ساري.. ميستر 33 الذي قد يصبح ساكي الجديد

13 اغسطس 2015
+ الخط -

"لم أدرك أنه كي تصبح فارساً، يجب أن تكون في السابق حصاناً"، يقول أريجو ساكي هذا التصريح، كدليل على أن المدرب الناجح لا ينبغي أن يكون لاعباً في السابق، بعد أن غيّر حليق الرأس معالم الكرة الإيطالية رغم أنه لم يحترف اللعب. وكما لعب ميلان ساكي دوراً كبيراً في تغيير خريطة التكتيك على مر تاريخ اللعبة، فإن المدير الفني الشهير أصبح بمثابة القدوة، والمثال الذي يتبعه صغار المدربين في إيطاليا والعالم.


فارس بلا جواد
درس ساكي المحاسبة وعمل منذ الصغر مع والده في مصنعه الخاص بصناعة وبيع الأحذية، ومع دراسته وعمله أحب وعشق كرة القدم لدرجة أنه في سن الرابعة عشرة فقط كان يعلم كل شيء خاص باللعبة، من التمركز إلى الضغط، نهاية بالاستحواذ والكرة الشاملة، وبعد بلوغه الخامسة والعشرين بدأ تدريب كرة القدم مع فرق الناشئين، لاقتناعه الكامل بأن الصغار هم السبيل نحو مستقبل أفضل في شتّى مجالات الحياة.

ماوريزيو ساري أيضاً سار على الطريق نفسه، لم يكن لاعباً كبيراً، لعب فقط مع فرق صغيرة لمدة قصيرة، لكنه سرعان ما تحوّل إلى التدريب، وبدأ المسيرة مع فريق توسكاني. يذهب ساري في الصباح إلى البنك كموظف، ويعود في المساء إلى ملعب التدريب من أجل الاستمتاع بهوايته ومعشوقته، ومن الدرجات المنخفضة إلى الدرجة الثانية مع إمبولي، حتى الوصول إلى الكالتشو مع الفريق نفسه.

من الدرجة الثانية إلى السيريا آ، ثم تدريب نابولي في فترة زمنية وجيزة، هكذا كانت مسيرة ماوريزيو في بلاد الباستا، وكأنه يسير على خطى ساكي في كل شيء، ليس فقط في تشابه نطق الاسمين، ولا حتى في احتراف التدريب دون سابق إنذار، لكن أيضاً في الصعود المفاجئ لمناطحة الكبار.


ميستر 33
في سيرته الذاتية عبر "اليويفا"، يوصف ساري بالـ"ميستر 33"، بسبب تجهيزه 33 لعبة تكتيكية أثناء فتراته التدريبية القديمة، وذلك لكي يطبقها لاعبوه في الأوقات الصعبة من المباريات. يقول ماوريزيو حول هذا الوصف، نعم لقد قمت بإعداد هذا العدد من الرسومات الخططية، لكن في النهاية استخدمنا فقط من أربع إلى خمس لعبات، وفق أهمية وظروف كل مباراة.

يعشق ساري اللعب الهجومي، ولا يعود كثيراً للخلف مثل معظم المدربين الطليان، بل يحاول الاستحواذ على الكرة والسيطرة على مجريات اللعب، مع استخدام الشكل العمودي في التمرير من الخلف إلى الأمام. ويعتبر من أشد المتعصبين لطريقة لعب 4-4-2 في شكلها الإيطالي، الذي يتحول إلى 4-3-1-2 في ما يُعرف باسم "الرامبو" أو "الدياموند" في بقية أنحاء القارة العجوز.

رباعي خلفي صريح أمامه لاعب ارتكاز قاطع للكرات يتحول لدور المدافع الثالث، وفي الوسط ثنائي يتحرك بين العمق والأطراف، تكتيك الريشة المتبع في يوفنتوس خلال الموسم الماضي، لاعب ارتكاز مائل لليمين وآخر لليسار، مع وجود صانع لعب متقدم، يقود الثلث الهجومي الأخير خلف ثنائي متقدم داخل وخارج منطقة الجزاء.


