تاريخ اليورو (12) اليونان تُحقق المعجزة في بطولة المفاجآت

07 يونيو 2016
+ الخط -
تترقب جماهير الساحرة المستديرة في القارة الأوروبية العجوز بشغف انطلاق النسخة الخامسة عشرة من بطولة أمم أوروبا لكرة القدم "يورو 2016" التي تستضيفها ملاعب كرة القدم الفرنسية، خلال الفترة ما بين العاشر من شهر يونيو/حزيران الجاري وحتى العاشر من شهر يوليو/تموز المقبل، ومع بدء العد التنازلي لساعة الصفر إيذاناً بانطلاق البطولة؛ يُواصل موقع "العربي الجديد" تسليط الضوء على تاريخ البطولة القارية التي ربما تفوق في قوتها بطولات كأس العالم.

"10" ملاعب تستضيف البطولة لأول مرة
وسنستعرض معكم في حلقة هذا اليوم ذكريات ما حدث في النسخة الثانية عشرة من بطولة أمم أوروبا لكرة القدم التي استضافتها البرتغال في عام 2004 على 10 ملاعب موزعة على 8 مدن برتغالية، بدءاً من براغا شمالاً ونزولاً إلى الجنوب مروراً بمدن غيماريش والميناء الأول بورتو وأفيرو وكويمبرا وليريا والعاصمة لشبونة ونهاية بأقصى نقطة في الجنوب مدينة فارو لوليه، لتكون هذه هي المرة الأولى في تاريخ بطولة أوروبا التي يصل فيها عدد الملاعب إلى هذا الحد.

التصفيات
بعد صعود المنتخب البرتغالي بشكل تلقائي كونه مستضيف تلك البطولة؛ كان يتعيّن على سائر المنتخبات الأوروبية الـ 50 المشاركة في التصفيات التنافس فيما بينها على 15 بطاقة تأهل للنهائيات، إذ تم تقسيم المنتخبات الـ 50 المشاركة في التصفيات إلى 10 مجموعات، على أن يصعد متصدر كل مجموعة للنهائيات مباشرة، وتخوض المنتخبات العشرة الوصيفة 5 مباريات فاصلة بنظام مباريات الذهاب والعودة، من أجل تحديد بقية المنتخبات الخمس المتأهلة، ليُصبح بعد ذلك عدد المنتخبات المشاركة في النهائيات 16 منتخباً.

ولُعبت مباريات التصفيات خلال الفترة ما بين سبتمبر 2002 ونوفمبر من عام 2003، حيث صعدت للنهائيات منتخبات: (فرنسا، والدنمارك، والتشيك، والسويد، وألمانيا، واليونان، وإنجلترا، وبلغاريا، وإيطاليا، وسويسرا) بشكل مباشر بعدما تصدرت المجموعات العشرة، فيما اضطرت منتخبات: (اسكتلندا، وهولندا، وكرواتيا، وسلوفينيا، وروسيا، وويلز، ولاتفيا، وتركيا، وإسبانيا، والنرويج) لخوض مباريات الملحق بعدما احتلت المركز الثاني في مجموعاتها، إذ أكملت منتخبات (هولندا، وكرواتيا، وروسيا، ولاتفيا، وإسبانيا) عقد المنتخبات المتأهلة للنهائيات بعد فوزها في مباريات الملحق على حساب منتخبات (اسكتلندا، سلوفينيا، ويلز، تركيا، النرويج) على التوالي.

اليونان تُفجر مفاجأة من العيار الثقيل
بعد أن فاجأت اليونان الجميع عندما بلغت نهائيات بطولة أمم أوروبا لكرة القدم بشكل مباشر من خلال تصدرها المجموعة السادسة وإرغامها إسبانيا، المرشحة الأوفر حظاً آنذاك لانتزاع بطاقة التأهل، على خوض مباراة الملحق؛ عاد منتخب أحفاد الإغريق ليُفاجئ جماهير كرة القدم الأوروبية بعدما نجح في الفوز على حساب المنتخب البرتغالي، صاحب الضيافة، بنتيجة هدفين مقابل هدف، في مستهل مباريات النسخة الثانية عشرة من البطولة الأوروبية.

