ذكرى اقتحام النقابة: مصر من الأسوأ في حرية الصحافة

01 مايو 2017
يضرب نظام السيسي بالقوانين عرض الحائط (العربي الجديد)
+ الخط -
تحل الذكرى الأولى، لاقتحام نقابة الصحافيين المصرية، اليوم الاثنين، وقد خسر الصحافيون معركة جديدة أمام النظام المصري، بعدما تمت إحالة النقيب السابق وعضوي مجلس النقابة السابقين، للمحاكمة، وبعدما حل مجلس جديد موالٍ للسلطة، برئاسة عضو الحزب الوطني المنحل، سابقاً، عبد المحسن سلامة.

وكانت قوات الأمن قد اقتحمت مقر نقابة الصحافيين يوم 1 مايو/أيار 2016، للقبض على الصحافيين المصريين، عمرو بدر ومحمود السقا، على خلفية كتاباتهما الصحافية ومواقفهما السياسية من رفض تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير، لصالح السعودية في الثامن من أبريل/نيسان 2016.

وتطورت الأزمة، بدعوة مجلس نقابة الصحافيين لاجتماع جمعية عمومية طارئ، شارك فيه آلاف الصحافيين، ورفعوا مطالبهم وهي اعتذار من الرئاسة، وإقالة وزير الداخلية، والإفراج عن الصحافيين المعتقلين وغيرها من المطالب التي أصر عليها الصحافيون الغاضبون، فيما لم تلتزم بها المؤسسات الصحافية إلا بضعة أيام، بعد ممارسة ضغوط عليها من قبل رجال الأعمال المالكين لها والحكومة.

ثم تفاقم الأمر بإحالة نقيب الصحافيين يحيى قلاش، وعضوي مجلس النقابة، جمال عبد الرحيم وخالد البلشي للمحاكمة، بتهمة إيواء مطلوبين للعدالة، وصدر حكم من الدرجة الأولى بالسجن المشدد عامين وكفالة 10 آلاف جنيه لكل منهم في الثالث والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي.

ولم تقف خسائر الصحافيين عن هذا الحد فقط، فقد دفع الصحافيون أثماناً أخرى، عندما حلت
مصر على رأس "القائمة السوداء"، التي أعدتها منظمة "مراسلون بلا حدود"، لحرية الصحافة في الدول وهي القائمة التي تضمن الدول التي يُعتبر فيها وضع الصحافة "خطيراً للغاية".
وتراجعت مصر من المرتبة 159 إلى المرتبة 161 من بين 180 دولة على مستوى العالم في حرية الصحافة لعام 2017.

وأكد تقرير "مراسلون بلا حدود" أن مصر أصبحت ضمن 21 دولة على مستوى العالم، تعد الأسوأ في حرية الصحافة وتأتي على رأس القائمة السوداء التي أعدتها المنظمة بشأن حرية الصحافة.

وعلق الباحث الحقوقي بالمرصد العربي لحرية الإعلام، أحمد أبو زيد قائلاً إنه لا شك أن تراجع ترتيب مصر في تقرير مراسلون بلا حدود مرده إلى تحول مصر إلى أحد البيئات المعادية لحرية الصحافة على مجموعة مستويات، أبرزها "توسع السلطة في هجماتها على حرية الصحافة باستهداف رموز صحافية كنقيب الصحافيين وسكرتير عام النقابة ووكيلها".

وأضاف الباحث الحقوقي، أن كون مصر بيئة معادية لحرية الصحافة، يظهر جليا أيضا في
"ملاحقة مئات الصحافيين على خلفية ممارساتهم المهنية، حتى بات أكثر من 98 صحافيا وإعلاميا قيد الاحتجاز المستمر فيما تم توقيف قرابة 350 صحافيا خلال فترة حكم الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، هذا فضلا عن خلق بيئة معادية للصحافة عبر تحريض إعلام النظام على الصحافيين".

