صُدمت الصحافية الفلسطينية، ريم أبو حصيرة، أخيراً بحذف حسابها على موقع "فيسبوك" نهائياً، برغم عدم ارتكابها أي مخالفات تتعارض مع سياسة الموقع العامة.
وحساب أبو حصيرة ليس الوحيد. إذ حذف موقع "فيسبوك" مئات الحسابات الشخصية لناشطين فلسطينيين، معظمهم من المؤثرين سواء إعلاميين أو مسؤولين فلسطينيين حكوميين وقيادات وناطقين بأسماء فصائل، فضلاً عن صفحات لمؤسسات إعلامية أو عامة يتابعها آلاف الفلسطينيين.
وعلى الرغم من تحجج "فيسبوك" بأن ملايين الحسابات المحذوفة "وهمية"، إلا أن الفلسطينيين قالوا إن هذه الخطوة تتساوى مع محاولات الاحتلال الإسرائيلي إخراس الصوت الفلسطيني على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أن عددًا كبيرًا من هذه الحسابات تعود إلى سنوات تأسيس الموقع الأولى وتضم عدداً كبيراً من المتابعين.
وقد رصد مركز "صدى سوشال" 24 انتهاكاً ضد الصفحات والحسابات الفلسطينية خلال شهر إبريل/نيسان الماضي، وتركزت تلك الانتهاكات على موقعي "فيسبوك" و"إنستغرام"، وشملت الحذف والحظر وإلغاء النشر.
وقالت أبو حصيرة لـ "العربي الجديد" إنها فوجئت بحذف حسابها الذي يتابعه أكثر من 18 ألف شخص، بطريقة مفاجئة ومن دون أي أسباب، فضلاً عن عدم تقديم أية تفاصيل أو إيضاحات متعلقة بدوافع الحذف.
وأوضحت أن تذرع فيسبوك بكون هذه الحسابات زائفة يتنافى مع حقيقة أن الكثير من هذه الحسابات لديها عشرات الآلاف التي تتابعها على مدار سنوات، وتندرج ضمن محاولات ملاحقة المحتوى الفلسطيني.
إذ إن "فيسبوك" تحول بالنسبة للفلسطينيين إلى جهة رقابية تخدم مصالح الاحتلال الإسرائيلي عبر حذف الحسابات والصفحات والمنشورات، وبات موقع التواصل الاجتماعي وكأنه لا يريد للصحافيين والمؤثرين أن ينقلوا الحقيقة لمتابعيهم، كما رأت أبو حصيرة.
ودعت أبو حصيرة إلى ضرورة إطلاق تحرك من قبل المؤسسات الحقوقية والإعلامية إلى جانب الإعلاميين والمؤثرين العرب، للضغط على شركة "فيسبوك" كي توقف ملاحقة المحتوى الفلسطيني.
من جهة ثانية، رصدت إحصائية صادرة عن "حملة المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي" وجود منشور تحريضي إسرائيلي كل 66 ثانية عبر "فيسبوك" خلال 2018، مقارنة بمنشور كل 71 ثانية خلال 2017.
ووفقاً للإحصائية، فإن عدد المنشورات التي تضمّنت دعوة لممارسة العنف وتعميم عنصريّ وشتائم ضد الفلسطينيّين في 2018 كان 474250 منشورا مقارنة بـ 445 ألفا خلال 2017، إلى جانب أن 1 من أصل 10 منشورات عن العرب تحتوي على شتيمة أو دعوة لممارسة العنف ضد الفلسطينيّين.
وقال المختص في شؤون مواقع التواصل الاجتماعي، محمد عوض، إن "فيسبوك" يلاحق المحتوى الفلسطيني منذ فترة طويلة، إلا أن هذه الممارسات تشهد ارتفاعاً كبيراً أخيراً، تزامناً مع التمهيد للإعلان عن خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية، المعروفة بـ"صفقة القرن".
وأوضح عوض لـ "العربي الجديد" أن إعلان فيسبوك عن حذف ملياري حساب وهمي تحت مزاعم أنها مزيفة لا يتوافق مع حذف مئات الحسابات الفلسطينية، وتحديداً في غزة. ورأى أن "فيسبوك" تحول إلى منصة غير حرة مقارنة بفترات سابقة كان بالنسبة للمشتركين فيه مساحة لفضاء حر لقول الرأي.
وعن آلية التعامل مع حذف الحسابات، أوضح أن الحل إما بمحاولة مخاطبة "فيسبوك" لتحقيق هويتهم أو التوجه نحو إنشاء حسابات جديدة مع مراعاة الحذر.
يذكر أنه خلال عام 2018 رصد مختصون في مجال مواقع التواصل الاجتماعي قيام "فيسبوك" بنحو 370 انتهاكًا بحق المحتوى الفلسطيني، وهي النسبة الأعلى بين مواقع التواصل الأخرى، علماً أنه المنصة الأكثر انتشاراً بين الفلسطينيين.
وتنوعت الانتهاكات بين حذف الحسابات الشخصية بشكلٍ نهائي إلى جانب تعطيل الحسابات ووقف نشر المنشورات لفترات متفاوتة، وحذف الصفحات التابعة للمؤسسات الصحافية والإعلامية والعامة، وهو ما يلحق ضرراً كبيراً بمالكي هذه الحسابات.