فرنسا تترقب صافرة انطلاق يورو 2016

10 يونيو 2016
ملعب فرنسا يستضيف المباراة الافتتاحية (Getty)
+ الخط -
عشية انطلاق الحدث الكروي الأبرز في القارة الأوروبية، تحاول فرنسا (البلد المنظّم)، العمل قدر الإمكان على الحد من العوامل التي قد تؤثر سلباً على نجاح البطولة. القلق الفرنسي لا يقتصر على الجانب الرياضي في ظل الغيابات الأخيرة التي لحقت بصفوف المنتخب وهشاشة خط الدفاع الواضحة في المباريات الودية، بل يتعدّاها إلى الهاجس الأمني الذي تمثّله التهديدات الإرهابية المستمرة وتعزّزه اليوم الإضرابات التي تشلّ مفاصل كبرى المدن الفرنسية عدا عن الظروف المناخية الصعبة التي شهدتها فرنسا الأسبوع الفائت.
على جوانب الأرصفة وفي الساحات العامة تنتشر شعارات المنتخب الفرنسي "قوتكم..شغفنا" وأعلام المنتخبات الـ٢٤ المشاركة في البطولة في ظلّ حركة سياحية تشهدها باريس هي الأقوى منذ سنوات.
لكن الجماهير الفرنسية لا تبدو متحمّسةً بنفس القدر الذي تظهر فيه الجماهير الوافدة إلى باريس والمدن التي ستحتضن 51 مباراة، ما يعدّه البعض أمراً طبيعياً عزّزه مناخ الفضائح التي عصفت بلاعبي المنتخب واتهامات العنصرية واللاوطنية المتبادلة بين كريم بنزيمة المستبعد من جهة، ورئيس الحكومة وبعض النواب ومدرب المنتخب من جهة ثانية.
إذن، تترقّب فرنسا بشغف هذا الحدث الذي نظّمته مرتين من قبل (1960 و1984) ويعقد الفرنسيون آمالا كبيرة على منتخبهم الذي كان حتى أسابيع قليلة أحد أبرز المرشحين للحصول على اللقب الأوروبي الثالث في تاريخه، وبالرغم من التجاذبات التي يشهدها الوسط الكروي الفرنسي بعد فضيحة فالابوينا/بنزيمة، وإصرار المدرب ديديه ديشامب على عدم استدعاء لاعبين أثبتوا جدارتهم في الموسم الحالي، في واقع يذكرنا بعقلية المدرب الأسبق للمنتخب إيميه جاكيه الذي استبعد نجميّ فرنسا كانتونا وجينولا عام 96، شعار هؤلاء المتفائلون بديك يصيح فرحاً في استاد دو فرنسا "المستحيل ليس فرنسياً".
تتحضّر المقاهي كعادتها لاستقبال متابعي البطولة الذين يفضلون الجو الذي تفرضه التجمعات في أماكن مغلقة على حساب متابعة المباريات في الساحات العامة حيث وضعت شاشات عملاقة تنقل مباريات المنتخب الفرنسي حصراً. ويتخوّف أصحاب المطاعم والمقاهي من تكرار الهجمات التي طاولت باريس في 13 نوفمبر تشرين الثاني الماضي. ويبدي هؤلاء قلقهم في الوقت الذي تتوارد فيه تسريبات ألمانية حذّرت باريس من هجمات محتملة خاصة في يومي الافتتاح والختام اللذين يحتضنهما "استاد باريس" في قلب العاصمة الفرنسية.
في المدن التي تستقبل المنتخبات المشاركة، عملت المجالس البلدية على توفير أجواء مناسبة للمشجعين الذين يرافقون اللاعبين. كما هو الحال مثلاً في مدينة لابول التي تبعد 77 كلم غرب مدينة نانت على شاطئ المحيط الأطلسي، التي يحلّ عليها ضيفاً المنتخب السويدي ونجم باريس سان جيرمان زلاتان لإبراهيموفيتش، ولذلك اختارت المدينة تنظيم معرض للصور قرب مبنى البلدية في المكتبة العامة، وأعلنت عن احتفال كبير على الشاطئ نهار 12 يونيو/حزيران مع استحضار فرقة الـ ABBA السويدية الشهيرة في عيد الموسيقى السنوي الذي تشهده فرنسا كل عام.
بعيداً عن الهاجس الأمني الذي يشغل السلطات، تبرز مشكلة الإضرابات المتواصلة التي تشهدها البلاد احتجاجاً على قانون العمل وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قد طلب من نقابات شركات الطيران والسكك الحديدية فك الإضراب الذي ألحق شللاً بقطاع النقل العام الذي يعتمد عليه مليون ونصف المليون وافد للتنقل في فرنسا أثناء البطولة.
وفي هذا السياق تحدّث المسؤول الأول عن تنظيم البطولة جاك لامبير، والذي أشرف على إنجاح تنظيم بطولة كأس العالم سنة 1998 إلى الصحافيين عشية انطلاق حفل الافتتاح الذي تليه مباراة تجمع البلد المضيف مع رومانيا "نقابة عمال الشركة الوطنية للسكك الحديدية في إضراب مستمر حتى 14 حزيران/يونيو وشركات النقل العام الداخلي (الباصات) تعمل بشكل متقطّع منذ حوالي الشهر. هذا الأمر يسير بالاتجاه الذي لا نتمناه ويحتّم علينا ضغوطات كبيرة تتعلق بمتابعة تنقلات المشجعين وتغيير بطاقاتهم وتأمين وسائل بديلة في حال استمر الوضع على ما هو عليه".
في سياق آخر، اهتمت بعض الأوساط في التصويب على النجاحات التي ستحققها البطولة خاصة في جانبها الاقتصادي بحيث توقّع مركز الحقوق والاقتصاد الرياضي CDES أن تبلغ عائدات الحدث الرياضي حوالي مليار و300 مليون يورو وهذا ما أكّده السكرتير العام للشؤون الرياضية في الحكومة تييري برايار "فرنسا تستعد ليس فقط رياضياً لهذا الحدث، النجاح يكون في الملاعب وفي الاقتصاد وفي السلامة العامة، وهذه المعايير نعمل على تحقيقها لإنجاح البطولة بكافة جوانبها".
في ما يخص النقل التلفزيوني والشركات الراعية للحدث الأوروبي، فإن يورو 2016 شهد معركة بين شركتي "أديداس" و"نايكي" كان التفوق فيها للشركة الألمانية التي نجحت في استقطاب المنتخبات الجماهيرية كألمانيا وإسبانيا، ونجحت أيضاً في أن تكون الشركة التي تقدّم الكرة الرسمية للبطولة. وسيكون الحدث الرياضي الثالث من حيث المتابعة العالمية بعد كأس العالم والألعاب الأولمبية متوفراً على 130 قناة تلفزيونية في الوقت الذي تنفرد شبكة "بي إن سبورت" بنقل كافة مباريات البطولة في فرنسا (بينها 18 بشكل حصري) تشاركها TF1 بنقل 22 مباراة وM6 بـ 25 مباراة، من بينها المباراة النهائية في العاشر من يوليو/تموز القادم.
والحال أنّ المشهد الأوروبي الجميل الذي تتوخاه فرنسا من هذه الفعاليات الرياضية، تشاركها فيه 24 دولة بالآمال والطموحات في أن تكون خواتيم البطولة تليق بالتحضيرات الكبيرة التي واكبت الحدث دون أن يكون للإضرابات العمالية والظروف المناخية والتهديدات الإرهابية أثر يذكر.​
المساهمون