فساد كرة أميركا (15)...المحاكمة القضائية والتسوية "المُزيفة"

13 نوفمبر 2015
التسوية المالية تشمل اللاعبين المصابين قبل 2005 (Getty)
+ الخط -
في الجزء الأخير من تحقيق فساد كرة أميركا، النهاية لم تكن سعيدة، لأنها ختمت بتسوية مالية "مُزيفة" ولم تجد حلاً للمرض المُزمن وكيفية معالجته بشكل جدي، في وقت رفع سقف التحدي في الجزء الأخير اللاعبون المصابون الذين قرروا رفع قضية ضد الاتحاد.

وصلت الحكاية إلى النهاية. كيف انتهت ولماذا انتهت؟ الجواب كان صعباً. الأرواح أصبحت مجرد أرقام مالية. حياة اللاعبين هي مجرد حسابات في البنوك. الأضرار التي يتعرض لها الدماغ مجرد أوهام. تسويات مالية مُزيفة ومحاكمة قضائية لم تجد الحل الجذري للمشكلة، أهلاً وسهلاً بكم في حلقة بداية النهاية "المحاكمة القضائية والتسوية "المُزيفة". 

الحلقة 15: المحاكمة القضائية من اللاعبين
استمر الـ "NFL" في رفض الوقائع الطبية كما رفض الإقرار بأن هناك ضررا كبيرا على الدماغ نتيجة ضربات الرأس المتكررة في الكرة الأميركية. التحقيق الذي استلمه الاتحاد لمعالجته استمر من عام 1993 حتى عام 2013 ولم يخرج إلى الرأي العام بأي نتيجة واقعية أو حلول جذرية للمشكلة. على الرغم من وجود دراسات طبية كثيرة عُرضت في المحاكم تؤكد خط الإصابة نتيجة ضربات الرأس التي لا ترحم.

لكن بعد سنوات من الإنكار وصلت الأمور إلى مكان مسدود لا يمكن الخروج منه إلا بحل لإنقاذ الموقف سريعاً، وذلك لأن اللاعبين المعتزلين رفعوا الصوت عالياً وطالبوا بمحاكمة الـ "NFL" على الأضرار الدماغية التي تعرضوا لها بسبب هذه الرياضة. نعم، لوهلة اعتقد جميع الصحافيين الأميركيين والأطباء المعنيين أن القضية وصلت إلى النهاية وليس أمام الاتحاد الأميركي إلا طريق واحدة هي الاعتراف بالخطأ والعمل على تصحيحه والمساعدة في إتمام مشروع لحماية اللاعبين من الضرر.

لكن مهلاً، هل من استمر في النكران لأكثر من عشر سنوات سيحلُ القضية في أيام قليلة؟ نعم وبحسب تقارير صحافية فالاتحاد الأميركي يواجه أزمة كبيرة بسبب تقدم نحو 450 لاعباً سابقاً بدعوات قضائية ضده للمطالبة بحقوقهم الطبية، ومن هؤلاء اللاعبين نجوم عظماء في اللعبة تقدموا بشكاوى قضائية تُفيد بأنهم تعرضوا لأضرار دماغية بسبب ضربات الرأس المتكررة وهي تؤثر على حياتهم بشكل سلبي.

وفي وقت كان الجميع ينتظر ماذا سيحصل في هذه القضية بعد أن وصلت إلى مراحل متقدمة من التحقيقات وأصبح الاتحاد الأميركي مُتهماً في هذه القضية، ظهر محامو الاتحاد الأميركي أمام الرأي العام ليصرحوا بأن الـ"NFL" ليس مذنباً ولم يرتكب أي خطأ خلال السنوات الماضية، في وقت لا يوجد دليل يدينه في قضية "الارتجاج الدماغي".

لكن بعيداً عن الكاميرات والرأي العام، كان الاتحاد الأميركي يجري محادثات سرية مع اللاعبين المتضررين بغية الخروج بتسوية قانونية تنقذُ الـ"NFL" من حبل المشنقة، وفعلاً وقبل أن يبدأ موسم 2013 – 2014، ظهر الاتحاد الأميركي على الرأي العام بتسوية مالية ضخمة وهي دفع مبلغ 765 مليون دولار كتعويضات مالية للاعبين المتضررين، وكأن شيئا لم يكن. لكن هذه الأموال التي سيتم دفعها لم تكن الحل لهذه المشكلة الشائكة والخطيرة، لأن اللاعبين المعتزلين يعتبرون أنهم حصلوا على حقوقهم التي طالبوا بها، لكنا ماذا عن الضرر الدماغي الذي سيصيب لاعبين آخرين في المستقبل؟

وبالنسبة لمشجعي كرة القدم الأميركية فإن المشكلة حُلت والاتحاد الأميركي تعاطى مع القضية باحتراف ونجح في إنهاء الجدل الحاصل، لكنه في الحقيقة أبعد نفسه عن الصراع وظهر كالبطل الذي حل العقدة التي استمرت سنوات طويلة، رغم أنه لم يعترف بأنه مُذنب ولم يعترف حتى بوجود ضرر دماغي نتيجة تكرر ضربات الرأس وهذه هي المشكلة الأساسية منذ بداية الحكاية.

وبعد أن أصدر الاتحاد الأميركي هذه التسوية المالية مع اللاعبين المصابين، أثارت هذه التسوية الكثير من التساؤلات خصوصاً في الصحافة الأميركية التي أشارت إلى أن الاتحاد الأميركي خرج من المشكلة كالضحية وأسكت الجميع بأنه حل القضية. لكن في الواقع قضية "الارتجاج الدماغي" مستمرة في الدوري الأميركي بعد عام من صدور هذا القرار "المُزيف" من وجهة نظر عدد كبير من الصحافيين الرياضيين، وخصوصاً من صحيفة "نيويورك تايمز" و"فرونتلاين" اللتين كانتا الأكثر تعاطياً مع هذه القضية الشائكة. ومع ذلك رفع الـ"NFL" القيمة المالية للتسوية إلى نحو مليار دولار، وبدأ في عام 2015 بالاعتراف بوجود حالات تضرر دماغي بنسبة لاعب من كل ثلاثة لاعبين.

اقرأ أيضاً: فساد كرة أميركا (14)...خطورة المرض وانتحار الكبار
دلالات
المساهمون