أزمة خبز في السودان بسبب نقص الوقود والكهرباء

16 يوليو 2018
نقص السلع يزيد الضغوط المعيشية للسودانيين (Getty)
+ الخط -
تشهد العاصمة السودانية الخرطوم نقصاً في دقيق الخبز، الأمر الذي أثر على إمداد المخابز بحصصها لتوفير الخبز للمواطنين، فيما أرجعت مصادر الأزمة إلى ندرة الجازولين وانقطاع التيار الكهربائي، ما عطل الإنتاج في الكثير من المطاحن ودفعها للجوء إلى المولدات الكهربائية.

وحسب مواطنين، فقد عادت صفوف المواطنيين السودانيين أمام المخابز مجدداً بسبب نقص الوقود المخصص للمولدات الكهربائية بالمطاحن وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر لمدة 14 ساعة يومياً ما أدى إلى نقص كميات الدقيق المخصصة للمخابز.



وحسب مصادر لـ" العربي الجديد" فإن اتحاد الغرف الصناعية يعتزم عقد اجتماع خلال يومين لبحث الخلل وتقصي أسباب الأزمة التي تعانيها المخابز وأدت لندرة الخبز لمعالجتها.

وقال بدر الدين الجلال، الأمين العام لاتحاد المخابز، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن شح الدقيق جاء بسبب تكرار انقطاع التيار الكهربائي في المنطقة الصناعية بالخرطوم لنحو 14 ساعة في اليوم طيلة الفترة الماضية، الأمر الذي أدى إلى تراجع الطاقة الإنتاجية لمطاحن الدقيق بنسبة تصل إلى 40%.

وأضاف الجلال أن انقطاع الكهرباء أدى إلى تراجع إنتاج المخابز، مشيراً إلى توفير المؤسسة العامة للنفط الكميات المطلوبة من الغازولين (الديزل) لتشغيل المولدات الكهربائية بالمطاحن لمجابهة مشكلة انقطاع الكهرباء، وتتمكن من طحن القمح وتوزيعه على المخابز.

وتوقع الأمين العام لاتحاد المخابز، زيادة إنتاجية المطاحن إلى ما بين 55% و60% في اليوم، في حال استقرار إمدادات الكهرباء.

وفيما يتعلق بالتغلب على أزمة الخبز أكد الجلال وجود مساعي معالجة مشكلة انقطاع الكهرباء مع وزارتي الكهرباء والنفط لمد المطاحن بالغازولين وتشغيل المولدات حال انقطاع التيار الكهربائي.

وقال إن وزارة النفط تعهدت بمد المطاحن بكميات من الغازولين لتشغيل المولدات، كما وعدت وزارة الكهرباء بمعالجة انقطاع التيار الكهربائي، نافياً أن يكون السبب وراء الأزمة هو اتجاه الحكومة لزيادة أسعار الدقيق وبالتالي الخبز كما تردد.

لكن الامين العام لاتحاد الغرف الصناعية، عباس على السيد، نفى لـ"العربي الجديد" أن تكون الأزمة بسبب الوقود، وقال "حتى الآن لم تحدد ما هي المشكلة"، الا أنه أقر بندرة الدقيق المخصص للمخابز من المطاحن.

غير ان بعض المراقبين رجحوا أن يعمد أصحاب المطاحن لزيادة أسعار الدقيق حال اضطروا لتشغيل مطاحنهم عبر الحصول على الغازولين من السوق السوداء التي بدأت تنشط خلال هذه الأزمة.

ويقول مختصون إن مشهد صفوف المواطنين لا يبدو جديداً، لكن الجديد هو سبب الأزمة التي كانت في السابق متعلقة بنقص الدقيق المخصص للمخابز، لكن السبب هذه المرة متعلق بانقطاع التيار الكهربائي وندرة الوقود.

ذات المشهد تكرر مطلع العام الحالي بعد حدوث أزمة مشابهة لما يحدث الآن، إلا أن نتيجتها كانت زيادة أسعار الخبز إلى جنيهين بدلاً عن جنيه واحد، وهو الأمر الذي برره اتحاد المخابز وقتها بأن ارتفاع أسعار الدولار الجمركي إلى 18 جنيهاً بدلاً عن 6.9 جنيهات أدى إلى زيادة أسعار الخبز خاصة في ظل إنتاجية البلاد المنخفضة من القمح التي لا تتجاوز 17% من الاستهلاك المحلي من جملة الاستهلاك السنوي الذي يقدر بمليوني طن سنوياً.

