الأردني أبو غوش..من أزقة "المخيم" إلى "ذهب" الأولمبياد

19 اغسطس 2016
أبو غوش يتألق ويدخل التاريخ (Getty-العربي الجديد)
+ الخط -
أدهش لاعب التايكواندو الأردني أحمد أبو غوش الجميع في أولمبياد ريو دي جانيرو البرازيلية، بعدما تمكن من دخول التاريخ من أوسع أبوابه، حين أصبح أول لاعب عربي ينال الميدالية الذهبية في منافسات رياضة التايكواندو، وأول من يسجل الأردن في سجلات ميداليات الألعاب الأولمبية، عقب فوزه في النزال النهائي لوزن 68 كيلوغراما فجر الجمعة.

ولفت اللاعب الشاب البالغ من العمر 20 عاما الأنظار بشدة خلال المنافسات، بعدما شق طريقه بشكل مذهل صوب المباراة النهائية متخطيا الصعوبات التي واجهته في سعيه لتحقيق الحلم والصعود لمنصة التتويج، فكان بداية هدفه التأهل للأولمبياد ثم نجح في مسعاه ليقتصر حلمه على الظفر بأي ميدالية لتكون الأولى للأردن في التاريخ.

من كرة القدم إلى التايكواندو
مثله مثل أي فتى صغير، عشق أبو غوش الذي ولد في الأول من شهر شباط/ فبراير من العام 1996 كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى في العالم، وأراد أن يشق طريقه لعالم النجومية، بيد أنه وجد نفسه أمام خيارين أحلاهما مر، كرة القدم أو التايكواندو، ذلك أن المدرب فارس العساف، مدربه الحالي، أقنعه بالتوجه إلى لعبة الدفاع عن النفس نظير امتلاكه للمرونة وقدراته التي ستتوهج في لعبة التايكواندو وفقا لرؤية المدرب الشاب.

وفعلا توجه أبو غوش رسميا صوب لعبته الجديدة، وبدأ يحبها ويعشقها شيئا فشيئا، خاصة أن مدربه فارس العساف أعلن تبنيه لموهبته منذ الصغر وتكفله بتعليمه أيضا، فهو المدرب الذي كان في الأصل أحد أبطال الأردن على مستوى اللعبة؛ والذي يملك وعائلته المعروفة مركزا متطورا لتعليم رياضة التايكواندو.

بدأ أبو غوش بالتعلم بشكل لافت وتلقى تعليمات مدربه الشاب بحذافيرها، فأصبح المدرب كلمة السر بالنسبة للاعب الذي أصبح يسير وفق خطوات تصاعدية، وصولا للبطولات المحلية ومرورا بالمشاركات الدولية، وفي بطولة العالم للناشئين والتي جرت في العام 2012، بزغ نجم وموهبة أبو غوش.

من المخيم..إلى فضاءات الإبداع
انطلق أحمد أبو غوش الذي يقيم في مخيم للاجئين الفلسطينيين في شرق العاصمة الأردنية عمان "مخيم النصر"، ليخطو خطوات البطولة الحقيقية وشارك أبو غوش في بطولة كأس العالم للناشئين والتي جرت في مدينة شرم الشيخ المصرية، ليؤكد موهبته الحقيقية ويحصد الميدالية الذهبية لفئة وزنه، ثم واصل إثبات الرؤية الثاقبة لمدربه فارس العساف حينما ظفر بذهبية بطولة آسيا للناشئين التي أقيمت في فيتنام.

واصل اللاعب الشاب مشواره المتألق بنسق تصاعدي ضمن صفوف منتخب الأردن للناشئين، قبل أن يتعرض لإصابة قوية في عام 2013 حين أصيب بالرباط الصليبي، وابتعد عن رياضته المفضلة التايكواندو سنة واحدة ثم عاد بعدها لمواصلة المشوار، والتألق مع مرور السنين.

في تصفيات التأهل إلى أولمبياد ريو 2016، شكل أحمد أبو غوش علامة فارقة وسط خوضه لمعسكرات إعدادية قوية قبل التصفيات، فتمكن من التتويج بالميدالية الذهبية في التصفيات الأولمبية الآسيوية للتايكواندو التي جرت في العاصمة الفيليبينية مانيلا، وكان يعتبر المصنف الأول في القارة الآسيوية؛ لأن الجميع كان يحسب له ألف حساب حيث تخطى الجميع وصولا للدور النهائي ضد لاعب منغولي فهزمه وتأهل لأولمبياد ريو 2016.

فتى من ذهب
بعد تأهله لأولمبياد ريو 2016 رسميا تفاجأ اللاعب ومدربه بقرار صادر من قبل اللجنة الأولمبية الأردنية، يقضي بتعيين مدرب بديل لأحمد أبو غوش عوضا عن مدربه ووالده الروحي أيضا فارس العساف؛ بيد أن اللاعب رفض بشدة هذا الأمر وأصر على أن يشارك في الأولمبياد بمدربه الوطني الذي يتقاضى راتبا متواضعا قياسا بالآخرين لا يتخطى حدود الـ 700 دولار أميركي شهريا، فكان لإصرار أبو غوش نتيجة مؤثرة ساهمت في دخول الأردن إلى التاريخ الأولمبي فيما بعد.

خاض اللاعب الأولمبياد الحلم؛ والتي كان يحلم خلالها بالمشاركة أولا ثم بالمحاولة القصوى للتتويج بميدالية أولمبية أيا كان لونها وشكلها، حيث تمنى أن يكون أول لاعب يدخل بلاده إلى السجل التاريخي للأولمبياد، مستغلا قدراته وكذلك بعض المواجهات التي سبق وأن فاز فيها كما حدث مع المصري غفران زكي، ليمضي بثقة وخطوة تعلوها خطوة مليئة بالأمل، وصولا لمباراة النهائي التي شكلت علامة فارقة لذكاء مدربه وقدراته كلاعب، فكان طبيعيا أن يصبح أبو غوش أول لاعب عربي يتوج بالذهب في التايكواندو، وليرسم الفرحة على قلوب العرب جميعا نظير إنجازه التاريخي.

الحفاظ على الإنجاز
ينشد أحمد أبو غوش بعد هذا الانجاز التاريخي أن يواصل تألقه في المستقبل، عبر أولمبياد طوكيو المقبلة 2020، حيث يريد الطالب الجامعي في أقدم وأعرق جامعات الأردن، "الجامعة الأردنية-تخصص إدارة أعمال" إثبات تألقه في الأولمبياد، والمحافظة على الإنجاز الذي سجله للعبة على الصعيد العربي.
المساهمون