نتائج عكسية للأردن...تراجع الإيرادات الحكومية رغم رفع الأسعار والضرائب

25 مارس 2018
انخفاض القدرات الشرائية يضعف الطلب على السلع (Getty)
+ الخط -


جاءت القرارات الأردنية برفع الأسعار والضرائب منذ بداية العام الجاري 2018 بنتائج عكسية، ليزداد عجز الموازنة العامة للدولة بدلا من تقلصه في ظل تراجع الإيرادات الحكومية، بينما استهدفت القرارات زيادة الحصيلة المالية، ما دفع صندوق النقد الدولي إلى إرجاء مراجعته الثانية لأداء الاقتصاد، التي تمهد لصرف شريحة جديدة من القرض المتفق عليه مع عمان في 2016 مقابل تنفيذ برنامج اقتصادي محدد.

وكشف مسؤول حكومي رفيع المستوى في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، عن أن الحكومة باتت في مواجهة مباشرة مع صندوق النقد الذي اعترض على الأداء المالي، موضحا أن: "الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لم تؤد إلى خفض عجز الموازنة خلال الشهرين الأولين من العام الحالي، كما أن الإيرادات المحلية شهدت تراجعاً في بعض جوانبها".

وقال المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن الحكومة كانت تتوقع ارتفاع إيرادات الضريبة المفروضة على البنزين، وتحقيق وفر مالي من رفع الدعم عن الخبز، إلا أن ذلك لم يتحقق إضافة إلى باقي الإجراءات.

وأضاف أن من بين الإجراءات المتخذة زيادة الرسوم الجمركية على السيارت، خاصة التي تعمل بالبنزين والكهرباء معا " الهايبرد"، إلا أن الطلب على السيارات انخفض بشكل كبير جدا، حيث لم يتم تخليص سوى عدد قليل جدا من سيارات الهايبرد بما لا يزيد عن 10 سيارات، مقابل تخليص ما بين ألفي وثلاثة آلاف سيارة خلال الأشهر التي سبقت القرار.

وكانت الحكومة اتخذت حزمة قرارات، بداية العام، شملت رفع الدعم عن الخبز ورفع أسعاره بنسبة 100% وزيادة ضريبة المبيعات بنسبة 10% على كثير من السلع والخدمات، إضافة إلى فرض ضرائب نوعية ورسوم مقطوعة على مواد أخرى.

ووفق بيانات حديثة صادرة عن البنك المركزي، فإن إيرادات الضريبة العامة على السلع والخدمات تشكل ما نسبته 68.1% من إجمالي الإيرادات الضريبية للمملكة، نتيجة ارتفاع كل من ضريبة المبيعات على السلع المحلية والقطاع التجاري.

وتوقع المسؤول الأردني، أن تقدم الحكومة على إلغاء عدد من القرارات للمحافظة على مستويات الإيرادات المتحققة من بعض القطاعات، بعدما فشلت الإجراءات الأخيرة في زيادتها، ومن ذلك تخفيض الجمارك على السيارات.

وقال معتز أبو رمان، مساعد رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب (الشق الأول للبرلمان)، إن المناطق الحرة الأردنية أصبحت تشهد كساداً غير مسبوق في بيع وشراء السيارات، حيث توقف التخليص على الهايبرد بنسبة 99% والسيارات الأخرى بنسب تفوق 70% و"قمت بزيارة إلى دائرة الترخيص لأجد أنها خاوية من معاملات البيع والشراء".

وما يؤكد إخفاق الحكومة في تحقيق أهدافها المالية من زيادة الأسعار والضرائب، ما أعلنه رسميا عمر ملحس وزير المالية الأسبوع الماضي، عندما قال إن الحكومة تعتزم اقتراض حوالي 1.1 مليار دولار لتخفيض عجز الموازنة.

وقوبلت تلك التصريحات بانتقادات واسعة من قبل نواب في البرلمان وخبراء اقتصاد، ذلك أن الحكومة أكدت أكثر من مرة أن إجراءاتها المالية هدفت لسد العجز المالي، حيث توقعت تحقيق عائد بنحو 742 مليون دولار من وراء الزيادة الجديدة للضرائب والأسعار.