نابولي الجديد
لعب نابولي مع بينيتيز بطريقة لعب 4-2-3-1 دون تغيير، المسافة الكبيرة بين الظهير والجناح في طريقة لعب الإسباني، جعلت دفاع الجنوب الإيطالي ضعيفاً للغاية أمام الكبار، لذلك استقبلت شباكهم 54 هدفاً خلال الموسم الماضي، نتيجة الفراغات أسفل الأطراف. ومع ساري، ستتحول الخطة حتماً إلى 4-3-2-1 بوجود ثلاثي وسط يغلق الملعب بالعرض أثناء هجوم المنافسين.

ميركو فالديفيوري أول أسلحة ماوريزيو، ارتكاز ريجيستا يعرفه جيداً منذ أيام نابولي، لاعب وسط وحيد أمام رباعي الدفاع، عوضاً عن ثنائية المحور التي لعب بها رافا بينيتيز طويلاً، مع اللعب بثنائي متحرك بين الوسط والأطراف أمام فالديفيوري. ويبدو أن مارك هامسيك سيكون كلمة السر في إعادة نابولي إلى الواجهة مرة أخرى.

البرازيلي آلان ماريز القادم من أودينيزي على يمين الارتكاز، وهامسيك على اليسار، على طريقة بوجبا يوفنتوس. يتحدث مارك عن الفارق بين ساري ورافا، "يعمل الفريق الآن بشكل أكبر على الصعيدين البدني والتكتيكي، فهو مهتم بالتدريبات التكتيكية، ويعطي أهمية خاصة لنا كلاعبين".


نابوليانو
"حينما كنت طفلاً صغيراً في فالدرانو، يشجع كل الأطفال يوفنتوس، ميلان، إنتر، كنت الوحيد الذي أشجع نابولي". ساري مشجع قبل أن يكون مدرباً لفريق الجنوب الإيطالي، النادي الذي يتمتع بعاطفة خاصة، ويعتز به جمهوره كثيراً. "إنهم شعبي وأهلي، لذلك مهما ابتعدت عنهم، سأظل في حالة حب معهم"، يقول مارادونا هذه العبارات الرومانسية في حق أهل نابولي، وساري يشبه دييجو، لكن على المستوى التدريبي، إنه رجل يحترم الشغف، لذلك سيكون أقرب من بينتيز إلى قلوب الأنصار.

في حالة الثبات على طريقة لعب 4-3-2-1، فإن دور الأظهرة مهم جداً في الخطة، لأن وجود ثلاثي وسط بدون جناح صريح، يجعل الظهير مطالب بالتقدم إلى الأمام، من أجل فتح اللعب على الأطراف، لذلك تعاقد نابولي مع السيد هساي، ظهير إمبولي السابق مع سالي، بالإضافة إلى المدافع كيركيتش الذي يصلح لشغل مركزي قلب الدفاع والظهير في آن واحد، أظهرة تجمع بين الدفاع والهجوم على طريقة الـWing Backs.

فالديفيوري في الارتكاز، يرافقه في الأغلب ثنائي من إنلير، لوبيز، هامسيك، وآلان ماريز، لاعبان بين مركزي الجناح ولاعب الوسط المساند لتشكيل ثلاثية الارتكار. بينما في الهجوم لا خلاف على هيجواين، يسانده جابياديني كمهاجم متحرك، بينما في مركز صناعة اللعب، يأتي لورينزو إنسيني في صدارة الأسماء، نصف مهاجم ونصف لاعب وسط، قادر على الاختراق من العمق، وهزيمة المدافعين بالركض والمرواغة.

نابولي ليس بالفريق المكتمل بعد، يحتاج ساري إلى لاعب وسط جديد لضبط التحولات، وجعل المجموعة أكثر توازناً على صعيد الدفاع، كذلك مركز الظهير الأيمن يحتاج إلى خيار سريع وحاسم، لكن في كل الأحوال، فإن المتعة حاضرة في السان باولو خلال الموسم الجديد، لأن ماوريزيو ساري يشبه شخصية الجنوب، حيث لا صوت يعلو فوق صوت المغامرة!

 

المساهمون