أكد مصدر حكومي، أن قرار مجلس الوزراء الأردني، بإحالة أكثر من 10 آلاف موظف في الجهاز الحكومي إلى التقاعد اعتباراً من نهاية شهر يونيو/حزيران الجاري "يأتي في إطار مطالبات صندوق النقد الدولي المتكررة بخفض النفقات الجارية التي تذهب غالبيتها للرواتب".
وقال المصدر في تصريح خاص لـ"العربي الجديد" إن "صندوق النقد أبدى عدة مرات ملاحظات على ارتفاع أعداد العاملين في الجهاز الحكومي، ودعا إلى ضرورة إعادة النظر في هذه الأعداد من أجل خفض فاتورة الرواتب السنوية".
وكان مجلس الوزراء، قد قرر الإثنين الماضي إحالة كل من أمضى في الخدمة الحكومية 30 عاماً فأكثر إلى التقاعد، وأعطى فرصة لمن تزيد خدمتهم عن 25 عاماً للتقدم بطلبات إحالة إلى التقاعد مقابل مزايا وحوافز مالية.
وبموجب القرار فإن أكثر من 10 آلاف موظف سيحالون إلى التقاعد اعتباراً من نهاية هذا الشهر وخلال الأشهر القليلة المقبلة، فيما يبلغ إجمالي العاملين نحو 215 ألف عامل.
ووفقا للموازنة العامة للدولة يبلغ إجمالي الرواتب والأجور والعلاوات لموظفي الدولة من وزارات ودوائر حكومية ووحدات مستقلة نحو 5.7 مليارات دولار، بما يعادل 43.8% من إجمالي الموازنة المقدرة بنحو 13 مليار دولار. وتزيد كتلة الأجور بنسبة 4% عن القيمة المقدرة في العام الماضي 2018.
واعتبر وزير المالية عز الدين كناكرية، في تصريحات صحافية مؤخرا، أن توصية صندوق النقد بإعادة النظر في الرواتب والضمان الاجتماعي لن تؤثر على العمالة. وسيجري الأردن مفاوضات مع الصندوق لاعتماد برنامج اقتصادي جديد بعد انتهاء العمل بالبرنامج الحالي الذي تم تمديده إلى مارس/آذار المقبل.
وكان رئيس بعثة صندوق النقد للأردن، مارتن سيريسولا، قد قال في مقابلة مع وكالة الأنباء الأردنية في مايو/أيار الماضي، إن على الحكومة خفض كتلة الأجور وزيادة الإيرادات عبر مكافحة التهرب الضريبي، مشيرا إلى أن المملكة ستبدأ في التفاهم مع الصندوق على برنامج اقتصادي جديد، بعد انتهاء البرنامج الحالي، الذي تم تمديده لمدة سبعة أشهر لينتهي في مارس/آذار من العام المقبل 2020.
ووافق الصندوق في 24 أغسطس/آب 2016، على قرض بقيمة 723 مليون دولار، يُصرف على ثلاث سنوات، لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي في المملكة، بينما ألزم الحكومة باتخاذ قرارات اقتصادية عدة، أهمها إلغاء الدعم عن الخبز، مطلع العام الماضي 2018، ورفع ضريبة المبيعات، وزيادة أسعار الكهرباء والوقود، بالإضافة إلى تعديل قانون ضريبة الدخل، بما يسمح بتوسيع قاعدة الخاضعين للضريبة.
ويعاني كثير من الأردنيين ضغوطاً معيشية متزايدة، في ظل تزايد الغلاء وتراجع القدرة الشرائية، ما زاد من اللجوء إلى الاقتراض لتلبية الاحتياجات المعيشية.
وشهدت المملكة، في مايو/أيار من العام الماضي، احتجاجات عمت جميع أرجاء البلاد، رفضاً للسياسات الاقتصادية، انتهت بإقالة الحكومة السابقة برئاسة هاني الملقي. لكن الشارع ما يزال يشهد حراكاً واحتجاجات من أجل تحسين الظروف المعيشية والتشغيل، وسط تصاعد المطالب بإقالة حكومة عمر الرزاز.
لكن رئيس بعثة صندوق النقد للأردن، اعتبر أن "المضي في الإصلاحات التي تم الاتفاق عليها، سيسهم في تحسّن الأداء الاقتصادي في العام الحالي 2019 وفي العام المقبل، وأيضا في مستوى ظروف المعيشة".
وبررت الحكومة قرارها الأخير بإحالة أكثر من 10 آلاف موظف للتقاعد، بهدف توفير فرص عمل لعدد من العاطلين عن العمل من فئة الشباب ورغبة منها لضخ دماء جديدة في الوزارات والجهات الحكومية.
لكن أحمد عوض، رئيس المرصد العمالي الأردني قال لـ"العربي الجديد" إن توفير فرص العمل وحل مشكلة البطالة لا يمكن أن يتم من خلال القطاع العام، الذي وصل إلى مرحلة الإشباع منذ عدة سنوات ويعاني من التضخم بل بالعمل على تحفيز الاستثمارات وتشجيع المشاريع الاستثمارية القائمة على التوسع في أعمالها.
وأضاف عوض أن قرار إحالة عدد كبير من موظفي الحكومة إلى التقاعد لن يحل المشكلة كون الحكومة أعلنت أنها تسعى إلى تقليص عدد العاملين في الجهاز الحكومي، وبالتالي فإنها لن تقوم بتعيين أخرين محل الذين أحيلوا إلى التقاعد.
وأشار إلى ضرورة إعادة النظر في سياسات التعليم ومخرجاته في الأردن، بحيث يتم التركيز على المجالات المهنية التي يحتاجها سوق العمل، والمطلوبة أيضا في ألأسواق العربية والأجنبية.
ويعاني الأردن من ارتفاع كبير في نسبة البطالة، حيث وصلت إلى 19% خلال الربع الأول من العام الجاري، وفق تقرير أصدرته دائرة الإحصاءات العامة الحكومية في وقت سابق من يونيو/حزيران الجاري.