لا تزال أزمات الخبز والوقود وشح السيولة النقدية، تطل بوجهها بين الحين والآخر في السودان، رغم الوعود الرسمية بإنهائها عقب إطاحة الجيش الرئيس عمر البشير في إبريل/نيسان الماضي، بعد نحو أربعة أشهر من التظاهرات الحاشدة ضد نظامه بسبب تردي الظروف المعيشية.
لا يستبعد محللون اقتصاديون تجدد الاحتجاجات، في ظل عدم الوصول إلى حلول نهائية للأزمات المعيشية المتكررة. وحذر عبدالله الرمادي، المحلل الاقتصادي، من حدوث تعبئة شعبية جديدة والعودة للشارع، الأمر الذي يستدعي سرعة حل المشاكل ذات الصلة المباشرة بمعيشة الناس.
وقال الرمادي لـ"العربي الجديد" إن تأزم الوضع في الكثير من الدول العربية ومنها السودان، يأتي بفعل سوء إدارة الموارد والمرافق واستشراء الفساد، ما أدى إلى تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ودفع المواطنين إلى الخروج للشارع نتيجة الغضب من عدم وجود أفق للخروج من الضيق المعيشي للكثيرين.
وتبنت الحكومة الحالية، برئاسة عبد الله حمدوك، التي تولت السلطة منذ أغسطس/آب الماضي، برنامجا إسعافيا للاقتصاد مدته 200 يوم يقوم على 5 محاور لتثبيت أسعار السلع الأساسية وإعادة هيكلة الموازنة ومعالجة البطالة.
وقال الرمادي إن حكومة حمدوك، لم تحقق حتى الآن تقدما لإصلاح الحال المعيشي وإنهاء الاختناقات، التي أخرجت الشعب للشارع، ومنها أزمات الخبز والوقود والسيولة النقدية.
ولم يستبعد إبراهيم أونور، أستاذ الاقتصاد في جامعة الخرطوم، أن تؤدي خطط وزارة المالية لرفع الدعم عن السلع الأساسية، إلى المزيد من الغلاء وصعود سعر صرف الدولار أمام الجنيه.
ويعاني السودان، وهو منتج صغير للنفط، من المصاعب الاقتصادية منذ انفصال جنوب السودان في عام 2011، حيث كان لجنوبه 75 في المائة من جملة النفط المستخرج في البلاد.
وكان حمدوك قد قال، بعد وقت قصير من تعيينه رئيساً للوزراء، إن السودان بحاجة إلى مساعدات خارجية بقيمة ثمانية مليارات دولار على مدار العامين المقبلين. وقد أثر تفاقم أزمة الديون على النمو والتنمية الاقتصادية، حيث نتج منه تراجع العديد من القطاعات الاقتصادية، وتدهور البنى التحتية، ما انعكس سلبا على موارد الدولة وأدى إلى عجز موازنتها.
وكانت بيانات رسمية صادرة في وقت سابق من العام الجاري، قد أظهرت أن إجمالي الدين الخارجي للسودان يبلغ نحو 58 مليار دولار، النسبة الأكبر منه فوائد وغرامات تأخير، موضحة أن أصل الدين الخارجي يتراوح بين 17 و18 مليار دولار، والمتبقي من إجمالي الدين بنسبة 85 في المائة عبارة عن فوائد وجزاءات، بدأت في التراكم منذ عام 1958.
وأشارت البيانات الواردة في تقرير مشترك بين البنك الدولي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، إلى أن قائمة دائني السودان تضم مؤسسات متعددة الأطراف بنسبة 15 في المائة ونادي باريس 37 بالمائة، و36 في المائة لأطراف أخرى، بجانب 14 بالمائة للقطاع الخاص.
وبجانب الأزمات المعيشية لا يزال الفساد قابعا في الكثير من الجهات الحكومية، وفق الطيب مختار، رئيس منظمة الشفافية السودانية، الذي دعا إلى ضرورة اتخاذ الحكومة إجراءات فورية لمكافحة الفساد في المؤسسات والشركات الحكومة، باعتبارها سبباً رئيسيا في الأزمة الاقتصادية التي يمر بها السودان وغضب المواطنين.