في وقت تتهاوى مؤشرات الاقتصاد الإيراني على وقع العقوبات الأميركية، أعلن البنك المركزي في طهران، السبت، دمج البنوك العسكرية الخمسة التابعة للقوات المسلحة والشرطة الإيرانية في بنك "سبه" الحكومي الذي يعتبر أقدم بنك في البلاد (تأسس في عام 1925).
وتأتي عملية الدمج في إطار محاولات من الحكومة الإيرانية لتحصين النظام المصرفي الذي يواجه أزمات عاصفة، أبرزها تهاوي العملة المحلية مقابل الدولار بسبب العقوبات الأميركية، بالإضافة إلى الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها البنوك العسكرية، طوال الفترات الماضية.
وحسب بيان البنك المركزي، فإن البنوك التي شملها قرار البنك المركزي هي أنصار (يتبع الحرس الثوري بـ 600 فرع)، قوامين (قوات الأمن الداخلي وله 750 فرعا)، حكمت إيرانيان (الجيش الإيراني بـ 132 فرعا)، مهر اقتصاد (يتبع منظمة باسيج المستضعفين التابعة للحرس بـ 800 فرع)، ومؤسسة الكوثر للائتمان (وزارة الدفاع بـ 350 فرعا)، ومن المقرر أن تندمج هذه الفروع البالغ عدد عملائها 24 مليون شخص، في 1200 فرع تابعة لبنك "سبه"، لتشكل أكبر مصرف إيراني.
دمج البنوك ليس جديدا في إيران، إذ شهدت البلاد بعد قيام الثورة الإسلامية عام 1979 أكبر عملية دمج، وتمت حوكمة جميع المصارف الأهلية (تحويل البنوك الخاصة إلى حكومية) إلى أن سمحت الحكومة بتأسيس البنوك الخاصة مرة أخرى عام 1997.
اقــرأ أيضاً
ووفقاً لمراقبين، تعود خطوة الدمج إلى نقاشات طويلة برزت في الأوساط الاقتصادية، خلال السنوات الماضية، حول مشاكل النظام المصرفي، منها كثرة عدد المصارف، خاصة الأهلية منها، ودورها السلبي في الاقتصاد، حيث انتقد الرئيس الإيراني حسن روحاني، خلال عام 2018، وجود أعداد كبيرة من فروع البنوك في البلاد، قائلاً إن "هذا الكم الهائل من البنوك لا يتوافق مع المعايير العالمية، وأنها تحبس أموال الناس، لذلك ينبغي بيع عماراتها وتشغيل المصادر المالية المحبوسة في عملية تحريك الإنتاج".
وحسب آخر الإحصائيات الرسمية، فإن عدد فروع مختلف البنوك الإيرانية في أنحاء الدولة يصل إلى 23 ألف فرع.
وبعد أن تبلور التوجه الحكومي، خلال العام الأخير، نحو دمج البنوك، أعطت الحكومة الأولوية للعسكرية، بالتالي فوّض المجلس الاقتصادي الأعلى المنبثق عن الرئاسات الثلاث (السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية) في وقت سابق، صلاحيات خاصة لرئيس المصرف المركزي، عبد الناصر همتي، لتنفيذ هذه الخطة، التي قال أكثر من مسؤول إنها تحظى بموافقة المرشد الإيراني الأعلى، باعتباره القائد العام للقوات المسلحة الإيرانية.
وحسب عاملين في القطاع المصرفي الإيراني، فإنه بالرغم من انتماء هذه البنوك إلى القوات الإيرانية المسلحة، إلا أنها كانت تخضع لرقابة المصرف المركزي، وتقدم خدماتها للجمهور، فضلا عن خدماتها الخاصة للجهات العسكرية التي كان يتبع لها كل واحد من البنوك الخمسة، وبعد عملية الدمج في مصرف حكومي يتبع مباشرة للمصرف المركزي، ستخضع تلك البنوك في شكلها الجديد لرقابة كاملة من الأخير.
ومن أهم أسباب ودوافع عملية الدمج، حسب هؤلاء، أن هذه البنوك تعرضت لخسائر خلال السنوات الماضية، حيث إن ديونها تعادل 97% من رؤوس أموالها، ما جعل الاستثمار فيها مجازفة كبيرة، حسب تقرير لموقع صحيفة إيران الرسمية.
