الاشتراكيون الثوريون في مصر: ثورة عمالية على الأبواب

17 أكتوبر 2016
تصاعد الغضب الشعبي ضد الغلاء في مصر (Getty)
+ الخط -

تصاعدت وتيرة الرفض والاحتجاج الشعبي وسط مختلف الفئات من الشعب المصري بسبب موجة الغلاء المصاحبة لانهيار العملة المحلية، وفي هذا الإطار نظم مركز الدراسات الاشتراكية التابع لحركة الاشتراكيين الثوريين بالعاصمة القاهرة، مساء أمس، ندوة بعنوان "الغلاء وقمع المقاومة الاجتماعية".

وبدأت الندوة بكلمة مسجلة بالفيدو لعضو النقابة المستقلة لعمال النقل العام، أحمد محمود سوكس"، (قيد الاعتقال منذ الشهر الماضي) أكد ضرورة قيام ثورة عمالية، مندداً بفشل النظام الرأسمالي في إدارة البلاد، وقال "إنه قد آن الآوان للانتقال نحو الوجهة الصحيحة، بإعادة التأميم واستعادة القطاع العام وسيطرة العمال على الاقتصاد".

أما الباحث الاقتصادي، إبراهيم الصحاري، فتحدث عن المؤشرات الاقتصادية في الخمس سنوات الماضية، وكيف انحدرت في العامين الأخيرين وتحديداً منذ انقلاب 3 يوليو/تموز 2013؟ مشيراً إلى بداية قرارات التوجه نحو الاقتراض والإغراق في الديون، ورفع الدعم، وارتفاع الأسعار وتدهور الأحوال المعيشية. وما صاحب ذلك من تدني مستوى الحريات؛ يقول الصحاري: إن نظام السيسي من البداية اتخذ طريق القمع حيال العمال باقتحام المصانع واعتقالهم وتهديد أسرهم.

ولفت الصحاري، إلى التضخم في مصر، وارتفاعه إلى معدلات قياسية، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، موضحاً أن أرقام الحكومة المنشورة هي أرقام مضللة جداً، مستعيناً في ذلك بمؤشرات اقتصادية ونقدية منشورة. وأكد أن العجز التجاري مخيف، ما أدى إلى اتجاه الدولة لتمويل مدفوعاتها بالدين، وأن تحويلات العاملين بالخارج انخفضت للغاية، وأشار إلى أن أرقام الصادرات ما بين 2011 و2012 ارتفعت فيها الصادرات إلى مستوى يقارب 30 ملياراً، ثم انخفضت حتى وصلت إلى ما دون 20 ملياراً في العام الحالي، وما زالت توالي الانخفاض، حسب الصحاري.

وأوضح الصحاري، أن الارتفاع المفاجئ الذي حدث في احتياطي النقد الأجنبي في سبتمبر/أيلول بحوالي 3 مليارات دولار لم يكن كما قيل بسبب الحصول على مليار دولار من صندوق النقد الدولي ومليارين من السعودية، لأن هذا المبلغ، مصدره الجيش لتحسين وضع الاحتياطي النقدي، وليس من السعودية التي لا تستطيع في الوقت الحالي توفير مثل هذه السيولة، ولا من تحويلات العاملين بالخارج الآخذة في التناقص. وأكد أن جميع البنوك ومراكز التحليل لم تستطع تأكيد مصدر هذا المبلغ، حتى الآن، إذ ليس له مصدر سوى الجيش الذي صار يمتلك الدولة.

ويتنبأ الصحاري أن النموذج الذي يمثله النظام الحالي عفا عليه الزمن، وأنه لن يستطيع أن يقدم سوى مزيد من التدهور والدمار، وأن القرض الدولي المنتظر البالغ 12 مليار دولار على ثلاث سنوات؛ سيرفع الأسعار ويدمر قيمة الجنيه، وسيضيع في بلاعة الفساد المليئة بالتسريب، متوقعاً أن يزداد الدين الخارجي والأعباء على المصريين وأولادهم وأحفادهم، متوقعاً تكرار مشهد 25 يناير الفترة المقبلة.

وأضاف "أن أرقام جهاز التعبئة والإحصاء كانت تقول، إن من كان دخله فوق 4000 جنيه شهرياً فهو من الطبقة الغنية، وهذه الشريحة تمثل 15% من المصريين، والآن أصبح من في هذه الشريحة من الفقراء فلم تعد 4000 جنيه في ظل الأسعار الحالية تفعل شيئاً لأسرة مكونة من خمسة أفراد، وباقي الـ 85% من المصريين دخلهم يقل كثيراً عن هذا المبلغ".

أما عن القطاع الخاص، فيكشف الصحاري إلى أنه توحش، فأصبحت ساعات العمل تتعدى 60 ساعة في خمسة أيام عمل مقابل 50 ساعة للقطاع الحكومي، مؤكداً أن العمل في القطاع الخاص بمصر أصبح استعباداً، ولا يوجد مقابل مادي يكفي حتى لهؤلاء العمال.

فيما تحدث القيادي العمالي، سعود عمر عن أن مؤسسات الدولة بموظفيها وعمالها أصبحت هدفاً للنظام من أجل تفكيكها وتسريح من يريد من موظفيها بقانون الخدمة المدنية الجديد، وبإجراءات المعاش المبكر التي سيتوسع فيها في الفترة المقبلة.

ويقول: هناك نية واضحة في خصصة قطاعات الدولة، وهذا واضح في روشتة المؤسسات الدولية كصندوق النقد.

أما المحامي الحقوقي وعضو هيئة الدفاع عن عمال النقل المحتجزين في السجون؛ محمد عبد العزيز، فقال: "إن النظام يخسر كل يوم في أوساط العمال والجماهير التي كانت مؤيدة له". وأضاف، "أن ذلك لا يعني أن الثورة ستحدث غداً، أو أن التغيير سيتم قريباً، لكن الغليان يزداد، وحالة القمع الشديدة تجعل العمال يخافون من الإقدام على المواجهة الشاملة".

وأكد عبدالعزيز، أن النظام ليس غبياً كما يشاع عنه فهو برغم فشله الاقتصادي؛ فإنه يتعامل بذكاء مع الاحتجاجات حين يقمع العمال والمتظاهرين بشدة ليرسل عن طريقهم رسالة لباقي المعارضين بما سيحدث لهم إذا استمروا أو تحولوا للمعارضة بالفعل بدلاً من الاكتفاء بالقول في المرحلة الحالية. وأشار إلى أن هناك ترسانة من القوانين التي تم وضعها في السنوات الماضية لتأمييم المجال العام وتكميم الأفواه.


 

المساهمون