منذ ظهور الإنترنت والمواقع الإخبارية والترفيهية وغيرها، لم يعد الاستماع إلى الإذاعة يُولى اهتماماً كبيراً، كما كان في السابق، رغم وجود عدد كبير من المحطات الإذاعية العامة أو الخاصة بالمدن والبلدات العراقية. فقد تراجعت نسبة المستمعين إلى الإذاعات بنسبة كبيرة في العراق، كما حول العالم، فيما أغنت مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات التفاعلية عن متابعة التلفاز والإذاعة على حد سواء.
اليوم، المستمعون والمتفاعلون مع المحطات الإذاعية في العراق أغلبهم من الرجال، وفقاً لما يؤكده عاملون في تلك المحطات ومواطنون، يلقون باللوم على المحتوى الذي تقدمه تلك الإذاعات عادة من حيث التركيز على المواضيع الأمنية والسياسية أو الدينية، وتخصيص وقت بسيط لقضايا اجتماعية تهم المرأة أو الأسرة، فضلاً عن أن الرجل يتاح له وقت أكثر في الاستماع خلال وجوده بالسيارة أو مكان عمله.
تقول الصحافية رواء الرحماني، وهي مقدمة ومعدة برامج إذاعية، لـ"العربي الجديد"، "من خلال عملي في "راديو ديالى أف أم"، يمكن القول إن الرجال هم أكثر الفئات تواصلاً عبر الاتصال المباشر باستخدام المكالمات الهاتفية، بينما النساء لاحظنا أنهنّ يفضّلن استخدام المشاركة ببرامج الإذاعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وباقي التطبيقات. وبشكل عام هذا يجعلهم متساوين من حيث المبدأ بالمشاركة، ولكن باختلاف بسيط في اختيار وسيلة التواصل". وترى أنّ "الإذاعة ليومنا هذا منبر تثقيفي وتعليمي واسع المدى والأكثر سهولة للإقناع والتأثير، لأنه يتعامل مع كل أطياف الناس ويتعاطى معهم دون المساس بأعمالهم أو التأثير عليها، فما عليهم سوى تشغيل الراديو والاستماع بينما يمارسون أعمالهم اليومية، بمعنى عملية تلقين لمعلومة سهلة الحفظ".
وتضيف "الاستماع للراديو لا يزال بخير وخصوصاً بوجود تطبيقات الراديو في الهواتف النقالة وراديو السيارات. هناك فئات متنوعة ممن يستمع للراديو، وعموماً وجود محطة بث واضحة وبرامج مسلية هي الجاذب للمستمع، وعادة ما تكون البرامج المنوعة ذات النكهة الممتعة والمعلومة المتجددة هي الأكثر استقطاباً للمستمعين".
اقــرأ أيضاً
بحسب آخر إحصاء غير رسمي، توجد في العراق نحو 90 محطة إذاعية تبث غالبيتها على موجة "أف أم". ونحو 30 محطة منها يصل مداها إلى عموم مدن العراق والأخرى محطات محلية تهتم بشؤون المدن أو المحافظات الموجودة فيها، ويديرها صحافيون محليون بدعم منظمات محلية أو الحكومات في تلك المدن وتهتم بالشأن المحلي الداخلي لتلك المدن وإيصال التعليمات والتبليغات المهمة للسكان.
وتعد "إذاعة بغداد" التي انطلق بثها في الأول من شهر يوليو/تموز من عام 1936 ثاني إذاعة عربية رسمية بعد "إذاعة القاهرة" التي تأسست عام 1934. وقد تطورت في منتصف الأربعينيات، فأصبح اسمها دار الإذاعة السلكية واللاسلكية. وفي خمسينيات القرن الماضي سُميت بدار الإذاعة العراقية، ثم غيرت تسميتها بعد عام 1958 لتصبح إذاعة الجمهورية العراقية من بغداد، ثم تغير اسمها في التسعينيات إلى "إذاعة جمهورية العراق من بغداد".
يرى الصحافي مهند النعيمي أنّ الراديو لم يعد له وجود كما في السابق داخل العراق. ويقول في حديثٍ لـ"العربي الجديد": "كان الراديو أو المذياع من المقتنيات الأساسية للبيت العراقي، ويكاد لا يخلو بيت منه، وكان له مكانه وحيزه، بسبب كبره، وشكله، وتطابقه مع أثاث المنزل. أذكر في بيت العائلة الكبير كان لنا راديو عليه زهرية، ويخرج سلك مرتبط إلى أعلى يعمل دور الهوائي أو الكابل. فقد كانت للسابقين مجالس مع الراديو، ولا سيما عند نقل حفل كوكب الشرق أم كلثوم، من إذاعة صوت العرب من القاهرة الذي يوافق أول خميس من رأس كل شهر، وكانت الأسر تتحلق حول الراديو، فيما تحلق أرواحها مع جمال الصوت، واللحن، والكلمة... ويبدو أن ذاك الجيل له خصوصية تناسب الذائقة والرغبة في التأمل، والبقاء ساعات في سكون للسماع، من دون أن يرى سوى مخيلته، فلا صور، ولا محسنات صوتية، ولا كليبات".