ونقل التقرير عن رئيس نادي المؤسسات الاستثمارية، سعيد إسلامي بيدغلي، قوله إنه من ضمن الاتفاق بشأن عملية دمج البنوك العسكرية في بنك "سبه"، أن تتحمل القوات المسلحة جزءا من الخسائر التي تتكبدها هذه البنوك، خلال الفترة الماضية، وتتحمل الحكومة الجزء الآخر.
وذكرت وكالة فارس الإيرانية، أمس الأحد، أن رؤوس أموال البنوك العسكرية الخمسة تصل إلى 3600 مليار تومان، (سعر صرف الدولار في السوق السوداء 13500 ألف تومان والرسمي 4200 ألف تومان)، تضاف إلى رؤوس أموال بنك سبه البالغة 12 ألف مليار تومان، ليصبح مجموعها 15600 مليار تومان، وهي أكبر رؤوس أموال يتملكها بنك إيراني في تاريخ البلاد، كما قالت الوكالة إن هذه البنوك الخمسة ليست عليها ديون من المصرف المركزي.
وفي هذا السياق، انتقد رئيس بنك "قوامين" التابع للشرطة الإيرانية، غلام حسين نتاج، الأربعاء الماضي، السماح بتأسيس بنوك غير حكومية في إيران.
يذكر أن إفلاس المؤسسات المالية الإيرانية والخسائر التي لحقت بعملائها لعب دورا في إشعال الاحتجاجات التي شهدتها مدن إيرانية، في يناير/كانون الثاني من عام 2018، ما حمّل الخزانة الوطنية 30 ألف مليار تومان.
وفي المقابل، يعارض البعض خطة دمج هذه البنوك في مصرف حكومي، لأن هذا الدمج يتسبب في أن تعوض الحكومة خسائر تلك البنوك من الموازنة العامة، بحسب قولهم، كما أوردت وكالة "إلنا" الإيرانية في تقرير لها، أول من أمس.
وعن أهداف دمج البنوك العسكرية، والذي وصفه البنك المركزي في بيانه، بالمشروع الوطني، فإنها تتمثل في "إصلاح النظام المصرفي، وتنظيم سوق النقد، وكذلك توحيد إمكانيات وقدرات هذه البنوك، بغية جعلها أكثر فاعلية واستقرارا".
وفي السياق، أكد محافظ المصرف المركزي الإيراني، خلال برنامج على القناة الثانية الإيرانية، أن مشروع الدمج يهدف إلى إحداث تحوّل في نظام الصيرفة الإيرانية الذي يعتمد عليه الاقتصاد الإيراني بشكل أساسي.
إلا أن توقيت هذا الإجراء يجعله ضمن هدف إيراني أكبر، وهو مواجهة العقوبات الأميركية التي كان في صلبها النظام المالي الإيراني في المرحلة الثانية التي دخلت حيز التنفيذ، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وفي الإطار نفسه، قال همتي، تعليقا على دمج البنوك، إن "إضعاف سوق النقد والعملة كان يمثل الهدف الرئيسي للعدو الأميركي".
كما اعتبر الرئيس الإيراني، حسن روحاني، خلال الاجتماع السنوي لمجمع المصرف المركزي، الشهر الماضي، أن حكومته "سرّعت وتيرة إصلاح هيكلية النظام المصرفي على ضوء الضغوط الاقتصادية التي يمارسها العدو، حيث ستتم قريبا عملية دمج بنوك تابعة للقوات المسلحة في مصرف واحد".
أما وزير الاقتصاد الإيراني، فرهاد دج بسند، فقد عزا دمج البنوك العسكرية إلى "تحقيق شفافية أكثر في البيئات الاقتصادية"، ما يوحي بأن الإجراء قد لا يكون بعيدا عن إصلاحات مالية مطلوبة لانخراط إيران في مجموعة العمل الدولية "FATF"، بغية تسهيل تعاملاتها المالية مع الخارج، وهو هدف تسعى حكومة روحاني إلى تحقيقه، بالرغم من خلافات داخلية حادة حول ذلك.
ومنحت "فاتف" مهلة جديدة لإيران للمرة الثالثة، حتى يونيو/حزيران المقبل، للقيام بإصلاحات لازمة وإقرار تشريعات ولوائح مطلوبة للانخراط في المجموعة.
وكانت الحكومة الإيرانية قد قدمت سابقًا 4 مشاريع قوانين إلى البرلمان للانضمام إلى مجموعة "فاتف"، تمت المصادقة على اثنين منها نهائيًا من قبل مجلسي الشورى الإسلامي وصيانة الدستور، إلا أن الجدل ما زال مستمرًا في دوائر صنع القرار الإيراني، بشأن الانضمام إلى الاتفاقية الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب (CFT) ومعاهدة مكافحة الجرائم المنظمة العابرة للحدود "باليرمو".
