وأتى هذا البيان البريطاني قبيل إعلان مرتقب من المخابرات البريطانية يكشف المزيد من التفاصيل عن تورط الدولة الروسية في الاعتداء على سيرغي سكريبال، العميل الروسي المزدوج، في مدينة سالزبري البريطانية.
وقال وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هانت، إنّ مركز الأمن الافتراضي الوطني قد توصل إلى أن بعض قراصنة الإنترنت الذين ينفذون عمليات اختراق إلكترونية على مستوى العالم ما هم إلا واجهة للاستخبارات العسكرية الروسية. وأكد أن هجماتهم نالت علم الكرملين وموافقته.
وأضاف: "هذه الهجمات الإلكترونية لا تخدم أي مصلحة وطنية شرعية، وبدلاً من ذلك تؤثر في قدرة الأفراد حول العالم بممارسة حياتهم اليومية بعيداً عن الأذى، بما في ذلك الاستمتاع بالرياضة"، في إشارة إلى اختراق القراصنة الروس سجلات الرياضيين الأولمبيين الطبية في سبتمبر/ أيلول 2016.
وتابع بيان الوزير البريطاني: "إن أفعال الاستخبارات العسكرية الروسية متهورة وعشوائية: يحاولون تقويض الانتخابات في دول أخرى والتدخل فيها، بل إنهم مستعدون لإلحاق الضرر بالمواطنين والأعمال الروسية. هذا النموذج من التصرف يكشف رغبتهم في التحرك دون أي اعتبار للقانون الدولي أو الأعراف المعمول بها، ويقومون بذلك بشعور بالحصانة وعدم اكتراث بالعواقب".
في المقابل، رفضت روسيا اتهامات بريطانيا، معتبرة أن المزاعم تأتي في إطار حملة تضليل تهدف إلى الإضرار بالمصالح الروسية، وفق ما نقلت وكالة "رويترز" عن وكالة الأنباء الروسية "تاس".
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن الاتهامات نتاج "خيال خصب" لشخص ما و"نوع من خليط عطور شيطانية"، في بيان صحافي.
وفي ظل وجود اتهامات سابقة بالتورط الروسي في العديد من حملات القرصنة الإلكترونية العالمية، كشفت التحقيقات أن الاستخبارات العسكرية الروسية هي المنفذ الرئيسي لهذه الاعتداءات. ويشير المحققون إلى أن هذه المنظمة أصبحت سلاح الكرملين السري لتحقيق أهدافه الجيوسياسية.
وجرت إحدى أكبر هذه الهجمات الإلكترونية في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي عندما نجح القراصنة في اختراق شركة المراقبة الائتمانية الأميركية إكويفاكس، وتمكنوا بواسطتها من الوصول إلى البيانات الشخصية الخاصة لـ700 ألف مواطن بريطاني.
كما تشمل الاتهامات أيضاً هجمات إلكترونية شنتها موسكو ضد أوكرانيا تسببت من خلالها بتعطيل نظام المترو في العاصمة كييف ومطار مدينة أوديسا. وتذكر أيضاً عدة هجمات شملت زرع برامج ضارة في الأنظمة الحكومية في كل من بلغاريا وتركيا واليابان.
كما تعرضت عدة مؤسسات إعلامية لمثل هذه الهجمات، ومنها "تي في 5 موند" الفرنسية، عام 2015، والتي خرجت عن الهواء عندما ضرب أنظمتها فيروس دمر شبكتها الإلكترونية. وتبنت العملية حينها منظمة عرفت عن نفسها بأنها الخلافة الإلكترونية، ولكن المحققين تمكنوا من تتبع المنفذين إلى مجموعة القراصنة الروس APT 28، والتي اشتهرت أيضاً باسم "فانسي بير"، وهي من فرق العمليات التابعة للاستخبارات العسكرية الروسية.
وتلا ذلك بعد شهرين هجوم استهدف قطاعات الطاقة والمال في أوكرانيا، ولكنه انتشر إلى أبعد من ذلك ليصيب عدداً من الدول الأوروبية الأخرى، ومنها عدد من الأعمال الروسية. ووفقاً للمخابرات البريطانية، فقد تم تعقب مصدر الاعتداء أيضاً وصولاً إلى الاستخبارات العسكرية الروسية.
كما تتصدر هذه الاتهامات التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016، والذي لا يزال يشكل مصدر إزعاج لإدارة ترامب. وعلى الرغم من أن اتهام روسيا بالوقوف وراء هذا الاختراق ليس بالجديد، إلا أن توجيه بريطانيا الاتهام للاستخبارات العسكرية الروسية بالوقوف وراءه أمر غير مسبوق.
ويأتي هذا الكشف البريطاني، في إطار تعهد رئيسة الوزراء تيريزا ماي بالكشف عن مدى عمليات الاستخبارات العسكرية الروسية بعد الاعتداء على سيرغي سكريبال في سالزبري. وكانت بريطانيا قد وجهت الاتهام إلى جهاز الاستخبارات الروسي بالوقوف وراء استخدام مادة نوفيتشوك السامة للأعصاب في الاعتداء، وفقاً للتحقيقات التي تجريها الشرطة البريطانية منذ مارس/ آذار الماضي.
ويذكر أن سكريبال عضو سابق في الاستخبارات العسكرية الروسية، وانشق لصالح البريطانيين.