وكان اتحاد المخابز قد حذر في مايو الماضي من أزمة وشيكة، وصفها ساعتها بأنها "قادمة في الطريق" بعد توقف عدد من المخابز عن العمل بسبب انعدام "الغاز"، وأكد الأمين العام للاتحاد بدرالدين الجلال تلقي الاتحاد عدداً من البلاغات بتوقف مخابز نتيجة انعدام الغاز. 
 
وعانت صناعة الخبز في السودان منذ مطلع العام الحالي من صعوبات كثيرة بعد إقرار موازنة العام الحالي التي رفعت الدعم عن الدقيق، فارتفع سعر الجوال من 270 جنيها لأكثر من 600 جنيه، وتبعاً لذلك تضاعف سعر قطعة الخبز بنسبة 100%، كما أدى ارتفاع معدلات التضخم لمستويات كبيرة لإنفلات الأسعار بشكل عام، فارتفعت مدخلات إنتاج الخبز لما يقارب 200% من سعرها السابق.

ووفق محمد عبد القادر، أحد سكان مدينة الخرطوم بحري (شمال)، فإنه راجع عدداً من المخابز ومحال السلع الغذائية للحصول على الخبز من دون جدوى.

وقالت التومة السيد، ربة منزل: "نعاني من البحث عن الخبز هذه الأيام، فقد قبلنا بارتفاع أسعار الخبز مؤخراً إلى جنيه للقطعة الواحدة، ومع ذلك هناك مشكلة في توفره، رغم أنه من السلع الأساسية في مائدة الطعام".

وقررت الحكومة، مطلع العام الجاري، رفع الدعم عن الدقيق الأسبوع الجاري، ليصل جوال الدقيق إلى 550 جنيها سودانيا بدلا من 165 جنيها آنذاك، ما أدى إلى تزايد الضغوط المعيشية، لا سيما مع ارتفاع أسعار مختلف السلع بعد الارتفاع الكبير لسعر الدولار أمام الجنيه السوداني خلال الفترة الأخيرة. وكانت المخابز تبيع الرغيف الواحد بخمسين قرشاً قبل تحرير سعر الدقيق.

ولم تفلح الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السودانية أخيراً في كبح جماح ارتفاع الدولار في السوق الموازية، بل على العكس زادت من تراجع قيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار، ما ساهم في زيادة نسبة التضخم بالعديد من السلع.

ونهاية 2017، أقر السودان اجراءات للسيطرة على سعر الصرف، من بينها توجيه تهم الإرهاب وغسل الأموال لتجار العملة، وتحجيم الكتلة النقدية في أيدي المواطنين. وأعلنت عن تحريك السعر الرسمي للدولار من 6.9 جنيهات إلى 18 جنيهًا في موازنة 2018.


ووفق وزير المالية محمد عثمان الركابي، في تصريحات خلال يونيو/حزيران الماضي، ارتفع متوسط معدل التضخم خلال الربع الأول من العام الحالي إلى 54.1%، مشيراً إلى أن المواد الغذائية أصبحت تشكل نسبة 56% من نسبة ارتفاع التضخم.

وقال آدم الزومة، صاحب مخابز في شرق النيل، لـ "العربي الجديد"، إنه يملك 3 مخابز، وقد تراجعت حصته اليومية من الدقيق من 50 إلى 20 جوالاً في اليوم، مما أثر على إنتاجه بشكل كبير.

وتجددت في الأيام الأخيرة أزمة الوقود، خاصة الغازولين، وذلك بعد أقل من شهر من انفراج الأزمة التي خنقت البلاد على مدار ما يقرب من شهر ونصف، إذ عاودت طوابير المركبات الاصطفاف في محطات التزود بالوقود من جديد في العاصمة الخرطوم والمدن الرئيسية المجاورة.

وكانت الحكومة قد اتفقت مؤخرًا مع روسيا على قرض سلعي بمليوني طن من القمح، ليضاف للكميات التي يتم استيرادها من كل من روسيا والولايات المتحدة، وذلك من أجل الحد من مشكلة توفير الاعتمادات بالعملة الأجنبية لاستيراد القمح، الذي يتجاوز استهلاكه مليوني طن سنوياً مقابل إنتاج لا يتجاوز 17% من الاستهلاك السنوي.


المساهمون