وفي سياق متصل، يمكن النظر إلى تنفيذ مشروع دمج البنوك العسكرية في مصرف حكومي، في إطار مساعي روحاني لتقليل دور القوات المسلحة في الاقتصاد الإيراني، إذ أنه منذ توليه الرئاسة منذ عام 2013 انتقد هذا الدور في أكثر من مناسبة، مؤكدا على ضرورة إنهائه.
وتأتي عملية الدمج في إطار محاولات من الحكومة الإيرانية لتحصين النظام المصرفي الذي يواجه أزمات عاصفة، أبرزها تهاوي العملة المحلية مقابل الدولار بسبب العقوبات الأميركية، بالإضافة إلى الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها البنوك العسكرية، طوال الفترات الماضية.
وحسب بيان البنك المركزي، فإن البنوك التي شملها قرار البنك المركزي هي أنصار (يتبع الحرس الثوري بـ 600 فرع)، قوامين (قوات الأمن الداخلي وله 750 فرعا)، حكمت إيرانيان (الجيش الإيراني بـ 132 فرعا)، مهر اقتصاد (يتبع منظمة باسيج المستضعفين التابعة للحرس بـ 800 فرع)، ومؤسسة الكوثر للائتمان (وزارة الدفاع بـ 350 فرعا)، ومن المقرر أن تندمج هذه الفروع البالغ عدد عملائها 24 مليون شخص، في 1200 فرع تابعة لبنك "سبه"، لتشكل أكبر مصرف إيراني.
دمج البنوك ليس جديدا في إيران، إذ شهدت البلاد بعد قيام الثورة الإسلامية عام 1979 أكبر عملية دمج، وتمت حوكمة جميع المصارف الأهلية (تحويل البنوك الخاصة إلى حكومية) إلى أن سمحت الحكومة بتأسيس البنوك الخاصة مرة أخرى عام 1997.
ووفقاً لمراقبين، تعود خطوة الدمج إلى نقاشات طويلة برزت في الأوساط الاقتصادية، خلال السنوات الماضية، حول مشاكل النظام المصرفي، منها كثرة عدد المصارف، خاصة الأهلية منها، ودورها السلبي في الاقتصاد، حيث انتقد الرئيس الإيراني حسن روحاني، خلال عام 2018، وجود أعداد كبيرة من فروع البنوك في البلاد، قائلاً إن "هذا الكم الهائل من البنوك لا يتوافق مع المعايير العالمية، وأنها تحبس أموال الناس، لذلك ينبغي بيع عماراتها وتشغيل المصادر المالية المحبوسة في عملية تحريك الإنتاج".
وبعد أن تبلور التوجه الحكومي، خلال العام الأخير، نحو دمج البنوك، أعطت الحكومة الأولوية للعسكرية، بالتالي فوّض المجلس الاقتصادي الأعلى المنبثق عن الرئاسات الثلاث (السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية) في وقت سابق، صلاحيات خاصة لرئيس المصرف المركزي، عبد الناصر همتي، لتنفيذ هذه الخطة، التي قال أكثر من مسؤول إنها تحظى بموافقة المرشد الإيراني الأعلى، باعتباره القائد العام للقوات المسلحة الإيرانية.
وحسب عاملين في القطاع المصرفي الإيراني، فإنه بالرغم من انتماء هذه البنوك إلى القوات الإيرانية المسلحة، إلا أنها كانت تخضع لرقابة المصرف المركزي، وتقدم خدماتها للجمهور، فضلا عن خدماتها الخاصة للجهات العسكرية التي كان يتبع لها كل واحد من البنوك الخمسة، وبعد عملية الدمج في مصرف حكومي يتبع مباشرة للمصرف المركزي، ستخضع تلك البنوك في شكلها الجديد لرقابة كاملة من الأخير.
ومن أهم أسباب ودوافع عملية الدمج، حسب هؤلاء، أن هذه البنوك تعرضت لخسائر خلال السنوات الماضية، حيث إن ديونها تعادل 97% من رؤوس أموالها، ما جعل الاستثمار فيها مجازفة كبيرة، حسب تقرير لموقع صحيفة إيران الرسمية.