ويعتبر أن "الراديو يمثل المحرك الذي يشكله اليوم فيسبوك. فمن خلاله ينزل الشعب إلى الشارع، لذا كانت الدبابات الحكومية تحيط بمقر الإذاعة، لأنها تعد أحد أهداف الثوار أو الحركات الانقلابية، كان الراديو، تقصدت على ذكره بصيغة الماضي، لأنه لم يبقَ له وجود في الحاضر، نتيجة المتغيرات التقنية. وما نشاهده في بعض البيوت الفارهة، إنما يمثل ديكوراً من الإرث الماضي، أو من واجهة فلكلورية، وأؤكد الفارهة، لأن المنازل تقلصت بفعل أزمة السكن، وأصبح الراديو شيئاً زائداً عن حاجة البيت الصغير، وبالتالي لا مكان له فيه".
ويضيف "الكثير من وسائل الاتصال الجماهيري، ستجد طريقها إلى الأفول، ربما التلفاز، والصحافة الورقية، سيلتحقان بالراديو، أمام مواقع التواصل الاجتماعي، كما سيضيع أثر الصحافة الملتزمة، في ظل عصر الكتابة المفتوحة من دون ضوابط، وأحكام، ولغة، ورقيب، وصوت إذاعي متميز". ويتابع أنّ "الراديو ابن مرحلة مضت وانتهت، وبرامجها لم تعد تجذب السيدات، كما هي برامج الأمس لذا فإن أغلب المستمعين للإذاعة اليوم من الرجال لحكم قيادتهم السيارة يومياً أو تنقلهم إلى عملهم عبر الباصات التي غالباً ما تشغل الراديو".
اقــرأ أيضاً
إلا أن الصحافي مروان الجبوري، من جهته، يرى أنّ "الراديو ما زال صامداً". ويقول لـ"العربي الجديد": "اعتقد الكثيرون أن الراديو سينقرض بظهور التلفاز، لكنّ ذلك لم يحصل. بل استمرت الإذاعة في عملها لكن وظائفها ومضامينها تغيرت، وفيما يتعلق بالإذاعات العراقية فالمادة الرئيسية فيها ما زالت السياسة حتى الآن، وهو ما يجعل أكثر مستمعيها من الرجال الباحثين عن أخبار جديدة وتطورات لمجريات الأحداث في بلدهم، خاصة وأن كثيراً من هذه الإذاعات تتبع أحزاباً وجهات سياسية".
ويُبيّن أنّه "في نفس الوقت، هناك إذاعات منوعة انتشرت خلال السنوات الأخيرة تقدم مضموناً منوعاً بين الأغاني والبرامج الاجتماعية، إلا أنه يوصف أحياناً بالسطحية والبعد عن مشاكل الواقع وأعتقد أن تفاعل العراقيين مع السياسة قد تراجع في السنوات الأخيرة بسبب ما يمكن وصفه بالملل واليأس من التغيير. لذا فإن كثيراً من الإذاعات ربما تعدل من محتواها وتطور برامجها لتناسب الأذواق الجديدة والطلب المتزايد على المواضيع الاجتماعية والفنية والمنوعة، سواء من الرجال أو النساء".
ويصنّف الصحافي أحمد الحاج، في حديثه لـ"العربي الجديد"، جمهور الإذاعة بحسب برامجها. ويقول "الحقيقة أنّ الإذاعة شبه مختفية منزلياً بسبب "يوتيوب" ووسائل الاتصال والتواصل الحديثة وأغلب من يستمعون لها هم من فئة "سائقي التاكسي والباصات الكبيرة والصغيرة"، وبقية وسائل النقل الأخرى وكل واحد منهم متبرمج على إذاعة بعينها يراها ملبية لذائقته السمعية ولخلفياته العقائدية". ويضيف "البعض من العراقيين يستمعون لإذاعة دار السلام وإذاعة القرآن الكريم التي تبث من الوقف السني لغرض الاستماع الى القرآن والابتهالات والأناشيد الدينية، والبعض الآخر يستمع لمحطات تهتم بالشعائر الحسينية وغيرها، أما الصنف الثالث يستمعون لإذاعة "أف أم" التي تبث الغناء والرقص؛ ونادراً ما يتابع أي منهم إذاعات مهمة مثل "بي بي سي"، وبقية المحطات الإخبارية". وينوه الحاج إلى أنّ "المواضيع السياسية والأمنية تجذب المستمعين، والرجال هم من يشاركون فيها أكثر من النساء. ويشير إلى أنّ "المشاركة وإن كانت أغلبها للرجال إلا أنها تكون حسب نوع الموضوع المطروح، فبرامج الفتاوى الدينية المباشرة تشترك فيها النساء والرجال على السواء".