وأظهرت بيانات رسمية أن الأردن يخطط لاقتراض مبلغ 7.1 مليارات دولار العام الحالي، وذلك لتغطية عجز الموازنة العامة وتمويل مشاريع رأسمالية وسداد ديون خارجية وداخلية.

ويقدر حجم الموازنة للعام الحالي بحوالي 12.75 مليار دولار، بعجز 753 مليون دولار. لكن البيانات التي نشرتها "العربي الجديد" في وقت سابق من مارس/ آذار الجاري، تشير إلى أن من بين المبالغ التي تنوي عمان اقتراضها 1.06 مليار دولار سيخصص لدعم الموازنة العامة، وباقي الـ 7.1 مليارات دولار لدعم البرنامج المالي للحكومة وسداد أقساط وفوائد قروض محلية وخارجية.

وقال حسام عايش الخبير الاقتصادي في حديث لـ"العربي الجديد"، إن زيادة الضرائب لن تسهم على المديين المتوسط والبعيد في حل مشكلة عجز الموازنة، الذي تحاول الحكومة كل سنة إخماده برفع الضرائب والأسعار، موضحا أن حجم الوعاء الضريبي في الأردن بات مرتفعاً جداً بالمقارنة مع العديد من الدول ذات الظروف المشابهة.

وأضاف عايش أن فرص استقطاب مزيد من المشاريع الاستثمارية ما تزال ضعيفة، رغم إقرار وتنفيذ بعض الحوافز، مشيرا إلى ضعف الترويج لفرص الاستثمار المتاحة، إلى جانب أن بعض التشريعات تحتاج إلى إعادة نظر.

ويبدو أن عدم تحقيق النتائج المرجوة من القرارات الاقتصادية الأخيرة للحكومة، دفع صندوق النقد الدولي إلى إبداء عدم رضاه عن هذه النتائج، وفق مسؤول مطلع على ملف المراجعات التي يجريها الصندوق للاقتصاد الأردني.

وأشار إلى وجود ضغط على الحكومة لإصدار قانون جديد لضريبة الدخل، يستهدف توسيع شريحة الخاضعين للضريبة لزيادة إيراداتها، فيما تحاول الحكومة تأخير ذلك خوفا من ردة فعل الشارع ومختلف القطاعات الاقتصادية.

وكان صندوق النقد قد وافق في 24 أغسطس/آب 2016 على قرض بقيمة 723 مليون دولار، وأجرى المراجعة الأولى للاقتصاد في يونيو/حزيران 2017، وحصل الأردن بعد تلك المراجعة على حوالي 71 مليون دولار، ليصل مجموع المبالغ المصروفة إلى 141.9 مليون دولار.

وقال الصندوق في ختام المراجعة الأولى إن الأردن سيجري تنفيذ إصلاحات مكملة أخرى لمعالجة التهرب الضريبي وترشيد الإنفاق واحتواء الالتزامات الاحتمالية وتحسين الوضع المالي لقطاعي الطاقة والمياه.

لكن رئيس الوزراء هاني الملقي، قال في تصريح يوم الخميس الماضي، إن الحكومة لم تصل إلى تصور نهائي بشأن مشروع قانون ضريبة الدخل، لكن التصور الاستراتيجي ينصب على زيادة فعالية التحصيل والحد من التهرب الضريبي وتجريمه.

وقال مازن مرجي، الخبير الاقتصادي لـ"العربي الجديد"، إن القرارات التي اتخذتها الحكومة قبل شهرين لم تكن محسوبة النتائج بشكل دقيق، ذلك أن المتوقع من رفع الضرائب والأسعار هو زيادة الإيرادات، لكن ما حدث تمثل في تراجع الطلب ودخول بعض القطاعات في حالة ركود، نظرا لانخفاض القدرات الشرائية للمواطنين، ما أثر سلباً على مجمل النشاط الاقتصادي وتراجع الإيرادات المحلية.

وأشار إلى "أهمية إعادة دراسة القرارات التي شملت كثيراً من السلع والخدمات، بحيث يتم إلغاء الزيادات الضريبية على القطاعات التي شهدت ركوداً والعمل على إنقاذها قبل فوات الآوان".

المساهمون