ونقل التقرير عن رئيس نادي المؤسسات الاستثمارية، سعيد إسلامي بيدغلي، قوله إنه من ضمن الاتفاق بشأن عملية دمج البنوك العسكرية في بنك "سبه"، أن تتحمل القوات المسلحة جزءا من الخسائر التي تتكبدها هذه البنوك، خلال الفترة الماضية، وتتحمل الحكومة الجزء الآخر.
وذكرت وكالة فارس الإيرانية، أمس الأحد، أن رؤوس أموال البنوك العسكرية الخمسة تصل إلى 3600 مليار تومان، (سعر صرف الدولار في السوق السوداء 13500 ألف تومان والرسمي 4200 ألف تومان)، تضاف إلى رؤوس أموال بنك سبه البالغة 12 ألف مليار تومان، ليصبح مجموعها 15600 مليار تومان، وهي أكبر رؤوس أموال يتملكها بنك إيراني في تاريخ البلاد، كما قالت الوكالة إن هذه البنوك الخمسة ليست عليها ديون من المصرف المركزي.
وفي هذا السياق، انتقد رئيس بنك "قوامين" التابع للشرطة الإيرانية، غلام حسين نتاج، الأربعاء الماضي، السماح بتأسيس بنوك غير حكومية في إيران.
يذكر أن إفلاس المؤسسات المالية الإيرانية والخسائر التي لحقت بعملائها لعب دورا في إشعال الاحتجاجات التي شهدتها مدن إيرانية، في يناير/كانون الثاني من عام 2018، ما حمّل الخزانة الوطنية 30 ألف مليار تومان.
وفي المقابل، يعارض البعض خطة دمج هذه البنوك في مصرف حكومي، لأن هذا الدمج يتسبب في أن تعوض الحكومة خسائر تلك البنوك من الموازنة العامة، بحسب قولهم، كما أوردت وكالة "إلنا" الإيرانية في تقرير لها، أول من أمس.
وعن أهداف دمج البنوك العسكرية، والذي وصفه البنك المركزي في بيانه، بالمشروع الوطني، فإنها تتمثل في "إصلاح النظام المصرفي، وتنظيم سوق النقد، وكذلك توحيد إمكانيات وقدرات هذه البنوك، بغية جعلها أكثر فاعلية واستقرارا".
وفي السياق، أكد محافظ المصرف المركزي الإيراني، خلال برنامج على القناة الثانية الإيرانية، أن مشروع الدمج يهدف إلى إحداث تحوّل في نظام الصيرفة الإيرانية الذي يعتمد عليه الاقتصاد الإيراني بشكل أساسي.
إلا أن توقيت هذا الإجراء يجعله ضمن هدف إيراني أكبر، وهو مواجهة العقوبات الأميركية التي كان في صلبها النظام المالي الإيراني في المرحلة الثانية التي دخلت حيز التنفيذ، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وفي الإطار نفسه، قال همتي، تعليقا على دمج البنوك، إن "إضعاف سوق النقد والعملة كان يمثل الهدف الرئيسي للعدو الأميركي".
كما اعتبر الرئيس الإيراني، حسن روحاني، خلال الاجتماع السنوي لمجمع المصرف المركزي، الشهر الماضي، أن حكومته "سرّعت وتيرة إصلاح هيكلية النظام المصرفي على ضوء الضغوط الاقتصادية التي يمارسها العدو، حيث ستتم قريبا عملية دمج بنوك تابعة للقوات المسلحة في مصرف واحد".
ومنحت "فاتف" مهلة جديدة لإيران للمرة الثالثة، حتى يونيو/حزيران المقبل، للقيام بإصلاحات لازمة وإقرار تشريعات ولوائح مطلوبة للانخراط في المجموعة.
وكانت الحكومة الإيرانية قد قدمت سابقًا 4 مشاريع قوانين إلى البرلمان للانضمام إلى مجموعة "فاتف"، تمت المصادقة على اثنين منها نهائيًا من قبل مجلسي الشورى الإسلامي وصيانة الدستور، إلا أن الجدل ما زال مستمرًا في دوائر صنع القرار الإيراني، بشأن الانضمام إلى الاتفاقية الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب (CFT) ومعاهدة مكافحة الجرائم المنظمة العابرة للحدود "باليرمو".
وفي سياق متصل، يمكن النظر إلى تنفيذ مشروع دمج البنوك العسكرية في مصرف حكومي، في إطار مساعي روحاني لتقليل دور القوات المسلحة في الاقتصاد الإيراني، إذ أنه منذ توليه الرئاسة منذ عام 2013 انتقد هذا الدور في أكثر من مناسبة، مؤكدا على ضرورة إنهائه.