تقول الصحافية رواء الرحماني، وهي مقدمة ومعدة برامج إذاعية، لـ"العربي الجديد"، "من خلال عملي في "راديو ديالى أف أم"، يمكن القول إن الرجال هم أكثر الفئات تواصلاً عبر الاتصال المباشر باستخدام المكالمات الهاتفية، بينما النساء لاحظنا أنهنّ يفضّلن استخدام المشاركة ببرامج الإذاعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وباقي التطبيقات. وبشكل عام هذا يجعلهم متساوين من حيث المبدأ بالمشاركة، ولكن باختلاف بسيط في اختيار وسيلة التواصل". وترى أنّ "الإذاعة ليومنا هذا منبر تثقيفي وتعليمي واسع المدى والأكثر سهولة للإقناع والتأثير، لأنه يتعامل مع كل أطياف الناس ويتعاطى معهم دون المساس بأعمالهم أو التأثير عليها، فما عليهم سوى تشغيل الراديو والاستماع بينما يمارسون أعمالهم اليومية، بمعنى عملية تلقين لمعلومة سهلة الحفظ".
وتضيف "الاستماع للراديو لا يزال بخير وخصوصاً بوجود تطبيقات الراديو في الهواتف النقالة وراديو السيارات. هناك فئات متنوعة ممن يستمع للراديو، وعموماً وجود محطة بث واضحة وبرامج مسلية هي الجاذب للمستمع، وعادة ما تكون البرامج المنوعة ذات النكهة الممتعة والمعلومة المتجددة هي الأكثر استقطاباً للمستمعين".
بحسب آخر إحصاء غير رسمي، توجد في العراق نحو 90 محطة إذاعية تبث غالبيتها على موجة "أف أم". ونحو 30 محطة منها يصل مداها إلى عموم مدن العراق والأخرى محطات محلية تهتم بشؤون المدن أو المحافظات الموجودة فيها، ويديرها صحافيون محليون بدعم منظمات محلية أو الحكومات في تلك المدن وتهتم بالشأن المحلي الداخلي لتلك المدن وإيصال التعليمات والتبليغات المهمة للسكان.
وتعد "إذاعة بغداد" التي انطلق بثها في الأول من شهر يوليو/تموز من عام 1936 ثاني إذاعة عربية رسمية بعد "إذاعة القاهرة" التي تأسست عام 1934. وقد تطورت في منتصف الأربعينيات، فأصبح اسمها دار الإذاعة السلكية واللاسلكية. وفي خمسينيات القرن الماضي سُميت بدار الإذاعة العراقية، ثم غيرت تسميتها بعد عام 1958 لتصبح إذاعة الجمهورية العراقية من بغداد، ثم تغير اسمها في التسعينيات إلى "إذاعة جمهورية العراق من بغداد".
يرى الصحافي مهند النعيمي أنّ الراديو لم يعد له وجود كما في السابق داخل العراق. ويقول في حديثٍ لـ"العربي الجديد": "كان الراديو أو المذياع من المقتنيات الأساسية للبيت العراقي، ويكاد لا يخلو بيت منه، وكان له مكانه وحيزه، بسبب كبره، وشكله، وتطابقه مع أثاث المنزل. أذكر في بيت العائلة الكبير كان لنا راديو عليه زهرية، ويخرج سلك مرتبط إلى أعلى يعمل دور الهوائي أو الكابل. فقد كانت للسابقين مجالس مع الراديو، ولا سيما عند نقل حفل كوكب الشرق أم كلثوم، من إذاعة صوت العرب من القاهرة الذي يوافق أول خميس من رأس كل شهر، وكانت الأسر تتحلق حول الراديو، فيما تحلق أرواحها مع جمال الصوت، واللحن، والكلمة... ويبدو أن ذاك الجيل له خصوصية تناسب الذائقة والرغبة في التأمل، والبقاء ساعات في سكون للسماع، من دون أن يرى سوى مخيلته، فلا صور، ولا محسنات صوتية، ولا كليبات".
