تصدّر خبر اغتيال
قائد فيلق "القدس" في الحرس الثوري الإيراني،
قاسم سليماني، الصفحات الأولى للصحف الأميركية الصادرة اليوم. وإن كانت الطبعة الورقية للصحف اكتفت بالجانب الخبري، فإن تغطية المواقع توسّعت بشكل كبير، لتسلّط الضوء على دور سليماني في سورية والعراق ولبنان، وإلى التداعيات المتوقعة لهذا الاغتيال.
"نيويورك تايمز" في
تغيطتها الرئيسية كتبت أنّ "الجنرال سليماني هندَس كل عملية مهمة تقريبًا قامت بها المخابرات والقوات العسكرية الإيرانية طيلة العقدين الماضيين. وتُشكّل وفاته ضربة قوية بالنسبة لإيران، في الوقت الذي يتوسّع فيه الصراع الجيوسياسي"، مشيرة في التقرير نفسه إلى أنّ "الضربة كانت أيضًا تصعيدًا خطيرًا في مواجهة (رئيس الجمهورية الأميركية دونالد ترامب) مع طهران، والتي بدأت بوفاة مقاول أميركي في العراق في أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي".
وسلّطت الصحيفة الضوء كذلك على انقسام الكونغرس الأميركي إزاء الضربة، من خلال نقل تصريح رئيسة مجلس النواب الأميركي
نانسي بيلوسي، التي قالت إن الاغتيال تمّ من دون موافقة الكونغرس. كما نقلت موقف النائب الديمقراطي والمسؤول السابق عن ملف العراق في مجلس الأمن القومي خلال ولاية الرئيس السابق باراك أوباما، الذي قال إن "هذا السيناريو بالذات هو ما فكرنا فيه لسنوات، ويمكن أن يؤدي إلى نوع من العنف والفوضى التي كنا نحاول بشدة الابتعاد عنها". وفي تقريرها الثالث نشرت الصحيفة بورتريه عن سليماني، فصّلت فيه علاقاته ونقاط قوّته، وقربه من آية الله علي خامنئي.
بورتريه شبيه ومفصّل نشرته صحيفة
"واشنطن بوست" بعنوان "سليماني: من كان القائد العسكري الإيراني القوي؟" فنّدت فيها الصورة الأسطورية التي رافقت مسيرته عند مؤيدي السياسة الإيرانية في المنطقة، مذكّرة بتشبيهه في أكثر من مرة بكارلا، الجاسوس السوفييتي الخيالي الذي كان بطل روايات الكاتب البريطاني جون لو كاريه، عن الحرب الباردة. واستعادت الصحيفة البيئة الفقيرة التي جاء منها سليماني ملتحقاً بالحرس الثوري، "ليحمي الثورة الإسلامية". كما نقلت "واشنطن بوست" ردود الأفعال من خلال مراسليها في بغداد وبيروت والولايات المتحدة، متوقعة تصعيداً خطيراً في المواجهة الأميركية ـ الإيرانية.
مجلة
"تايم" عنونت تغطيتها مستخدمة كلمات خامنئي "انتقام قاسٍ ينتظر (قاتلي سليماني)". ورفضت المجلة تشبيه اغتيال سليماني، بعمليات أميركية أخرى مثل قتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، أو قتل زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، نظراً إلى أن "سليماني الوجه الأكثر شعبية للحكومة الإيرانية وهو أمر نادر الحدوث".
من جهتها لوّحت "فايننشال تايمز" البريطانية إلى إمكانية نشوب حرب أميركية ـ إيرانية راصدة كل ردود الفعل على عملية الاغتيال. وقد أشارت في تقريرها إلى أن "التوتر الأميركي ـ الإيراني كان قد بدأ يتراجع الأسابيع الأخيرة، قبل أن تتهم واشنطن الشهر الماضي المليشيات التي تدعمها إيران بإطلاق صواريخ على قاعدة في العراق تضم جنودًا أميركيين، ما أسفر عن مقتل مقاول مدني أميركي. وشنت أميركا نتيجة ذلك غارات جوية على كتائب حزب الله، وهي مليشيا عراقية موالية لإيران، مما أسفر عن مقتل 25 من مقاتليها وهو ما أدى بدوره إلى هجوم انتقامي يوم الثلاثاء على السفارة الأميركية في بغداد".
"فورين بوليسي" بدورها، وإلى جانب تغطيتها العامة للتطورات الخبرية والتصريحات، أعادت نشر مقالة سابقة عن سليماني بعنوان "محرّك الدمى الإيرانية القاتلة"، كتبها قائد العمليات الأميركية الخاصة في العراق ستانيل ماكريستال. في مقالته يتذكر هذا الأخير ما حصل عام 2007 فيقول: "في عام 2007 ، شاهدت سلسلة من السيارات تمر من إيران إلى شماي العراق (...) في تلك الليلة من يناير/كانون الثاني، كان الخيار صعبًا بشكل خاص: هل ينبغي مهاجمة قافلة تضم قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في إيران؟". ويكمل شارحاً: "كان هناك سبب وجيه للقضاء على سليماني. في ذلك الوقت، كانت القنابل الإيرانية المزروعة على الطريق تودي بحياة القوات الأميركية في جميع أنحاء العراق. ولكن، لتفادي تبادل إطلاق النار، قررت أن نراقب القافلة، وليس ضربها على الفور. عندما وصلت القافلة إلى أربيل، كان سليماني قد اختفى". ويسرد باقي المقال طريقة سليماني في إدارة معاركه، ونجاحه في تحقيق أهدافه، بسبب "موهبته وبقائه في موقع القوة".