وخالف المنتخب اليوناني، الذي كان يقوده في ذلك الوقت المدرب العبقري الألماني أوتو ريهاغل، كل التوقعات والترشيحات والمراهنات، التي وضعته في المركز الرابع عشر بين المنتخبات المشاركة في البطولة لا سيّما في ظل مجموعته الصعبة التي كانت تضم المنتخبين البرتغالي والإسباني إلى جانب منتخب روسيا، وذلك بعدما فرض نتيجة التعادل الإيجابي على نظيره الإسباني، ليصعد بالتالي إلى الدور ربع النهائي رغم خسارته في المباراة الأخيرة أمام نظيره الروسي بنتيجة هدفين مقابل هدف، حيث تفوق المنتخب اليوناني بفارق الأهداف على منتخب إسبانيا، الذي سقط بدوره على يد نظيره البرتغالي، الذي لم تمنعه الخسارة أمام اليونان من تصدر المجموعة الأولى، والتأهل للدور ربع النهائي.

المنطق يفرض نفسه
وفرض المنطق نفسه على مباريات المجموعة الثانية، بعدما حجز المنتخب الفرنسي حامل اللقب بطاقة التأهل الأولى بعد أن حصد 7 نقاط من فوزين على حساب المنتخب الإنجليزي، والسويسري، وتعادل أمام المنتخب الكرواتي، إذ رافق منتخب الديوك معه للدور ربع النهائي منتخب إنجلترا، الذي جاء في المركز الثاني برصيد 6 نقاط جمعها من فوزين على المنتخبين الكرواتي والسويسري اللذين جمعا نقطتين ونقطة على الترتيب، ليُودعا البطولة الأوروبية من الدور الأول.

مفاجآت البطولة تتواصل
وتواصلت مفاجآت البطولة بعدما ودّعت إيطاليا البطولة من الدور الأول رغم تساويها في عدد النقاط "5" مع السويد والدنمارك، حيث حلّ المنتخب الأتزوري في المركز الثالث في المجموعة الثالثة مُتأخراً بفارق الأهداف خلف منتخبي السويد والدنمارك، اللذين تأهلا للدور الثاني على حساب إيطاليا وبلغاريا، التي جاءت في المركز الأخير بدون أي رصيد من النقاط.

وداع خجول لمنتخب ألمانيا
وحذا المنتخب الألماني، وصيف بطل العالم في ذلك الوقت، حذو المنتخبين الإسباني والإيطالي، بعدما فشل في تجاوز الدور الأول للمرة الثالثة في تاريخه، إثر احتلاله المركز الثالث في المجموعة الرابعة بنقطتين من تعادلين وهزيمة، ليتأهل المنتخبان التشيكي والهولندي للدور الثاني بعدما حصد الأول العلامة الكاملة من خلال تصدره المجموعة برصيد تسع نقاط، في وقتٍ لحق به الثاني للدور ربع النهائي بعد أن جمع 4 نقاط من فوز على لاتفيا وتعادل مع ألمانيا، فيما حلّ منتخب لاتفيا في المركز الرابع والأخير بنقطة يتيمة.

أرقام من وحي مباريات الدور الأول
عرفت مباريات الدور الأول من بطولة أمم أوروبا 2004 خروج ثلاثة منتخبات عريقة سبق لها أن تُوجت بلقب وهي: إسبانيا، وإيطاليا، وألمانيا ويمكن إضافة منتخب رابع سبق له أن توج بطلاً أيضاً هو منتخب روسيا الذي أحرزه عندما كان يُعرف باسم الاتحاد السوفييتي سابقاً.

