الأكثر تهديفاً.. كيف أصبح هجوم موناكو الأفضل في أوروبا؟

17 ديسمبر 2016
موناكو يقدّم موسماَ مبهراَ على الصعيد الهجومي (Getty)
+ الخط -


برشلونة آخر في الدوري الفرنسي، فاجأ معلق الكأس الفرنسي جميع المتابعين بهذه العبارة الغريبة، أثناء حديثه عن مباراة موناكو ورين، خصوصاً بعد فوز فريق الإمارة بالسبعة في لقاء من طرف واحد، ليؤكد رفاق المدرب البرتغالي ليوناردو جارديم أنهم الفريق الهجومي الأقوى في فرنسا هذا الموسم، بعد نتائجهم المبهرة في الدوري والكأس، ووصولهم بكل سهولة إلى الدور الإقصائي ضمن منافسات دوري الأبطال.

دفاع أم هجوم؟

هناك آراء كثيرة عن تعريف الدفاع، منها وجهة نظر كرويف عن أنه المساحة التي تعطيها لخصمك، إذا كانت كبيرة فأنت تدافع بشكل سيئ، بينما إذا خنقته في رقعة ضيفة فأنت تدافع بشكل رائع، ومع صدق هذه المقولة الخططية، إلا أن أفضل وصف ممكن للدفاع هو "أن تهاجم هجوم منافسك"، بمعنى أن تحرمه دائما من القيام بهجمة منظمة، وتبدأ في هزيمته منطلقا من تقليل نقاط قوته، ومن ثم استغلال هفواته ومواطن ضعفه.

ويعتبر موناكو الحالي من أفضل الفرق التي تطبق هذه المقولة، خصوصا أن هذا الفريق يعرف بأنه خصم دفاعي خلال السنوات الماضية، لا يهاجم كثيرا ويغلق مناطقه فقط أمام مرماه، وبالتالي يأتي جارديم كأحد خريجي مدرسة مواطنه جوزيه مورينيو، لكن ليوناردو أثبت مؤخرا عدم صحة هذه المقولة، لأن فريقه ليس دفاعيا أبدا، بل نستطيع وصفه بأنه هجومي بامتياز.

ربما يلعب موناكو بمنظومة دفاعية قوية جعلته يستقبل معدل أقل من هدف في المباراة الواحدة بالدوري، لكنه لا يلجأ فقط لنصف ملعبه، بل يضغط باستمرار في المناطق الأمامية، يحاول قطع الكرة مبكرا قبل أن تصل إلى أماكنه، ويعرف كيف يخترق الدفاعات المتكتلة، نتيجة تميزه في التمريرات القصيرة وتمتع لاعبيه بمهارة فائقة، لذلك هو فريق يجيد التلون وفق ظروف كل مباراة، يستطيع تأمين شباكه لكنه في نفس الوقت بارع بشدة في هز شباك الغير.

التحول المثالي

يقود الفريق الفرنسي مدرب برتغالي قادم من لشبونة، إنه ليوناردو جارديم، الرجل الذي قام بقلب شكل الفريق خلال فترة زمنية قصيرة، وذلك بسبب أدائه الدفاعي المستميت وخططه المتحفظة، مع ضربه لمنافسيه بالمرتدات القاتلة. ونجح هذا الأسلوب بشدة خلال الموسم الماضي، قبل أن يتحول إلى الهجوم هذا الموسم، مستخدما نفس الخطة 4-4-2، مع الحفاظ على فلسفته الخاصة بالتحكم في الفراغات، لكن مع إضافة أدوات أشمل واستراتيجيات مغايرة.

اعتمد البرتغالي على توليفة مهارية في الأمام، فالكاو المهاجم الثابت داخل منطقة الجزاء رفقة كارييو أو جيرمين بين الهجوم ومنطقة الوسط، بالإضافة إلى رباعي متنوع في المنتصف، فابينهو وباكاياكو كثنائي محوري، يعاونهما سيلفا وليمار على الأطراف، أمام رباعي دفاعي صريح في الخلف.

من دون الكرة، يعود ثنائي الهجوم قليلا إلى المنتصف، وتقوم الأجنحة بدور دفاعي صريح على الطرف، مع بقاء الظهيرين في الدفاع على مقربة من قلبي الدفاع. بينما في الحالة الهجومية تتحول هذه الخطة إلى ما يشبه 4-2-4، بصعود رباعي مرن ومتحرك إلى الثلث الأخير، مع تقدم الظهيرين لملأ الفراغات في منطقة الوسط بالتعاون مع لاعبي المحور، ابحث عن اللا مركزية في الحصول على كثافة عددية في كل مكان بالملعب، وكأن موناكو يلعب بـ 13 لاعب، وبالتالي فإن المدرب حافظ على أسلوبه دون تغيير، لكن مع جلب تغيير طفيف في خطة اللعب، ليحصل على أهداف غزيرة ويطور الشكل العام للفريق في النهاية.

الدكة القوية

لا يرتبط نسق النتائج بقوة الخطة أو ذكاء المدرب، بل بكفاءة المشروع الذي يقود موناكو نحو الانتصارات. فالفريق الفرنسي يضم مجموعة كبيرة من الأسماء المميزة خارج الخط، لذلك يستطيع جارديم قلب نتيجة أي مباراة بتغييراته، مع الدفع بمواطنه موتينهو أو المهاجم كارييو أو نبيل درار، كلها تغييرات تُحدث الفارق في الدقائق الأخيرة من عمر أي مباراة.

باع الفريق كاراسكو ومن قبله مارسيال، لكن موناكو لا يعاني أبدا بعد التفريط في هؤلاء النجوم، لأنه يراهن على جواهر جديدة كما هو الحال مع كليان مباب، الموهبة الأهم على الإطلاق في الدوري الفرنسي، بعد تألقه مع فريق جارديم في مركز الجناح، وتسجيله 3 أهداف وصناعته 4 في 9 مشاركات له بالبطولة المحلية.

كليان لاعب قريب من مارسيال، لكنه لاعب وسط أكثر منه مهاجم صريح، ينطلق على الطرف ويجيد المراوغة وصناعة الفرص، لذلك هو أفضل نسخة ممكنة للجناح المركزي في الكرة الحديثة. ويستفيد الطاقم التقني من الشبان على الدكة، لذلك يتفوق موناكو على كل منافسيه بوفرة اللاعبين المميزين في كل مركز، مما يجعله صاحب اليد العليا محليا في الأمتار البعيدة متفوقا على نيس وباريس، ويمكنه إقصاء المان سيتي في ثمن نهائي دوري الأبطال، إنه الحصان الجامح في الدوريات الكبيرة حتى هذه اللحظة.

المساهمون