ويعتبر أن "الراديو يمثل المحرك الذي يشكله اليوم فيسبوك. فمن خلاله ينزل الشعب إلى الشارع، لذا كانت الدبابات الحكومية تحيط بمقر الإذاعة، لأنها تعد أحد أهداف الثوار أو الحركات الانقلابية، كان الراديو، تقصدت على ذكره بصيغة الماضي، لأنه لم يبقَ له وجود في الحاضر، نتيجة المتغيرات التقنية. وما نشاهده في بعض البيوت الفارهة، إنما يمثل ديكوراً من الإرث الماضي، أو من واجهة فلكلورية، وأؤكد الفارهة، لأن المنازل تقلصت بفعل أزمة السكن، وأصبح الراديو شيئاً زائداً عن حاجة البيت الصغير، وبالتالي لا مكان له فيه".
ويضيف "الكثير من وسائل الاتصال الجماهيري، ستجد طريقها إلى الأفول، ربما التلفاز، والصحافة الورقية، سيلتحقان بالراديو، أمام مواقع التواصل الاجتماعي، كما سيضيع أثر الصحافة الملتزمة، في ظل عصر الكتابة المفتوحة من دون ضوابط، وأحكام، ولغة، ورقيب، وصوت إذاعي متميز". ويتابع أنّ "الراديو ابن مرحلة مضت وانتهت، وبرامجها لم تعد تجذب السيدات، كما هي برامج الأمس لذا فإن أغلب المستمعين للإذاعة اليوم من الرجال لحكم قيادتهم السيارة يومياً أو تنقلهم إلى عملهم عبر الباصات التي غالباً ما تشغل الراديو".
إلا أن الصحافي مروان الجبوري، من جهته، يرى أنّ "الراديو ما زال صامداً". ويقول لـ"العربي الجديد": "اعتقد الكثيرون أن الراديو سينقرض بظهور التلفاز، لكنّ ذلك لم يحصل. بل استمرت الإذاعة في عملها لكن وظائفها ومضامينها تغيرت، وفيما يتعلق بالإذاعات العراقية فالمادة الرئيسية فيها ما زالت السياسة حتى الآن، وهو ما يجعل أكثر مستمعيها من الرجال الباحثين عن أخبار جديدة وتطورات لمجريات الأحداث في بلدهم، خاصة وأن كثيراً من هذه الإذاعات تتبع أحزاباً وجهات سياسية".
ويُبيّن أنّه "في نفس الوقت، هناك إذاعات منوعة انتشرت خلال السنوات الأخيرة تقدم مضموناً منوعاً بين الأغاني والبرامج الاجتماعية، إلا أنه يوصف أحياناً بالسطحية والبعد عن مشاكل الواقع وأعتقد أن تفاعل العراقيين مع السياسة قد تراجع في السنوات الأخيرة بسبب ما يمكن وصفه بالملل واليأس من التغيير. لذا فإن كثيراً من الإذاعات ربما تعدل من محتواها وتطور برامجها لتناسب الأذواق الجديدة والطلب المتزايد على المواضيع الاجتماعية والفنية والمنوعة، سواء من الرجال أو النساء".
ويصنّف الصحافي أحمد الحاج، في حديثه لـ"العربي الجديد"، جمهور الإذاعة بحسب برامجها. ويقول "الحقيقة أنّ الإذاعة شبه مختفية منزلياً بسبب "يوتيوب" ووسائل الاتصال والتواصل الحديثة وأغلب من يستمعون لها هم من فئة "سائقي التاكسي والباصات الكبيرة والصغيرة"، وبقية وسائل النقل الأخرى وكل واحد منهم متبرمج على إذاعة بعينها يراها ملبية لذائقته السمعية ولخلفياته العقائدية". ويضيف "البعض من العراقيين يستمعون لإذاعة دار السلام وإذاعة القرآن الكريم التي تبث من الوقف السني لغرض الاستماع الى القرآن والابتهالات والأناشيد الدينية، والبعض الآخر يستمع لمحطات تهتم بالشعائر الحسينية وغيرها، أما الصنف الثالث يستمعون لإذاعة "أف أم" التي تبث الغناء والرقص؛ ونادراً ما يتابع أي منهم إذاعات مهمة مثل "بي بي سي"، وبقية المحطات الإخبارية". وينوه الحاج إلى أنّ "المواضيع السياسية والأمنية تجذب المستمعين، والرجال هم من يشاركون فيها أكثر من النساء. ويشير إلى أنّ "المشاركة وإن كانت أغلبها للرجال إلا أنها تكون حسب نوع الموضوع المطروح، فبرامج الفتاوى الدينية المباشرة تشترك فيها النساء والرجال على السواء".