كما تمكن اللاعبون الشباب من خطف الأضواء من النجوم الكبار لعل أبرز هؤلاء: النجم البرتغالي، كريستيانو رونالدو، والنجم الإنجليزي، واين روني، الذي لم ينعم كثيراً بالإنجاز الذي حققه كأصغر لاعب يُسجل هدفاً في نهائيات بطولة أمم أوروبا لكرة القدم سوى 4 أيام، وذلك لأن مهاجم المنتخب السويسري السابق، يوهان فونلانثين، بات صاحب هذا الإنجاز عندما سجل هدف التعادل في مرمى فرنسا في المباراة التي جمعت بين المنتخبين في كويمبرا، وهو يبلغ من العمر 18 عاماً و4 أشهر و20 يوماً.

من جانبه حصد مهاجم المنتخب الروسي، ديميتري كريشينكو، لقب صاحب أسرع هدف في تاريخ بطولات أمم أوروبا لكرة القدم، وذلك عندما سجل هدفاً في مرمى المنتخب اليوناني بعد مُضي 68 ثانية من عمر المباراة التي انتهت بفوز المنتخب الروسي بنتيجة هدفين مقابل هدف.

اليونان تُطيح بحامل اللقب من الدور ربع النهائي
في الدور ربع النهائي، واصل المنتخب اليوناني تحقيق المفاجآت في البطولة الأوروبية بعدما حجز أولى بطاقات المربع الذهبي عندما أطاح بالمنتخب الفرنسي، حامل اللقب، بهدف دون مقابل، في مباراة تم تصنيفها ضمن قائمة أضخم المفاجآت في تاريخ نهائيات بطولة أمم أوروبا التي انطلقت عام 1960، وذلك كون المنتخب الفرنسي قد فشل بعد هذه الخسارة في معادلة الرقم القياسي في عدد مرات الفوز في البطولة، والذي بحوزة المنتخب الألماني صاحب الثلاثة ألقاب، كما لم يتمكن من أن يصبح أول منتخب يحتفظ بلقبه على الرغم من أنه كان مرشحاً فوق العادة لتحقيق هذين الإنجازين.

البرتغال تُقصي إنجلترا بركلات الجزاء
أما المنتخب البرتغالي فقد نجح هو الآخر في حجز تذكرة الصعود للدور نصف النهائي بعدما تمكن من إقصاء نظيره الإنجليزي، حينما فاز عليه بنتيجة (6-5) بركلات الجزاء الترجيحية، علماً أن الوقتين الأصلي والإضافي من المباراة قد انتهيا بنتيجة التعادل الإيجابي بهدفين لكل منتخب.

هولندا تحذو حذو البرتغال
وحذا المنتخب الهولندي حذو نظيره البرتغالي، بعدما نجح في الفوز على نظيره السويدي بنتيجة (5-4) بركلات الجزاء الترجيحية، علماً أن الوقتين الأصلي والإضافي من المباراة قد انتهيا بنتيجة التعادل السلبي بدون أهداف.

منتخب التشيك بلا هزائم
فيما حافظ منتخب جمهورية التشيك، الذي كان يقوده في ذلك الوقت النجم بافيل نيدفيد أفضل لاعب في أوروبا عام 2003، على سجله الخالي من الهزائم، بعدما نجح في الفوز على حساب نظيره الدنماركي بنتيجة ثلاثة أهداف دون مقابل، ليُكمل بالتالي عقد المنتخبات المتأهلة للدور نصف النهائي، وليضرب موعداً في الدور نصف النهائي مع المنتخب اليوناني.

