أسعار الوقود باعتماد أسعار منخفضة ومقننة، ما أدى إلى استهلاكها المتزايد والإفراط المتواصل في الاستهلاك الطاقوي، بينما يتم استيراد حصة لا بأس بها من الاستهلاك الإضافي بالعملة الصعبة.
كما تفرض الموازنة التكميلية زيادة الرسوم المطبقة على عمليات استيراد المركبات السياحية ذات محركات البنزين، والسيارات السياحية ذات محركات الديزل.
كما جاءت الموازنة الثانية لـ2020 برسم جديد بـ1% على المشروبات المحلاة من دون استثناء، سواء أكانت عصائر الفواكه أم المشروبات الغازية أم الطاقوية، وهو نفس الرسم الذي سيطبق على رقائق البطاطا، علما أن المشروبات الغازية يُفرض على رقم أعمال منتجيها ومستورديها منذ سنة 2012 رسم نسبته 0.5%، وعليه فإن دخول المقترح الجديد حيز التنفيذ سيجعل هذه النسبة ترتفع إلى 1%.
كما حمل المشروع التمهيدي لقانون المالية "ضريبة على الأثرياء حتى إذا كانوا لا يملكون أملاكاً في الجزائر، لكن نفقاتهم تكتسي طابعاً مبالغاً فيه"، ورفع الضريبة المحددة بـ0.1% إلى 0.15% على كل المقتنيات التي تفوق قيمتها 100 مليون سنتيم (حوالي 7700 دولار).
وترتفع هذه النسب مرتين على الأقل بشكل مقترن بارتفاع قيمة الأملاك، كما يفرض المشروع ضرائب على السيارات والدراجات النارية وسفن النزهة واليخوت والطائرات السياحية والخيول.
وتتوقع الموازنة التكميلية عجزا بواقع 1976 مليار دينار (16 مليار دولار)، مقابل 1543 مليار دينار (12.8 مليار دولار) كانت متوقعة في قانون الموازنة العامة لعام 2020.
ويتوقع القانون تراجع الإيرادات الإجمالية بنحو 15 في المائة، نزولا من 6290 مليار دينار (51 مليار دولار) إلى 5396 مليار دينار (45 مليار دولار). كما يتوقع تراجع إيرادات الجزائر من صادرات الوقود إلى 17.5 مليار دولار، نزولا من 33.5 مليار دولار عام 2019.
وتم إعداد القانون بناء على سعر مرجعي للنفط يبلغ 30 دولارا للبرميل، بدلا من 50 دولارا في قانون الموازنة العامة لسنة 2020.
تحرير الأسعار ورفع الدعم
بدوره، قال وزير المالية عبدالرحمن راوية، إن الحكومة تعمل حاليا على التحضير وعلى المدى القصير لتنفيذ آلية ترشيد الدعم لعقلنة الإنفاق العام وتحقيق إنصاف أفضل، باستهداف الفئات المستحقة، ومن ضمنها مكافحة التبذير والتهريب.
وكشف الوزير اليوم، في جلسة علنية لمجلس الأمة خصصت للمصادقة على مشروع قانون المالية، عن إنشاء وكالة وطنية تشرف على تنفيذ سياسة الدعم المستهدف، وتعويض العائلات التي قد تتضرر من سياسة توجيه الدعم التي تسعى الحكومة لتنفيذها على المدة القصير.
وقال راوية إن إنشاء هذه الآلية يتطلب الوقت اللازم بالنظر لتعقيدها وحساسيتها من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية، كما أنها تستوجب ضرورة اعتماد منهج علمي شامل للإصلاح يسمح بالحد من الآثار السلبية المحتملة على المواطنين.
وتعمل وزارة المالية بالتنسيق مع وزارة الداخلية لتطبيق الآلية بناء على بطاقة وطنية تضم كل المعلومات المتعلقة بالأسر، على أن تكون الآلية تحت وصاية وزارة المالية.
وبلغت قيمة التحويلات الاجتماعية المباشرة وغير المباشرة لعام 2020 ما يزيد عن 1797 مليار دينار، ما يشكل حسب الوزير عبئاً على الميزانية العامة خصوصا في الظرف الراهن الذي يتميز بتقلص الموارد المالية.
وتدعم الدولة العديد من المواد الأساسية على غرار الخبز والحليب، كما تساهم في دعم الكهرباء والغاز والماء الشروب والوقود، بنسب تسمح للمواطن البسيط بالاستفادة من هذه المواد بأسعار معقولة شأنه شأن المواطن الميسور، وهو ما اعتبرته الحكومة عدم إنصاف في حق الفئات المستحقة فعليا، إذ وبرفع الدعم وتحرير الأسعار سيكون على الفئات الميسورة اقتناء حاجياتها بسعرها الحقيقي في السوق، ما من شأنه رفع الأسعار إلى مستويات عليا.
ويبقى التخوف قائما بخصوص عدم نجاعة المعايير التي ستعتمدها السياسة الجديدة، في ظل البيروقراطية المتفشية، ما من شأنه توجيه المساعدات لغير مستحقيها الفعليين.
وعملت الدولة طيلة السنوات السابقة على شراء السلم الاجتماعي من خلال سياسة الدعم العام، خصوصا في عهد الرئيس السابق الذي تجنب هزات اجتماعية عديدة طيلة فترة حكمه باعتماده إجراءات الدعم والزيادات في المنح والأجور مع كل حركة احتجاجية.