ارتفاع خجول في أسعار الخام الأسود يعطي "بارقة أمل" لشركات النفط الصخري

13 مايو 2020
حقل نفط صخري بولاية تكساس (Getty)
+ الخط -


بعد اضطرار أغلبها للإغلاق، بفعل الصدمة المزدوجة الناتجة عن تراجع الطلب على النفط بسبب أزمة فيروس كورونا (كوفيد 19) والجهود المبذولة لاحتوائه، والحرب السعرية التي بدأت قبل شهرين ووصلت بسعر برميل النفط إلى مستويات شديدة الانخفاض، بدأت بعض شركات النفط الصخري العاملة في الولايات المتحدة تتحسس طريقها نحو العودة لتشغيل الآبار التي تم إغلاقها، حين تجاوزت تكاليف تشغيلها الأسعار المتاح البيع بها. 

ورغم استمرار الجدال بين المعسكر الداعي لإعادة فتح الشركات والأعمال لحماية عشرات الملايين من الأميركيين وأسرهم، ممن فقدوا وظائفهم خلال الفترة الماضية، من الموت جوعاً، والمعسكر المطالب باستمرار أوامر البقاء في المنزل لحين التأكد من توفير أساليب الحماية وأدوات الكشف عن الفيروس لكل العاملين، قالت شركة "إنرجي ترانسفر بارتنرز"، العاملة في نقل النفط والغاز الطبيعي "إن بعض الشركات من منتجي النفط مرتفع التكلفة في أكبر آبار أميركا الشمالية بدأت في إعادة تشغيل آبارها المغلقة، بعد ارتفاع سعر البرميل خلال الأيام الأخيرة.

وكانت مجموعة من شركات النفط الصخري في الولايات المتحدة قد أعلنت قبل أسبوعين تخفيض إنتاجها بما لا يقل عن 600 ألف برميل يومياً، حتى نهاية يونيو / حزيران القادم.

وفي إطار محاولاته الضغط على السعودية وروسيا، خلال الأسابيع الأخيرة، لتخفيض إنتاجهما من النفط الخام، منعاً لاستمرار الانهيار في أسعاره، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن بلاده مستعدة لتخفيض إنتاجها بنحو مليوني برميل يومياً، لكنه أعلن أن ذلك سيتم بفعل قوى السوق وبدون فرض حصص من الإدارة الأميركية.
لكن ماكي ماكريا، المسؤول التجاري بشركة النقل قال في مكالمة تليفونية يوم الاثنين إن "ما يقرب من 25% مما تم إغلاقه مطلع الشهر الجاري قد عاد للعمل اعتباراً من اليوم"، الأمر الذي يضعف قضية ترامب أمام منتجي النفط من الدول الأخرى.

وأكد ماكريا أن صناعة النفط نجحت في تجاوز أزمة انهيار أسعار الخام من نفط غرب تكساس الأميركي المعياري الشهر الماضي، "ونرى أن الأسوأ قد مضى وأن الأمور تسير إلى تحسن الآن".

وقبل ثلاثة أسابيع، وبعد تهاوي أسعار النفط، ووصول سعر المشتقات المالية المرتبطة بها مع اقتراب موعد التسوية إلى مستويات سالبة، أفقدت أغلب المتعاملين الثقة في الصناعة برمتها، لم تكن هناك مواعيد محددة للعمل مرة أخرى على زيادة الإنتاج، الذي مكن الولايات المتحدة العام الماضي فقط من الاستغناء عن استيراد النفط الخام للمرة الأولى في تاريخها.

واعتبر شريف نافع، المدير السابق بهاليبرتون، والرئيس التنفيذي بشركة The Seven Drilling Technology لتقنية الحفر، أن الشركات التي ستعاود الإنتاج هي التي تقل مصاريف الاستخراج لديها عن سعر البيع، والتي يتوفر لديها حالياً السيولة النقدية اللازمة، مؤكداً أن بعض الشركات الأميركية يرتفع فيها سعر إنتاج البرميل لأكثر من 80 دولاراً.

وقال نافع لـ"العربي الجديد" إن "فتح وإغلاق الآبار ليس بهذه السهولة، فلا يوجد صنبور يمكن من خلاله الفتح والإغلاق، ويتطلب الأمر إجراءات معينة، كما يحتاج للكثير من الوقت والمال"، مؤكداً أن النفط الصخري ليس الاختيار الأفضل الآن، وأنه من الأفضل للشركات الانتظار لبعض الوقت، قبل اتخاذ قرار باستئناف النشاط.
ولا يعد تراجع أسعار النفط بعد تراجع الطلب وامتلاء المستودعات هو التحدي الوحيد الذي يواجه شركات قطاع الطاقة في الولايات المتحدة، التي استغلت العقد الأخير في اقتراض مليارات الدولارات منخفضة التكلفة، بتشجيع من قطاع مصرفي حاول تحقيق أقصى استفادة من أطول انتعاش اقتصادي تشهده الولايات المتحدة، والذي امتد لأكثر من 11 عاماً.

لكن تراجع أسعار النفط في الفترة الأخيرة، وحتى قبل ظهور أزمة الوباء، هدد قدرة العديد من تلك الشركات، وتحديداً المتخصصة في إنتاج النفط الصخري، على الوفاء بديونها.

وقَدَّرَت شركة تحليل البيانات ريستاد إنرجي عدد شركات إنتاج النفط والغاز الأميركية المهددة بإعلان إفلاسها وطلب الحماية من الدائنين عند سعر 20 دولاراً للبرميل من خام غرب تكساس بنحو 140 شركة منها وايتنغ بتروليوم، التي كانت أولى الشركات الكبرى التي تعلن إفلاسها مع انهيار السعر خلال إبريل / نيسان الماضي.

وعلى نحو متصل، قالت شركة تشيزابيك انرجي للتنقيب عن المواد الهيدروكربونية يوم الاثنين إنها استعانت ببعض المستشارين الماليين لبحث الخيارات المتاحة أمامها، والتي تشمل إعلان الإفلاس، بعد أن حققت خسائر في الربع الأول من العام الحالي تقدر بنحو 8.3 مليار دولار.

وقالت الشركة إنها خفضت قيمة أصولها، التي يتكون أغلبها من مجموعة من الأراضي الغنية بالنفط في ولايات تكساس ووايومنج ولويزيانا، بمبلغ 8.5 مليار دولار.

وبنهاية العام الماضي، بلغت ديون الشركة نحو 9.5 مليار دولار، انخفضت قيمة ما يستحق منها في شهر أغسطس / آب القادم حتى أصبح كل دولار منها يباع بخمسة سنتات فقط، كما فقد سهم الشركة أكثر من 92% من قيمته منذ بداية العام الحالي.

المساهمون