خروج مفاجئ لجمهورية التشيك
وبينما توقع كافة الخبراء والنقاد أن تضع جمهورية التشيك، المرشحة الأبرز لإحراز لقبها الثاني بعد عام 1976، حداً لمفاجأة اليونان؛ واصل منتخب أحفاد الإغريق تحقيق المفاجآت بعدما بلغ المباراة النهائية للمرة الأولى في تاريخه بعدما تغلب على حساب نظيره التشيكي بهدف حمل إمضاء، ترايانوس ديلاس، في الدقيقة 105، لُتلحق اليونان بالمنتخب التشيكي الخسارة الأولى منذ تسلم مدربه كاريل بروكنر إدارته الفنية في شباط/ فبراير 2002، ولتحرمها من بلوغ المباراة النهائية للمرة الثالثة في تاريخها بعد عامي 1976 عندما أحرزت اللقب على حساب ألمانيا الغربية بركلات الترجيح، وعام 1996 عندما خسرت أمام المانيا بنتيجة 1-2 بهدف "بيرهوف" الذهبي.

البرتغال تكسر لعنة استمرت 20 عاماً
من جانبها، فقد بلغت البرتغال نهائي بطولة أمم أوروبا لكرة القدم التي استضافتها في عام 2004 للمرة الأولى في تاريخها، بعدما نجحت في تحقيق الفوز على حساب منتخب هولندا بنتيجة هدفين مقابل هدف، ليكسر زملاء النجم لويس فيغو لعنة طاردت الدولة المضيفة منذ 20 عاماً، بعدما أصبحت البرتغال في ذلك الوقت  أول دولة مُضيفة تتمكن من بلوغ المباراة النهائية منذ نسخة عام 1984، بعد أن فشلت كافة الدول التي استضافت النسخ الأربع السابقة في ذلك، حيث سقطت جميعها على عتبة نصف النهائي، إذ لم تنجح ألمانيا  في الصعود للمباراة النهائية على أرضها عام 1988، والسويد عام 1992، وإنجلترا عام 1996، وهولندا بالذات في البطولة الأخيرة عام 2000.

وتحققت المعجزة
في الرابع من شهر يوليو من عام 2004، سطّر المنتخب اليوناني اسمه بأحرفٍ من ذهب في تاريخ بطولة أمم أوروبا لكرة القدم، وذلك بعدما أصبح تاسع منتخب أوروبي يتمكن من الظفر بلقب البطولة الأوروبية بعد منتخبات: الاتحاد السوفييتي (روسيا حالياً) وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا وتشيكوسلوفاكيا (تشيكيا حاليا) وفرنسا وهولندا والدنمارك؛ وذلك بعدما نجح في الفوز على حساب المنتخب البرتغالي بنتيجة هدف دون مقابل، في المباراة النهائية التي جمعت بين المنتخبين على استاد "دا لوز" بالعاصمة البرتغالية لشبونة.

وتوقع عُشاق كرة القدم في ذلك الوقت أن يثأر المنتخب البرتغالي لنفسه في المباراة النهائية بعدما كان قد مني بخسارة مفاجئة أمام اليونان بنتيجة هدف مقابل هدفين في المباراة الافتتاحية، وأن يحذو حذو المنتخب الهولندي، الذي تُوج بلقب البطولة الأوروبية عام 1988، بتغلبه على منتخب الاتحاد السوفييتي في المباراة النهائية بنتيجة هدفين دون مقابل، بعدما كان قد خسر أمامه بنتيجة هدف دون مقابل، في المباراة الأولى في الدور الأول.

لكن المنتخب اليوناني قد خالف مرة أخرى كل التوقعات والتكهنات، بعدما نجح في تحقيق الفوز بهدف سجله المهاجم أنجليوس خاريستياس بضربة رأس بارعة بعد 12 دقيقة على انطلاقة الشوط الثاني مانحاً بلاده لقباً أسطورياً، وسط حسرة كبيرة من الجماهير البرتغالية، التي كانت تعقد آمالاً كبيرة على منتخب بلادها في منحها أول لقب دولي، بعدما كان المنتخب قد فشل في ثلاث مناسبات سابقة هي: بطولة أمم أوروبا عامي 1984 و2000 بخسارته أمام فرنسا في نصف النهائي، وكأس العالم عام 1966 عندما خرج على يد إنجلترا في الدور ربع النهائي.

المساهمون