يعيش العالم حالة من الهلع بسبب انتشار فيروس كورونا الجديد، الذي أدّى إلى إيقاف مختلف الأنشطة بما فيها كرة القدم، وأرغم الجميع على ملازمة بيوتهم، من أجل محاصرة هذه الجائحة التي تحصد الأرواح يوماً بعد يوم.
وأبانت جائحة كورونا الوجه الحسن للكثير من الشعوب، بإطلاق مبادرات تضامنية، اقتصر بعضها على المواساة من شرفات المنازل، والبعض وصل حد التكفل التام بعائلات معوزة، بل بلغت هبات تضامنية أخرى درجة التبرع بمبالغ تجاوز بعضها المليون دولار، إلا أن هذا لم يمنع بعض الدول من الكشف عن وجهٍ بشعٍ مجرّدٍ من أي إنسانية، على شاكلة الطبيب الفرنسي الذي طالب بتجريب اللقاح على شعوب القارة الأفريقية.
التصريح الشهير، الذي بُث عبر قناة فرنسية رسمية، كشف عن عنصرية مقيتة تضمرها بعض الشعوب تجاه شعوب أخرى، بخلفيات استعمارية تعود إلى سنوات مضت، رغم تحرر هذه الشعوب المستضعفة وحصولها على حريتها.
ورغم أن الحديث كان بعيداً كلّ البعد عن الجانب الرياضي، إلا أنه لم يمنع بعض مشاهير القارة الأفريقية من إبداء رأيهم، والدفاع عن شعوبهم وأرضهم، حيث هاجم كلّ من ديدي دروغبا وصامويل إيتو وأندي ديلور، وعدة لاعبين آخرين، هذا التصريح، واصفين إياه بالكلام العنصري الاستعماري، رافضين أن يُستغل فقر بعض الشعوب، واستعمالها كفئران تجارب.
لاعب المنتخب الجزائري أندي ديلور، ورغم أنه وُلد بفرنسا وترعرع فيها ولم يحصل على الجنسية الجزائرية إلا في شهر يونيو/حزيران من السنة الماضية، بل يُقال إنه لم يعرف والدته ذات الأصول الجزائرية إلا قبل سنوات قليلة، حيث تربى مع والده ذي الأصول الغجرية، لم يمنعه ذلك من الدفاع باستماتة عن أصوله الأفريقية، متحدياً كلّ محيطه، ومبدياً فخراً كبيراً بالقارة التي ينتمي إليها، وهو الآن بطل هذه القارة في كرة القدم، لذلك، أفريقيا وشعوبها فخورة حتماً بابنها أندي بقدر فخره واعتزازه بها.
هذه الأوقات العصيبة التي يعيشها العالم، تتطلب، وأكثر من أي وقت مضى، تضافر الجهود، وسقوط كلّ الفوارق مهما كانت، عرقية أو دينية أو مادية أو تاريخية أو حضارية، وأن تكون الإنسانية جامعة موحدة لكلّ الشعوب، للتغلّب على هذا الوباء، والخروج من هذه الأزمة، فكلّ الشعوب، ومهما كانت ساخطة على حياتها، تتمنى أن تعود إليها، كما يتمنى عشاق الكرة أن يشاهدوا أي لقاء ولو كان سينتهي بهزيمة فريقهم المفضل.