وبحسب آخر تقرير صادر عن لجنة الحريات بنقابة الصحافيين، يقبع أكثر من 27 صحافيا في الحبس، في قضايا متنوعة. وبحسب التقرير ذاته، تمت إحالة ثمانية صحافيين لمحكمة الجنايات بسبب ممارستهم لعملهم، بسبب بلاغات من وزير العدل المٌقال، أحمد الزند.

أما الأرقام غير الرسمية، الصادرة عن منظمات حقوقية مصرية، فتشير إلى أن هناك 64 صحافياً وصحافية ألقي القبض عليهم وقضوا فترات في الحبس، بحسب توثيق الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، التي ضمنت في حصرها جميع العاملين في الصحافة والإعلام من نقابيين وغير نقابيين. ويرتفع الرقم كثيرًا، بحسب حصر المرصد المصري للحقوق والحريات، الذي وثق اعتقال 92 صحافياً ما زال منهم 67 في السجون حتى اليوم.

ويعتبر عدد الصحافيين في السجون المصرية هو الأعلى على الإطلاق منذ العام 1990، بحسب تقرير لـ"اللجنة الدولية لحماية الصحافيين" الصادر في يونيو/حزيران الماضي.

أما المستوى الثاني الذي أدى لتراجع ترتيب مصر في تقرير منظمة مراسلون بلا حدود،
بحسب أبو زيد، فهو "تقنين الانتهاكات ضد الصحافيين عبر التوسع في إصدار تشريعات تجرم الممارسة المهنية وتمنع الوصول للحقيقة، وتخضع الهيئات المعنية بتنظيم المهنة إلى السلطة التنفيذية بصوره أكبر حتى يفقد تنظيم المهنة استقلاله ويصبح أكثر انصياعا لرغبات السلطة"، مستشهدا بما حدث في تشريعات قانون الإرهاب، وقانون الهيئات الإعلامية، ومناقشات قوانين الصحافة وتنظيم الإنترنت".

ووصف الباحث الحقوقي العام بـ"زمن منظومة تشريعية تضيق المجال العام وتؤمن مؤسسات المجتمع المدني لصالح السلطة".

أما المستوى الثالث والأخير، من الممارسات التي أدت لتراجع مصر في تقرير منظمة مراسلون بلا حدود، بحسب الباحث الحقوقي، فهو أمر راجع للصحافيين أنفسهم، مفسرا "تدنت الممارسة المهنية وتراجعت إلى مستويات قياسية، فصارت الصحافة أداة من أدوات العلاقات العامة بيد النظام تقدم معالجات تبريرية وتسويقية لسياساته ولا تعرض المشكلات الحقيقية رغبة ورهبة، وهو ما أدى إلى تراجع مؤشرات حرية النشر وتنامت حالات المنع من الكتابة وغلق منابر التأثير وملاحقة نجوم الإعلام الذين يكسرون الخطوط الحمراء المتدنية حتى بات نقد أصغر موظف عام مدعاة الحبس والملاحقة".

وبحسب تقرير "مراسلون بلا حدود"، فإن المصور الصحافي محمود أبو زيد، المعروف باسم "شوكان"، لا يزال قيد الاعتقال التعسفي منذ ثلاث سنوات، لا لشيء سوى لأنه غطى التدخل الأمني الدموي لتفرقة اعتصام نظمته جماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبرها السلطات المحلية منظمة إرهابية. وفي سياق متصل، لا يزال الصحافي المستقل إسماعيل الإسكندراني يقف وراء القضبان منذ اعتقاله في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 رغم صدور حكم يقضي بالإفراج عنه في نوفمبر/تشرين الثاني 2016.

وأضاف التقرير "في عهد السيسي الذي يُحكم سيطرته على سدة الحكم بقبضة من حديد، يضرب النظام المصري بالقوانين عرض الحائط غير آبه بالانتقادات بتاتاً، حيث يضيق الخناق على الفضاء العام ويحاول بكل وقاحة الإجهاز على التعددية الإعلامية، موجهاً سياطه على نقابة الصحافيين بينما يدفع الفاعلين الإعلاميين باستمرار نحو هاوية الرقابة الذاتية".




المساهمون